رئيس وزراء العراق يرتدي زي ميليشيا “الحشد”.. بين الانحناء وإعلان الولاء
مرصد مينا – هيئة التحرير
بعد أن أغلق مقرات مليشيا “ثأر الله”، أطل رئيس الحكومة العراقية الجديد “مصطفى الكاظمي” أمس السبت، من مقر هيئة “الحشد الشعبي”، ليعلن عبر “توتير” أنه “ينتظر موقفاً سياسياً موحداً للإعلان عن خطوة عسكرية مقبلة”. مؤكداً أن “الثبات والتصميم لمسهُ لدى المقاتلين الأشدّاء في المؤسسات العسكرية والأمنية”.
ظهر رئيس الحكومة العراقية الجديد، “مصطفى الكاظمي” أمس السبت، مرتدياً زي مليشيا هيئة “الحشد الشعبي” في العراق، وذلك خلال زيارته لمقر الهيئة في بغداد، الأمر الذي أشاد به مدير إعلام الحشد “مهند العقابي”،معتبراً أنها “الأهم بين مثيلاتها للرؤساء السابقين، اذ كان محورها دعم روح الحشد، كما أنها ألجمت الأفواه التي تتحدث عن خلاف غير معلن بين الكاظمي وميليشيا الحشد”.
وهذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها رئيس حكومة عراقية بزي “الحشد الشعبي”، ولم يرتده من قبله رئيسا الوزراء “حيدر العبادي” و”عادل عبد المهدي”.
وذكر موقع “الحشد الشعبي” عن العقابي: أن “الزيارة بحثت الوعود بإقرار قانون التقاعد للحشد وبقية التشريعات الأخرى”، مشيراً إلى “تحقيق انسجام عال بين رئيس الوزراء وهيئة الحشد في الطروحات”.
وأكد “العقابي”: أن “الكاظمي هو من بادر وتحدث عن قوانين الحشد المعززة لمكانته وحقوق مقاتليه وقدم دعما معنويا”، لافتاً إلى أن “هيئة الحشد مستعدة بكامل جهوزيتها للمشاركة بعملية تطهير البلاد من بقايا داعش الإرهابي”.
وأظهرت الصور التي تداولتها “الحشد”، الكاظمي وإلى جانبه رئيس الهيئة “فالح الفياض”، وممثلي الفصائل الأربعة الخاضعة لمرجعية النجف، وقد جلسوا جميعهم على يسار “الكاظمي”.
يشار إلى أن أربعة فصائل هي فرقتي “الإمام علي” و”العباس” القتاليتين ولوائي “علي الأكبر” و”أنصار المرجعية”، كانت قد أعلنت الشهر الماضي انسحابها من هيئة الحشد وانضمامها للقوات الرسمية العراقية، بعد خلافات بشأن آلية توزيع المناصب القيادية داخل الحشد.
بالمقابل جلس ممثلو الفصائل الموالية لإيران في الجانب الآخر، ومن بينهم القيادي في ميليشيا “حزب الله” أبو منتظر الحسيني، وتحدث ناشطون أن “أبو فدك” وهو قيادي بارز في الميليشيا كان حاضرا أيضا.
العودة للحضن الأمريكي
زيارة الكاظمي جاءت بعد يوم واحد من تصريحات للشيخ “عبد المهدي الكربلائي” ممثل المرجع الشيعي الأعلى “آية الله علي السيستاني” في كربلاء، الذي دعا خلالها إلى “تطبيق قانون هيئة الحشد الشعبي وتفعيل هيكلية الحشد بحذافيرها”.
مصادر مطلعة أكدت لـ”مرصد مينا”: أن “وكيل السيستاني عبد المهدي الكربلائي الذي اختفى عن الساحة السياسية منذ أشهر، انفصل انفصالاً تاماً عن إيران، نظرا لتغير موازين القوى”.
وكشفت المصادر أن: ” تصريح وكيل السيستاني ليس مفاجئا، ومن المتوقع أن يبتعد عن ايران ويعود إلى الحضن الأمريكي معلناً الولاء التام والطاعة”. مشيرة إلى أن ” ما حدث في البصرة واغلاق مقرات ميليشيا ثار الله هي بداية لتقليم أضافر الحشد وحله”.
من جانبه، توقع الخبير في الشأن الأمني “هشام الهاشمي” في تغريدة على “تويتر” أن تسهم زيارة الكاظمي في “نزع” فتيل الخلافات الداخلية واعادة توزيع المناصب القيادية داخل هيئة الحشد الشعبي.
أما أمين اتحاد القبائل العربية في العراق ثائر البياتي فيرى: أن “ميليشيا الحشد الشعبي هي أكبر معضلة تواجه أي مسؤول أو سياسي عراقي، فقد أصبح من المحرمات الحديث عن تصرفاته، والجميع يعلم أنهم مجرد مرتزقة وعصابات تحت وصاية الولي الفقيه”. لافتاً إلى أنهم “أصبحوا دولة داخل الدولة العراقية، ولها اليد الأولى في كل الأمور، على غرار الحرس الثوري في إيران والحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان”.
