خفايا دولة الإخوان العميقة بالسودان
تتكشف التفاصيل الدموية أكثر فأكثر حول ممارسات تنظيم الإخوان المسلمين المتطرف في السودان، وفي كل خطوة تمضيها الحكومة المؤقتة نحو الاستقرار تخرج التفاصيل أكثر من الصندوق الأسود لهذه الجماعة، التي حاكت وحبكت مصير السودان ومستقبله لعقود مضت، كلفت الشعب الكثير من الخسائر التي قد لا تعوض بعقود مستقبلية.
حيث قال وزير الإعلام السوداني وهو الناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية “محمد صالح” في لقاء تلفزيوني أجري معه يوم الأحد؛ عبر قناة العربية: إن الدولة “الإخوانية” العميقة في السودان موجودة وليست أكذبة.
كما أوضح الوزير في حديثه بأن المجموعات التي تحمل فكر هذه الجماعة التي حكمت السودان في السنوات الماضية هي جماعة مصالح وتريد الحفاظ على مصالحها.
كما توقع “صالح” بأن هذه المجموعات المنتمية للدولة السودانية العميقة القديمة ستجري آليات دفاعية للحفاظ على مصالحها، لكنه أكد في حديثه بأنه قد بنى تصوراً للتعامل مع مثل تلك الحالات في حال حدوثها.
وأوضح المتحدث باسم الحكومة السودانية بأن الأمر ما زال مبكراً على اتخاذ تدابير وسن قوانين لتحسين الأوضاع ” في الواقع لم نجلس في مكاتبنا إلا قبل أربعة أيام فقط، منها عطلة يومي الجمعة والسبت، وهذا الوضع ينطبق على رئيس الوزراء نفسه، إذ لم يجلس في مكتبه أكثر من خمس ساعات، سافر بعدها في زيارة إلى دولة جنوب السودان.
ومع ذلك وجدنا تركة مثقلة من النظام السابق، ومن الطبيعي أن نتريث قليلا لاتخاذ القرارات المرجوة، وفي نهاية الأمر نحن نتفهم رغبة الشارع السوداني”.
ووعد وزير الإعلام السوداني بفتح مساحة أكبر للحريات في بلاده، بما فيها حرية الصحافة، لكنه أوضح أن الأمر يحتاج إلى وقت لاجتماع المستشارين المختصين بالأمر وعقد الندوات والمؤتمرات ومن ثم إقرار قانون أعم وأوسع للحريات ” وجود القانون الحالي الموروث، وهو معيب، فإن مشاكل الصحافة في العهد السابق لم تكن بسبب هذا القانون فقط، إنما بسبب قوانين أخرى، مثل قانون جهاز الأمن والمخابرات، أو مشكلات بلا سند قانون في مرات كثيرة”.
وتابع “صالح”: ” قانون جهاز الأمن أيضاً يقع ضمن أجندة الحكومة الانتقالية الرامية إلى إزالة القوانين المقيدة للحريات، وسيخضع للحذف والتعديل والإلغاء ليتماشى مع بنية دولة ديمقراطية”.
ووعد بأن الحريات الجديدة الممنوحة للسودانيين بموجب القانون السوداني الجديد، من الممكن أن تمنح الإذاعة والتلفزيون السودانيين الاستقلال عن الحزب الحاكم، للانتقال نحو فضاء الحرية الصحافية.
لمحة سريعة
عندما كانت الأوضاع السياسية مضطربة في السودان استطاعت الجبهة الإسلامية، المنفصلة عن الإخوان المسلمين، بقيادة عمر حسن البشير السيطرة على مقاليد الحكم في السودان بإنقلاب 1989 المسمى ثورة الإنقاذ التي جاءت بإسلاميين للحكم ومن ثم تحول الاسم من الجبهة الإسلامية إلى حزب المؤتمر الوطني الذي اعتبر وعاء يضم جميع الطوائف والأديان السودانية.
ويجدر الإشارة إلى أن حسن الترابي سجن من قبل البشير، بعد أن أبعده من موقع القرار فكون حزبا معارضا للحكومة باسم(المؤتمر الشعبي)، كما تنازل الإسلاميون الحاكمون من المؤتمر الوطني عن كثير من أفكارهم بعد اتفاقية نيفاشا للسلام عام 2005م التي ألغت حكم الشريعة في الجنوب وسمحت بالتعاملات الربوية هناك وأفسحت المجال للحريات المدنية بالبلاد.
الدولة العميقة وسفك الدماء
شهد السودان مؤخراً، مظاهرات واحتجاجات حاشدة، كان مطلبها الرئيسي الإطاحة بنظام عمر البشير، في حين قوبلت تلك المطالب بالنار والرصاص، ووفق العديد من المصادر، لم يكن الجيش السوداني هو المسؤول الحصري عن إراقة الدماء، بل كشفت مصادر غربية، أن الدولة العميقة هي من فعلت ذلك، بإستخدام قوات التدخل السريع، وجهاز الأمن الوطني.
وفي تقرير لمجلة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية، تقول المجلة: لقد تعرض الثائرون في السودان إلى وحشية وأعمال قتل كبيرين، وأن الدولة العميقة – التابعة للإخوان المسلمين- هي الجهة المتورطة في الخفاء حول ذلك.
وأشارت المجلية، إلى أن الخرطوم رزخت منذ يونيو/حزيران 1989 تحت وطأة جماعة إسلامية وصلت إلى السلطة في انقلاب عسكري، رأت بأنها عملت على تمزيق السودان لأسباب ثقافية عميقة، حيث سعت الحكومة بقيادة عمر البشير للترويج لبرنامج أصولي ثوري عالمي يهدف إلى إنهاء الصراع بين الشمال والجنوب.
مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا