خلافات السيطرة على الجيش.. صراع يهدد بحرب جديدة في ليبيا
مرصد مينا – هيئة التحرير
على الرغم من اقتراب موعد إجراء الانتخابات الليبية المقررة في كانون الأول المقبل، واتفاق الحكومة والجيش على ضرورة أن تجرى في موعدها، إلا أن خلافاً كبيراً يشتعل بين رئاسة الحكومة وقيادة الجيش حول مدى تبعية الجيش للحكومة وقراراتها، لا سيما بعد تصريحات قائد الجيش الليبي، “خليفة حفتر”، التي ربط فيها تبعية الجيش للحكومة بأن تكون منتخبة من الشعب.
يشار إلى أن تصريحات “حفتر” قابلتها تصريحات من رئيس حكومة الوحدة الوطنية، “عبد الحميد الدبيبة”، التي رفض خلالها إمكانية أن يكون الجيش الليبي تابع لشخص بعينه، في إشارة إلى أن قيادة الجيش يجب أن تتبع للحكومة القائمة، وإلى ضرورة أن يكون الجيش الليبي معول بناء وليس هدم، في رفض ضمني لما صرح به “حفتر” سابقاً، دون أن يتطرق لتلك التصريحات بشكلٍ مباشر.
في السياق ذاته تتصاعد إمكانية الصدام بين الحكومة والمؤسسة العسكرية مجدداً، مع دخول البرلمان الليبي على خط دعم الجيش، حيث يلفت رئيس البرلمان، “عقيلة صالح” إلى وجود لقاءات دائمة ومستمرة مع قائد الجيش، “خليفة حفتر”، سواء كانت علنية أو عن طريق الهاتف أو عبر التواصل عن طريق أشخاص، مضيفًا: “أنا من ضمن المعروفين بدعمي للجيش الليبي، وكل ما هو جندي نظامي يلتزم بالأوامر العسكرية، فنحن ندعمه، كما أن الجيش الليبي في الحقيقة هو من حارب الإرهابيين مثل تنظيم داعش الإرهابي وقدم تضحيات كبيرة لا يمكن التقليل من أهميتها”.
شرارة حرب وعودة السراج
تعليقاً على السجالات الجارية، يرى الباحث في شؤون شمال إفريقيا، “إسماعيل الريس”، أن تلك الخلافات تشدد على أهمية إنجاز الانتخابات في أسرع وقت ممكن على اعتبار أنها ستكون نقطة الحكم بين الحكومة والجيش، كما أنها ستمنع قيام حرب جديدة في البلاد أو على الأقل استمرار الحرب المندلعة في الأساس.
كما يؤكد “الريس” أنه من الخطأ النظر إلى المشهد بين الحكومة وقائد الجيش على أنها مجرد خلافات أو تباين في وجهات النظر بقدر ما هي شرارة قد تشعل حرباً أخرى، واصفاً ما يحدث بأنه “صراع صلاحيات” بين السياسيين والعسكر.
ويرى “الريس” أن قائد الجيش الليبي “حفتر” لا يزال يمتلك تخوفات من توجهات السياسيين أو محاولتهم السيطرة على القوة العسكرية، مشيراً إلى أن تلك التخوفات تدفعه للعمل خارج إطار الحكومة القائمة لا سيما وأنها حكومة تفاهمات سياسية وليست حكومة ممثلة للشعب، على حد وصفه.
إلى جانب ذلك، يشير “الريس” إلى أن الجيش الليبي لا يزال قلقاً من وجود تيارات تابعة للإخوان المسلمين داخل الحكومة الليبية الجديدة والمجلس الرئاسي ككل، لافتاً إلى أن العلاقة بين الجيش وحكومة “الدبيبة” حتى الآن لا تختلف كثيراً عن علاقته المتوترة مع حكومة “السراج”.
من جهته، يصف المحلل السياسي والكاتب الصحفي، “الحبيب الأسود”، تجاهل “خليفة حفتر” التعليمات التي أصدرها المجلس الرئاسي بشأن احتكار صلاحيات تعيين العسكريين وترقيتهم، بأنه إعادة للانقسام إلى الواجهة بعد أشهر من تولي حكومة الوحدة الوطنية مهامها.
يشار إلى أن “حفتر”، قد أصدر الأسبوع الماضي، جملة قرارات بإعادة تكليف عدد من القادة وأمراء المناطق العسكرية، بمناسبة الذكرى الـ81 لتأسيس الجيش الليبي عام 1940، الأمر الذي اعتبر تجاهلا لتحذيرات «المجلس الرئاسي» بقيادة محمد المنفي بعدم تجاوز صلاحيات الأخير.
ويضيف “الأسود” في مقال له: “تعزز هذه التطورات المخاوف من استنساخ تجربة حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج التي جاءت في البداية لطي صفحة الانقسام قبل أن تتحول إلى طرف في الصراع بعد أن انحازت إلى تيار الإسلام السياسي المسيطر على المنطقة الغربية”، لافتاً إلى أنه رغم نجاح الأمم المتحدة بضغوط دولية في إنهاء الانقسام السياسي من خلال تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الحالية، والتي حظيت بثقة البرلمان، إلا أن المؤسسة العسكرية ما زالت منقسمة.
أخطاء حكومية وقرارات في غير مكانها
يشير “الأسود” إلى وجود أخطاء ارتكبتها المؤسسة السياسية في ليبيا والتي كان لها أثر كبير في الخلافات بين الجيش والحكومة، موضحاً أن “حفتر طالب حفتر بحل الميليشيات ونزع سلاحها، إلا أن السلطات الجديدة بعثت برسائل منذ الأيام الأولى لتوليها السلطة مفادها أن الميليشيات جزء من الجيش، بالإضافة إلى أن استمرار الوجود العسكري التركي هو واحد من أهم عوامل التوتر بين حفتر من جهة والمنفي ورئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة من جهة أخرى”.
في ذات السياق، يقول المحلل السياسي، “صالح بن موسى”: “الصدام في حقيقته ينبع من أن حفتر يعتبر أن خطوة توحيد المؤسسة العسكرية التي تتبناها حكومة الوحدة الوطنية، لا يمكن أن تتم إلا من خلال حكومة منتخبة قادرة على إخراج القوات الأجنبية وإسقاط سلاح الميليشيات، وهو ما تفتقده حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي”، لافتاً إلى أن الجيش يخشى من دخول عناصر ميليشيوية إلى صفوفه في الوقت الحالي.
ويشدد “بن موسى” على أن نقطة الخلاف الأبرز تقوم في سؤال واضح ومحدد “لمن يجب أن يتبع الجيش”، مشيراً إلى أن كل طرف من الطرفين “الجيش والحكومة” يمتلك إجابة مختلفة عن الآخر بفعل تطورات المرحلة ومتطلباتها، ولافتاً إلى أن تلك الاختلافات من الممكن أن تتطور إلى صراع مسلح جديد.