وقسم البياتي ميليشيا الحشد في تصريحات إعلامية إلى قسمين الأول: “يتبع مرجعية علي السيستاني، وهم عدد قليل من الألوية”، أما القسم الثاني: “وهو الأغلبية، فيتبع الولي الفقيه في إيران عقائديا وعسكريا”.
الكثير من السياسيين العراقيين يرون أن قرار دمج ميليشيا الحشد له تبعيات كارثية على العراق، اذ سيتحول الجيش إلى مليشيات تتحكم به مصالح ايران المالية والعسكرية.
واعتبر أمين اتحاد القبائل العربية “البياتي”: ” أن “الكاظمي لن يستطيع حلحلة الحشد، بل سيواجه بقوة إن عزم على ذلك، فيما تبحث إيران عن كسب الوقت في كل تحركاتها داخل العراق أو خارجه، والملاحظ لدينا أنها تريد تعزيز تلك المليشيات بقيادة حزب الله عسكريا بعد مقتل سليماني بشكل أقوى”.
ورقة إيران
ومن جانبه قال “عبد الستار الجميلي” أمين الحزب الطليعي الناصري العراقي: “لا بد من التأكيد بداية بأن بعض الفصائل المسلحة التي دخلت على خط الحشد الشعبي، هي ورقة قوة بيد إيران والقوى المرتبطة بها في العراق، وبالتالي فإن المساس بهذه الورقة لن يكون أمرا ميسورا في بداية عمل الحكومة التي تحتاج إلى ترسيخ مصادر قوتها على الأرض قبل الأقدام على خطوة حل هذه الفصائل والحشد الشعبي بشكل عام”.
وأكد “الجميلي” أن “ما يجري الآن هو صراع إرادات تحت السطح، ورسائل متبادلة بين مشروعين، مشروع الدولة والنظام، ومشروع اللادولة والفوضى” لافتاً إلى أن “هذا الصراع سوف يتخذ في القريب العاجل شكله المعلن على السطح، وبالتالي ستبدأ مرحلة جديدة، ستكون الغلبة فيها للمشروع الذي سيتمكن من فرض قواعده وشروطه، في ضوء إمكانيات كل مشروع”.
وأوضح أمين الحزب الطليعي: أن “ما يجري الآن هو عملية تجميع الأطراف الفاعلة والداعمة لكل مشروع ومصادر قوتها محليا وإقليميا ودوليا، ومكمن الصعوبة في هذا الصراع أنه يجري في ظل بيئة دولية تشهد استقطابا وصراعا على مستوى الدول الكبرى، لايخلو من مساومات وتبادل مصالح في المحيط الإقليمي للعراق”. مشيراً إلى أن “هذا سينعكس على مشهد الصراع القادم في العراق الذي لا يشترط بالضرورة أن يكون ساخنا، لكنه قد يتخذ شكلا من أشكال المساومة والحلول الوسط في ظل بيئة سياسية مازالت تعتمد نفس القواعد والمعايير التي أنتجها دستور الاحتلال وإفرازاته الطائفية والعنصرية”.
وكان مندوب العراق الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير “محمد بحر العلوم”، قد كشف في وقت سابق، أن الحكومة الجديدة في بلاده، تعتبر قضية حصر السلاح بيد الدولة، واحدة من أهم أولوياتها، وذلك في كلمة ألقاها نيابة عن رئيس الحكومة، “مصطفى الكاظمي”، في مجلس الأمن الدولي.
واعتبر “بحر العلوم” أن صون سيادة الدولة والحد من فوضى انتشار السلاح، بالإضافة إلى احترام استقلال العراق من قبل الدول الجارة (ايران)، وعدم استخدام أراضيه منطلقاً للهجمات تجاه دول أخرى، هي أهم النقاط التي تحتاجها الحكومة الحالية للإيفاء بالتزاماتها تجاه الشعب، مؤكداً حرص بلاده على تعزيز علاقات الصداقة والأخوة مع جميع دول الجوار.
منح البرلمان العراقي ثقته لحكومة رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي، بعد التصويت على أغلب الوزراء المرشحين للحقائب الوزارية، فيما تم تأجيل التصويت على عدد من الوزارات.
يذكر أن مصطفى الكاظمي، ثالث شخصية يتم تكليفها، من جانب الرئيس العراقي برهم صالح، بتشكيل الحكومة في 9 نيسان الماضي خلال 30 يوما، بعد إخفاق سلفيه “عدنان الزرفي” و”محمد توفيق علاوي” في حشد تأييد لهما.