رئيس هيئة العدالة الانتقالية بسوريا: ملاحقة الأسد ورموز نظامه تتطلب صبراً

مرصد مينا
مع بدء القضاء السوري التحقيق مع أربعة من أبرز شخصيات النظام السابق المتهمين بارتكاب جرائم حرب، برزت تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الخطوة تأتي في إطار مسار العدالة الانتقالية الذي أُطلق بعد سقوط نظام الأسد.
رئيس “الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية” العميد عبد الباسط عبد اللطيف، أكد تصريحات صحافية يوم أمس الثلاثاء أن إحالة هؤلاء المسؤولين إلى القضاء تم بالتنسيق مع الهيئة ووزارة العدل، مشدداً على أن المحاكمات تندرج ضمن مسار العدالة الانتقالية، رغم غياب قانون سوري خاص بهذا الملف حتى الآن.
محاكمات تطال رموز النظام السابق
وكان النائب العام السوري القاضي حسان التربة قد أعلن أواخر يوليو الماضي عن تحريك دعاوى بحق أربعة من كبار مسؤولي النظام السابق هم: عاطف نجيب، أحمد بدر الدين حسون، محمد الشعار، وإبراهيم الحويجة، بتهم تتعلق بارتكاب انتهاكات وجرائم ضد الشعب السوري.
وتأتي هذه الخطوة بعد مرسوم رئاسي صدر في 17 مايو الماضي قضى بتشكيل هيئة وطنية للعدالة الانتقالية، تتولى كشف الحقائق عن الانتهاكات، محاسبة المسؤولين عنها، وتعويض الضحايا، باعتبار ذلك “ركيزة أساسية لبناء دولة القانون والمصالحة الوطنية”.
إطار قانوني ومهام موسعة
العميد عبد اللطيف أوضح أن مشروع قانون خاص بالعدالة الانتقالية قيد الإعداد، ومن المتوقع صدوره عقب انتخابات مجلس الشعب المقبلة.
وسيغطي القانون جرائم النظام المخلوع بما فيها جرائم الإبادة، الحرب، التعذيب، الإخفاء القسري، واستخدام الأسلحة الكيميائية، استناداً إلى اتفاقيات جنيف.
وأكد أن ملاحقة رأس النظام السابق بشار الأسد وشقيقه ماهر، الهاربين خارج البلاد، تبقى هدفاً يترقبه ملايين السوريين، لكنه شدد على أن تحقيق ذلك يتطلب عملاً طويلاً لجمع الأدلة وتقديمها بشكل قانوني متماسك، قائلاً: “الأمر يحتاج إلى صبر، فلا شيء يتحقق بسرعة”.
شمولية المسار وعدالة الضحايا
الهيئة ستنظر في جرائم النظام على امتداد أكثر من نصف قرن، ابتداءً من عهد حافظ الأسد (1970-2000) وصولاً إلى فترة( 2000-2024) بشار الأسد، بما يشمل مجازر الثمانينات مثل حماة وجسر الشغور وسجن تدمر.
كما ستُتاح الفرصة لضحايا الانتهاكات التي ارتكبتها جهات أخرى في ظل الفوضى التي تسبب بها النظام السابق، لتقديم شكاوى رسمية.
وتعمل الهيئة حالياً على تشكيل مجلسها المكوّن من 16 عضواً، وتلقيت حتى الآن أكثر من 120 طلباً للانضمام إليها. كما يجري الإعداد لإطلاق منصة إلكترونية وخطوط ساخنة لتلقي الشكاوى، مع اعتماد برامج لحماية الشهود.
وكشف العميد عبد اللطيف عن اجتماعات مع ممثلين لأكثر من 20 دولة و30 منظمة مدنية محلية ودولية، ركّزت على دعم مسار العدالة وإمكانية إنشاء صندوق وطني لجبر الضرر بمساهمة دولية، بحيث يشمل أيضاً عمليات إعادة الإعمار الجزئي للبيوت المتضررة، باعتبارها جزءاً من مواساة الضحايا.
الاستفادة من التجارب
المرسوم حدّد مدة عمل الهيئة بخمس سنوات قابلة للتمديد، وهي فترة يعتبرها رئيسها كافية للشروع في مسار العدالة، وإن تطلّب الأمر مزيداً من الوقت.
ويرى العميد عبد اللطيف أن التجربة السورية ستسعى للاستفادة من أكثر من خمسين تجربة عدالة انتقالية حول العالم، مؤكداً ضرورة الجمع بين المحاسبة والمصالحة لتحقيق السلم الأهلي.