حسب الخطة “ب” الإيرانية.. أمن الأردن في مرمى عمليات “داعش”
مرصد مينا – هيئة التحرير
يلقي خبر اكتشاف السلطات الأمنية الأردنية لخلية إرهابية تابعة لداعش، بظلاله على الإعلام الأردني، وسط تساؤلات عن هوية أصحاب المصلحة في تفجير التوتر على الأرض الأردنية، وهو ما يجيب عنه مصدر أدرني خاص بمرصد مينا، بالإشارة بأصابع الاتهام إلى إيران، منطلقاً في تقييمه من تزايد نشاط التنظيم في المنطقة عموماً، بالتزامن مع تضييق الخناق على أذرع إيران التقليدية في لبنان والعراق وسوريا على حد قوله.
وكان الأردن قد أعلن مؤخراً عن إلقاء القبض على خلية تابعة لتنظيم “داعش”، كانت تخطط لشن عمليات إرهابية في مدينة إربد الحدودية مع سوريا.
مشروع الفوضى الخلاقة وخطة “ب”
في سياق تناوله للمصلحة الإيرانية بتوتر الأوضاع في الأردن، يكشف المصدر إلى أن الخلية المضبوطة لم تكن تخطط فقط لضرب إربد فقط، وإنما كان مشروعها يتضمن عدة عمليات تمتد من شمال الأردن وصولاً إلى سيناء شرق مصر، مضيفاً: “هذا الامتداد يعني أن الاعتداءات التي كانت الخلية تنوي تنفيذها هي جزء من مشروع الفوضى الخلاقة، التي تتبناها إيران في المنطقة ككل، لا سيما وأن التنظيم عاد لينشط في كل من سوريا والعراق المحاذيتين للأردن”.
ويأتي ذلك، بالتزامن مع تأكيد النقيب السابق في الأمن العراقي، “محمد فوزي اللامي”، ارتباط “داعش” بالمخابرات الإيرانية، متهماً الحرس الثوري الإيراني و”نوري المالكي”، والقيادي في الميليشيات العراقية، “هادي العامري”، بالتورط في إدخال “داعش” إلى الموصل وسيطرتها على ثلث مساحة العراق.
كما يذهب المصدر في اتهامه لإيران بالمسؤولية عن التحركات “الداعشية” في الأردن، إلى أن النظام الإيراني بسبب تضييق الخناق على ميليشياته التقليدية في العراق ولبنان، اتجه إلى الخطة “ب” بتفجير الأوضاع في المنطقة من خلال عمليات “داعش”، لافتاً إلى العلاقات، التي تجمع بين قيادات التنظيم والنظام الإيراني، كونه حوّل إيران إلى جسر عبور تلك القيادات من أفغانستان إلى الشرق الأوسط.
وسبق للناشط الإيراني المعارض، الذي اختار لنفسه اسم “محمد هدايتي”، أن أكد في تصريحات لمرصد مينا، على انتشار مجموعة ما يسمى “معسكرات الترحيل” على الأراضي الإيرانية، والتي يتم فيها تجميع مقاتلي “داعش”، قبل ترحيلهم إلى دول المنطقة، كما تحولت إيران إلى ملجأ لقيادات تنظيم القاعدة بعد انهيار حكم طالبان في أفغانستان، والتي كانت من بينها، نجل قائد التنظيم السابق، “حمزة بن لادن” الذي قتل في غارة أمريكية استهدفت في إيران.
من جهة أخرى، يؤكد المصدر أن تزايد النشاط “الداعشي” في الأردن، بات يمثل مصلحة استراتيجية كبرى بالنسبة لإيران، خاصةً مع وجود عدد كبير من القواعد الأمريكية، بالإضافة إلى رغبة طهران بتوتير الحدود الشمالية للملكة العربية السعودية، التي تعتبرها إيران الخصم الأول لها في المنطقة، مشدداً على دور إيران في ظهور التنظيم في المنطقة.
وكان قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني، “علي حاجي زادة”، قد هدد الأردن بشكل مباشر في حال عدم إخراجها للقوات الأمريكية من أراضيها، كما سبق لقائد الجيش الأردني السابق، “محمود فريحات” أن حذر من خطورة الحزام الإيراني، بالتزامن مع أحداث الكرك، التي شنت خلالها خلية “داعشية” هجوما على مركز أمني، أسفر عن مقتل سبعة من رجال الأمن، وسائحة أجنبية.
