“حماس” بمواجهة نصف الباب المفتوح.. يعني نصفه لمغلق
ككل الحركات الإسلامية لابد وتنتهي “حماس” كما “الجهاد الإسلامي” إلى الرهانات الخاطئة، والنتائج الخاطئة، ومن بعدهما الحصاد القاتل، سيتبدّى الأمر اليوم من “غزل حماس” مع إيران، كبوابة للغزل مع النظام السوري، ولابد أنه “غزل” أعقب إجهاض آمال “الإسلاميين” بأن يكون “الربيع العربي” ربيعًا إسلامياً، وكانت “حماس” قد “ناصرت” حركات الربيع العربي، خصوصًا في سوريا، انطلاقًا من هذا الفهم وهذا الرهان، وقد قدّم فوز الإسلاميين بالسلطة في مصر، كما دعم هذا التيار من قبل قطر وتركيا أسبابًا لتركب “حماس” الموجة، ولابد أنها في توقيتها موجة شديدة الإغراء.
تلك الجزرة، ونعني فوز الإسلاميين في مصر، كانت قد قادت “حماس”، إلى الاعتقاد أنها ستتحول فلسطينيًا إلى الاستئثار بالسلطة على حساب “فتح”، مع الأخذ بالاعتبار أن “حماس” لم تكن قد حسمت موقفها من كونها “حركة وطنية فلسطينية” أم هي “حركة إسلامية أممية”، أم هي “سلطة مقاومة”.
البحر لم يأت على هوى الغطّاس، والهزائم التي لاقتها التيارات الإسلامية وخصوصًا في مصر، وانعكاس هذه الهزائم على كل من موقفي تركيا وقطر والتحولات التي طرأت على كل من سياسة البلدين، جعل الحركة عارية تمامًا، وجعلها تسارع للبحث عن غطاء عثرت عليه في الامتداد نحو “طهران” لتلقي ببضاعتها بالسفينة الإيرانية، ومن ثم في مغازلة النظام السوري باعتباره ضلعًا من أضلع إيران، وباعتباره بوابة نحو البوابة الإيرانية.
في المسألة حسابات لابد وأن المستقبل سيكشف أخطاءها بل وكارثيتها على المسألة الفلسطينية برمتها، كما على حركة حماس، أول ما لم تحسب له “حماس”، أن نظام الملالي سيتهاوى عاجلاً أم آجلاً، وسيتهاوي تحت صرخات الشارع الإيراني وثورته التي تتجدد كلما أمعن “الحرس الثوري” في عنفه، وكلما أطلق “خامنئي” مخيلته الفقهية، وكلما زاد قهر الناس وتجويعهم في إيران، فمركب الملالي لابد وسيكون المركب الغارق، والتحاق حماس بهذا المركب ستكون نتائجه وخيمة مرتين، مرة على “الحركة” وثانية على الشعب الفلسطيني برمته، والغارق لاينتشل غارقًا.
هذا عن الالتحاق بإيران، أما الالتحاق بالنظام السوري، فكل الوقائع والمؤشرات وبكل الحسابات، ما يقول بأن النظام السوري لا يمتلك حق الرفض، أو حق القبول، فقبول “حماس” في سوريا أو رفضها سيكون بيد “القوات الروسية” حصرًا، والمعلوم من بين مجاهيل كثيرة أن لروسيا خطوطها الممتدة مع إسرائيل، بل وشراكة كاملة على الأرض السورية، ولن يكون بوسع “الروس” فتح الطريق لحماس، وإغضاب الحكومة الإسرائيلية، ولهذا فبوابة دمشق مغلقة، وستبقى مغلقة، وإذا ما فتحت فستفتح بنصف فتحة، ونصف الباب المفتوح يعني نصفه المغلق.
علّة حماس، كما علل معظم التيارات الإسلامية، أنها تعوم على شبر ماء، وحين تغرق في شبر الماء هذا يبدأ صراخها.
ـ صراخ المظلومية والاستنجاد بـ “الله أكبر”.