رياض سلامة .. صندوق باندورا
زاوية مينا
احتفل اللبنانيون اليوم، لا بعيد وطني أو بتجلّي قدّيس في الـ “داون تاون”، لا، احتفلوا باعتقال رياض سلامة باعتباره حارس المغارة، أما المغارة فهي مجموع الناهبين الذين حوّلوا الخزينة العامة إلى خزينة يلعب بها الريح إفلاساً ونهباً لودائع الناس الذين يهاجرون من أجل ادّخار ما يحمي شيبتهم، أو ما يؤمن بعضاً من الأمان المالي في بلد من لايحتاط فيه يموت على أبواب المشفى أو على بواب المخبز.
احتفلوا، ومن بين المحتفلين أسماء مشكوك بنزاهتها، وأسماء مؤكد فسادها، وأسماء لم تُطِل على المشهد بعد، ذلك أن طاقية الأخفى تخفيهم، كلّه والقضاء اللبناني مخترق ومتصدّع ومنهار ولابد يخضع لأولي الأمر من السياسيين الذين شاركوا سلامة، أو حموا سلامة، أو وطّدوا أركان سلامة بما جعله دولة داخل الدولة ينافس حزب الله صاحب السلاح، ويتخطّى الجنرال عون صاحب الطاقة وهادرها، ولا بد ينافس نبيه بري الذي لم يخسر معركة بمواجهة خصم.
اعتقل رياض سلامة الفاسد، والمعلوم من المجهول أن الرجل اشتغل حاكماً لمصرف لبنان بأطول مدة أمضاها حاكم لموقع وصف في الخلافات الإسلامية بـ “بيت مال المسلمين” أما بيت مال سلامة هو بيت مال الجميع، مسلمون، مسيحيون، شيعة، دروز، ملحدون، وإذا كان ثمة هندوسي واحد يشتغل في خدمة البيوت وتنظيم الحدائق فكذا لابد ويبيت ماله في بيت مال رياض سلامة الذي امسك برقاب الجميع بمن فيهم أولئك الذين يقبضون على أعناق ناس البلد.
جبران باسيل وهو زوج كريمة الجنرال الرئيس، وقد تزوج لبنان وزفّه مع زفاف البنت المدللة، أنفق من وزارة الطاقة وعلى الطاقة ما يقارب ٦٣ مليار دولار و فق ما تبوح به الأرقام، ومن بعد الإنفاق ما من معمل كهرباء، ولا سفينة كهرباء، ولا مصباح كهربائي اشتغل أو سيشتغل، وحين يُسأل عن هدر المال العام يذهب بعيداً في الكلام عن حقوق المسيحيين وعن الاستقلال ولن يدّخر مفردة تُعلّي من شأن الدبكة اللبنانية إلاّ ويدبك عليها، ونجيب ميقاتي وقد بلغت ثروته ما يتعدى ميزانية لبنان يعرف بالتمام والكمال النطق بـ “مادخلني” سواء تعلّق الامر بالمال العام أو بالحرب والسلم والجنوب وحزب الله، أما نبيه برّي فإذا ماسئل ومن اين لك هذا فالأرنب جاهز وقبعته تتسع للمزيد من الأرانب وليس صعباً عليه القول “جدّي كان تاجر ألماس”، وهكذا حال الجميع الذين لم يجمعهم جامع سوى:
ـ كلن يعني كلن.
وهاهو رياض سلامة في المعتقل الآن، وبانتظار التحقيقات والمزيد من الملفات، وقد بات رياض سلامة صندوق باندورا الأسطوري.
واليوم:
ـ هل سينطق؟
وأذا ما نطق من سيتبقّى من ملوك الطوائف وأباطرة الحرب الأهلية وفرسان النهب.. من سيتبقّى دون أن يطاله سيف رياض سلامة؟
اليوم، رياض سلامة هو المعتقل، وهو من يعتقلهم جميعاً.
هذا إذا ما نطق، وليس متوقعاً أن ينطق فثمة من يمنعه من النطق:
ـ شراب مسموم أو صفقة عنوانها:
ـ عفا الله عما مضى.
ومتى كان للشراب المسموم من يكشف أسراره في بلد مثل لبنان.