مواقف عروبية وتصعيد عام
تقارب الحكومة الأردنية من المحور العربي، يشكل أيضاً بحسب المصدر، واحداً من أهم العوامل، التي تدفع إيران إلى تأزيم الوضع أكثر على الساحة الداخلية الأردنية، لافتاً إلى أن النظام في طهران يعتبر الأردن جزءاً من المنظومة المعادية له، خاصةً بعد مواقفه من قضية الجزر الإماراتية المحتلة والاعتداءات على السعودية، ورفضه لأي شكل من أشكال التقارب مع المحور الإيراني، ودعمه للعراق في حرب الثمان سنوات مع إيران.
وكان العاهل الأردني، الملك “عبد الله الثاني” قد حذر في العام 2004 من ما أسمّاه بـ”الهلال الشيعي”، الذي يضم سوريا والعراق ولبنان وإيران، كما اتهم لاحقاً إيران بدعم ميليشيات مسلحة وإقحام الدين في الخلافات السياسية وتأجيج الصراعات في المنطقة.
في السياق ذاته، يشير الكاتب والمحل السياسي، “طارق دليواني” إلى أن سياسة الحكومة الأردني كانت واضحة بميلها إلى المعسكر العربي والخليجي، وأن عمان لن تقيم أي علاقات مع إيران على حساب الحقوق والمصالح العربية.
وكشف استطلاع رأي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجيَّة في العام 2010، أن 54 في المئة من الشعب الأردني يرون في إيران تهديداً لأمن بلدهم القومي.
الحديث عن الوضع الأمني في الأردن بشكل عام، يرتبط من وجهة نظر الكاتبة الأردنية، الدكتورة “ميساء المصري” بعمق التصعيد المتتابع بين واشنطن وطهران، لافتةً إلى أن ذلك التصعيد يزداد لحظة بلحظة بعد اغتيال “قاسم سليماني”، لا سيما مع التهديدات المتلاحقة من كل الأطراف، والتي بلا شك ستلقي بظلالها على المشهد الأردني، على حد قولها.
إلى جانب ذلك، تذهب “المصري” إلى التأكيد على ضرورة التنبه أردنياً، إلى إمكانية وجود عمليات مخابراتية خارجية تتم هندستها ضد الأردن، تحديداً مع تحول قاعدة “موفق السلطي”، التي تضم 3000 جندي أمريكي، إلى هدف من بين بنك أهداف حددتها إيران في الأردن.
وكان الأمن الأردني قد اعتقل العام 2015، مواطن عراقي بتهمة العمل لحساب الحرس الثوري الإيراني والاشتباه في تخطيطه لأعمال إرهابية على أرض الأردن.
فشل السياسة الناعمة
الحديث عن توجه إيران إلى تأزيم وتقويض الأمن في الأردن، يرتبط بنقطتين كما يرى المصدر الخاص، الأولى هي محاولة تصدير الأزمة الداخلية، وتقويض أمن المنطقة ككل، بهدف إرسال رسالة إلى المجتمع الدولي، مفادها أن لا سلام في المنطقة دون إيران، وأن الضغط المتزايد على النظام الإيراني قد يفجر الأوضاع في الشرق الأوسط عموماً.
أما النقطة الثانية، فيشير المصدر إلى أنها مرتبطة بفشل سياسة التدخل الناعمة، التي حاول النظام الإيراني اتباعها في الأردن، بطريقتين، الأولى عبر الإغراءات الاقتصادية، والثانية عبر التحالفات مع بعض التيارات السياسية الأردنية، في استنساخ للتجربة الإيرانية في سوريا.
وكان الأردن قد رفض مغريات اقتصادية إيرانية بمده بالنفط لمدة 30 عاماً مجاناً، مقابل بناء حسينية في منطقة مؤتة بحجة وجود طائفة شيعية يصل عددها إلى 300 شخص، والسماح بزيارة نصف مليون سائح إيراني للأماكن المقدسة للشّيعة داخل الأردن.
المصدر يوضح: “بالتزامن مع استغلال الأزمة الاقتصادية للأردن، تحرك النظام الإيراني سياسياً من خلال التحالف مع بعض القوى اليسارية والقومية تحت شعار المقاومة والقضية الفلسطينية، كما أنها استغلت في الوقت ذاته التقارب العقائدي مع جماعة الإخوان المسلمين الحركة الإسلامية، لخلق قاعدة سياسية أردنية ضاغطة على الحكومة لتحسين علاقتها مع إيران، الدخول أكثر إلى العمق الإيراني”.
وسبق للقائد السابق لفيلق القدس الإيراني، “قاسم سليماني” أن كشف عن علاقات لبلاده مع بعض التيارات السياسية في الأردن، لافتاً في ندوة عقدها بالعاصمة الإيرانية، طهران مطلع عام 2015 إلى أن بلاده لديها قدرة بلاده على تحريك الشارع الأردني ضد الحكومة والعائلة الحاكمة.