fbpx

دمية ماتريوشكا اللبنانية

نبيل الملحم

“فواتير عشاء”، تلك التهمة الموجهة لـ “رياض سلامة” حاكم مصرف لبنان السابق، أما الذبائح الكبيرة والتي طالت مدخرات اللبنانيين وشقاء أعمارهم فلن تطال سلامة، ذلك أن الذبائح الكبيرة ماتزال برسم “الذبّاحين الكبار” من ملوك طوائف لبلد تحكمه الطائفة وتحمي أرزاله وهو الحال الذي يتحوّل إلى سؤال:
ـ من بوسعه أن يطال بالسؤال أو الاعتقال رجلاً بحجم نبيه بري سيّد السيرك اللبناني وبابه العالي، وهو المطل على المشهد وأبرز رساميه؟
ـ من بوسعه أن يطال وليد جنبلاط وهو الأكثر إعلاناً عن نفسه والأكثر وضوحاً في إعلانه الفساد وقد امتلك طائفة امتدت ممتلكاتها حتى طالت كامل الشوف والجزء الأوسع من جبل لبنان؟
ـ من يطال حزب الله وقد بات الدولة المتحكمة بالدولة فإذا لم يفسد فلابد أنه حامي الفاسدين؟

بل من يطال الجنرال عون وصهر الجنرال عون ومحاسيب الجنرال الذين يرتفع صوتهم بمواجهة الفاسدين فيما هم من أنبياء الفساد وليس ثمة من عرف حجم الإفلاس الذي طال لبنان دون أن يعرف حجم الهدر والفساد الموصوف به صهر الجنرال بدءاً من هدر أموال الكهرباء لتكون البلد في العتمة كما هدر مال السدود في بلد هو الاغنى بالمياه والأشد عطشاً من الربع الخالي والصحراء؟

اكثر من هذا وذاك وتلك، من يطال نجيب ميقاتي أثرى أثرياء العرب وقد اقترض من مصرف لبنان ليزيد من ثرائه بما أفلس لبنان؟

ومن سيطال “البنكرجية” أصحاب المصارف ولم تزد رساميل تأسيس مصارفهم عن علاقاتهم العامة وسهرات اليخوت واستقدام عارضات الأزياء؟

من يطال أيّ من هؤلاء، فيما بات الطبل هو رياض سلامة أما العرس فلابد يتنقل من فاسد إلى فاسد وكلما تضخّم اللقب تضخّم معه التربح والفساد؟

تلك هي اللعبة الكبرى، وفي اللعبة الكبرى العاب والعاب حتى باتت الصيغة اللبنانية هي الأشبه بدمية ماتريوشكا الروسية حيث اللعبة داخل اللعبة داخل اللعبة؟

رياض سلامة الآن في الزنزانة، وزنزانته موروثة من مكتب الجنرالة سوزان الحاج، حيث المشهد المطل على بيروت دون حرمان ضيفها من السيجار الكوبي ومن وجبات متعددة المنابت والقوميات، فالرجل لم يفقد رفاهيته بعد، وباريس الأم الحنون كانت قد دخلت اللعبة، كيف لا وفي باريس من الفاسدين ما يحمي فاسدو لبنان، تماماً كما حال البنك الدولي الذي يُحسن إدارة الفاسدين في عالم نهاياته لا تقود إلاّ إلى الفساد؟

حكاية الكذبة الكبرى التي تعمم في لبنان اليوم، تلك الكذبة التي مفادها أن البنك الدولي سيحمي لبنان ومع الحماية يعيد مدخرات اللبنانيين إلى اللبنانيين، وهي الحكاية التي سبق للموروث الشعبي تناولها، أما خلاصة الحكاية الشعبية فيمكن سردها كما التالي:

كان يا ما كان .. عصفور عنيد قرر من دون العصافير الامتناع عن الهجرة إلى الجنوب في فصل الشتاء …
ولكن سرعان ما أصبح الطقس بارداً جداً؛ الأمر الذي اجبره على الطيران منفرداً صوب الجنوب.
بعد فترة وجيزة من التحليق، اخذ الجليد يتجمع في جناحيه فسقط في فناء مخزن القمح وهو على وشك أن يلفظ أنفاسه الأخيرة من شدة البرد.
وفي هذه الأثناء توقفت بقرة بجوار العصفور وأفرغت ما في جوفها على الطائر الصغير .. ظنَّ العصفور أنها النهاية .. ولكن سخونة روث البقرة أذابت الجليد من على جناحيه فالتقط أنفاسه، ومنحه الشعور بالدفء سعادة بالغة لدرجة اخذ معها يزقزق وهو في كومة الروث.
صوت الزقزقة هذا لفت انتباه قطة ضالة كانت في الجوار فذهبت لاستطلاع الأمر .. أزاحت الروث ولدهشتها وجدت العصفور ما زال يزقزق فرحاً .. فالتهمته على الفور.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى