fbpx

خان شيخون.. وبوابة الحسم في سوريا

مع زيادة حدة المواجهات بين النظام السوري المدعوم روسياً وفصائل المعارضة في مدينة إدلب شمال البلاد، يبدو أن الأمور تتجه أكثر نحو الحسم ليس في المدينة وحسب، وإنما بالنسبة للقضية السورية ككل، لاسيما وأنها آخر المعاقل التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة، ومن هنا تنبع جوانب أهمية كسب المعركة بالنسبة للطرفين.

بالنسبة للنظام، فإن السيطرة على إدلب تعتبر حسماً نهائياً للحرب الدائرة منذ ما يزيد عن سبع سنوات، واستعادة السيطرة على كامل مساحة البلاد، مما يفتح له المجال بحسب مراقبين لمحاولة إعادة انتاج نفسه على الساحة الدولية والإقليمية، في حين تنظر المعارضة إلى الاحتفاظ بالمدينة على أنه طوق نجاة يمنع عنها الانهيار وعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل العام 2011.

خان شيخون .. معركة بحجم الحرب

أمام هذا الواقع، وهذه الأهمية التي تمثلها المدينة، يتزايد الحديث في وسائل الإعلام عن مدينة خان شيخون في الريف الحنوبي لإدلب، والتي تعتبر بشكلٍ أو بآخر نقطة الحسم الرئيسية في تحديد هوية المنتصر، لاسيما وأنها البوابة الأكثر قرباً للسيطرة على كامل المنطقة، مما دفع النظام بحسب التقارير الصحفية لحشد عدد كبير من قواته استعداداً لاقتحامها.

من جتهه اعتبر المحلل العسكري العقيد فاتح حسون أن خطورة سيطرة قوات النظام على القطاع الجنوبي عموماً تكمن في تحكم النظام بالطريق الدولي “أم 5” وبالتالي تطويق مناطق سيطرة المعارضة وقطع الإمدادات عنها، مستبعداً في الوقت ذاته أن ينجح النظام في تلك المهمة في ظل كثافة تواجد قوى الثورة ونقطة المراقبة التركية في المنطقة.

كما لفت “حسون” إلى أن أهمية السيطرة على المدينة تأتي من رغبة النظام وحلفائه بتطويق مناطق ريف حماة كاللطامنة وكفر زيتا التي وجدت صعوبة كبيرة في اجتياحها وفشلت في ذلك عدة مرات، كما أنها تريد بذلك عزل نقطة المراقبة التركية الموجودة في مورك، بهدف تشكيل ضغط روسي على تركيا لإعادة النظر في انتشار قواتها وتمركزهم في منطقة خفض التصعيد بشكل عام، وبالتالي تستخدم كل من روسيا وإيران هذه الورقة الضاغطة، والتي تعتبر في نفس الوقت مصدر قوة للمنطقة، مضيفاً: “تركيا لا يمكن أن تسحب نقطة المراقبة كي لا يجر ذلك إلى نقاط أخرى، وبالتالي تتأثر المنطقة كلها، مما يؤدي لحدوث موجات نزوح كبيرة جدا تؤثر على تركيا وأمنها القومي، ويجعل الخطر يحدق بمناطق عمل درع الفرات وغصن الزيتون، بل وحتى المنطقة الآمنة المزمع إنشاؤها شرق الفرات”.

وبحسب “حسون” فإن معركة في خان شيخون لن تكون سهلة بالنسبة للنظام، وأن صعوبتها ترتبط بوجود عدة عوامل أهمها وحدة القرار لدى فصائل المعارضة تجاه العدوان، مشيراً إلى أن قدرة الأخيرة بالدفاع عن المدينة في الظروف الحالية تنبع من وجود تحصينات وخطوط دفاع متينة، بالإضافة إلى ما تتمتع به قوات المعارضة من قدرة على المناورة والحركة والثبات.

وأضاف “حسون”: “من الأمور التي لا يمكن تجاهلها أن مقابل الاستعدادات التي تقوم بها المعارضة يوجد غياب شبه كامل لقوات النظام، التي لولا القوات الإيرانية والقصف الروسي الذي لم يسبقه مثيل لم تتمكن من تحقيق أي تقدم ميداني”، متوقعاً أن تشهد المعارك تتدخلاً تركياً بشكل ظاهر كونها ترفض أي تقدم للنظام في المنطقة، ما يقلل بدوره أيضاً من فرصه في حسم المعركة.

تكاليف باهظة .. ومهمة أشبه بالمستحيلة

التشكيك بقدرة النظام على السيطرة على مدينة خان شيخون بالعمليات العسكرية لم يقتصر على المعارضين للنظام وإنما امتد حتى للأساط الروسية حيث اعتبر عدد من الباحثين الروس ومن بينهم خبير المجلس الروسي للشؤون الدولية “كيريل سيمونوف” أن الفرصة الوحيدة للتقدم في المدينة يكمن في حصل تفاهمات بين الجانب الروسي والتركي، مشيراً إلى أن العملية العسكرية قد تكلف قوات النظام ثمنا كبيرا.

ووفقاً لرأي “سيمونوف” فإن إسقاط المعارضة لطائرة تابعة للنظام وأسر الطيار تشير إلى صعوبة الموقف والحسم العسكري.

تحذيرات وكوارث تلوح في الأفق

المواقف الدولية حيال ما يحدث في إدلب لم تختلف كثيرا عن مثيلاتها في المعارك السابقة التي شهدتها البلاد خلال السنوات السابقة، حيث أتى آخر تعليق من فرنسا التي طالبت بوقف فوري للعمليات العسكرية في المدينة، منددةً بالاستهداف المباشر لمخيمات اللاجئين بشكل خاص، والذي أدى إلى سقوط عدد من المدنيين بين قتيل وجريح، في وقت حذرت فيه منظمات الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية من كارثة جديدة قد تضرب المدينة ومناطق القتال.

وكان من اللافت على الساحة الدولية إلغاء مجلس الأمن الدولي لجلسته الخاصة التي كانت مقررة اليوم لمناقشة الأوضاع في سوريا بسبب الحالة الصحية للمبعوث الأممي الخاص بسوريا “غير بيدرسون”، الأمر الذي اعتبره مراقبون عدم جدية من طرف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي باتخاذ أي خطوة لمنع الأحداث من التفاقم.

مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى