أخر الأخبار

دراسات تكشف دور الضغط النفسي المزمن في تسريع تطور السرطان

مرصد مينا

في وقت تتزايد فيه وتيرة الحياة اليومية داخل المدن الكبرى، تبرز تحذيرات علمية متصاعدة من تأثير التوتر المزمن على الصحة الجسدية، لا سيما في ما يتعلق بتسريع تطور بعض أنواع السرطان.

وتشير دراسات حديثة إلى أن الحياة في البيئات الحضرية لا تقتصر آثارها على الصحة النفسية فقط، بل تمتد لتطال الجهاز المناعي وتزيد من احتمال تطور أورام خبيثة في الجسم.

ورغم أن الأسباب التقليدية للسرطان غالباً ما تركز على العوامل الوراثية، وأنماط الحياة غير الصحية، والتعرض للملوثات، إلا أن الأطباء والباحثين باتوا يسلطون الضوء على عامل آخر مهم: الضغط النفسي المستمر.

تأثيرات بيولوجية خفية للتوتر

ووفق تقرير نشره موقع “APN News”، فإن التوتر المزمن لا يُعتبر سبباً مباشراً للسرطان، إلا أنه قادر على تفعيل استجابات بيولوجية تؤدي إلى إضعاف الجهاز المناعي، وتعزيز الالتهابات في الجسم، وهو ما يهيّئ البيئة المناسبة لنمو بعض الأورام وتسارعها.

وقال جرّاح أورام متخصص للموقع ذاته: “الضغط النفسي جزء من حياة الجميع، لكن في المدن الكبرى يتحول إلى حالة دائمة ومستمرة. وقد لاحظت شخصياً أن المرضى الذين يعيشون في بيئة مليئة بالضغوط يعانون أكثر خلال رحلة العلاج، سواء من حيث الاستجابة للعلاج أو التعافي”.

المدن: بيئة خصبة للقلق والمرض

تُعد المدن، بما تحمله من ضغوط مهنية واقتصادية واجتماعية، من أكثر البيئات المؤثرة على الصحة النفسية. ويؤدي هذا النمط من الحياة إلى ارتفاع مستويات هرمونات التوتر كالكورتيزول، مما يؤدي بدوره إلى تراجع قدرة الجسم على مقاومة الالتهاب، وهو عنصر أساسي في تطور السرطان.

كما تؤكد الدراسات أن الأشخاص الواقعين تحت ضغط نفسي دائم يميلون إلى سلوكيات غير صحية مثل التدخين، والإفراط في تناول الطعام أو الكحول، والإهمال في الرعاية الطبية، وهي كلها عوامل تزيد من خطر الإصابة بالسرطان.

استراتيجيات للتصدي للمخاطر

رغم أن التخلص الكامل من مصادر التوتر أمر شبه مستحيل، فإن خبراء الصحة يؤكدون على أهمية إدارة التوتر بطريقة فعالة، من خلال ممارسات مثل التأمل، الرياضة، تمارين التنفس واليقظة الذهنية، بالإضافة إلى الحفاظ على علاقات اجتماعية صحية.

ويؤكد الجراح ذاته: “هناك نمط واضح بين المرضى الذين يعتنون بصحتهم النفسية ويملكون مرونة عاطفية. هؤلاء يحققون نتائج علاجية أفضل، ويستعيدون عافيتهم بسرعة أكبر”.

رعاية نفسية ضمن خطة العلاج

يرى الباحثون أن تجاهل الأثر التراكمي للتوتر، خصوصاً في المدن المزدحمة، قد يؤدي إلى نتائج صحية وخيمة. ولذلك، يدعون إلى دمج الرعاية النفسية كجزء أساسي من خطط الوقاية من السرطان وعلاجه، خاصة في ظل تزايد الاعتماد على نمط الحياة الحضري.

ويختم الجراح حديثه بالقول: “علينا ألا نكتفي بمحاربة الأورام، بل أن نؤسس لصحة متكاملة… الجسد والعقل معاً”.

وفي ظل هذا الواقع، يبدو أن التصدي لتأثيرات التوتر المزمن على الصحة ليس مجرد رفاهية، بل ضرورة صحية تفرضها الحياة الحديثة، وقد تكون مفتاحاً لتقليل أعباء الأمراض، وعلى رأسها السرطان، في المستقبل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى