fbpx

زنا محارم ومشاهد جريئة و إتجار بالمرأة.. الدراما سوق نخاسة جديد في سوريا

مرصد مينا – هيئة التحرير

يستمر الجدل الذي تثيره الدراما والاعمال الفنية السورية من خلال ما تتضمنه من مشاهد جريئة خارجة عن المألوف والعادات والتقاليد السورية. فبعد العاصفة التي أثارها مسلسل شارع شيكاغو العام الماضي بسبب تلك المشاهد والألفاظ الخادشة للحياء العام، يثير فيلم “الإفطار الأخير” عاصفة جديدة بسبب مشهد قبلات حميمية جمعت بين الفنان “عبد المنعم عمايري” وزميلته “كندا حنا”.

يشار إلى أن مسلسل شارع شيكاغو كان قد تعرض لانتقادات شديدة، خاصة مع ظهور أحد الفنانين وهو يقبل قدم الفنانة “أمل عرفة” بطريقة شهوانية، إلى جانب ظهور قبلات بين الفنانة “سلاف فواخرجي” والفنان “مهيار خضور”، كما شملت المشاهد الحميمية لقطات للفنان “وائل رمضان” والفنانة “ندين سلامة”.

وكانت الممثلة “سلاف فواخرجي” قد دافعت عن ظهورها في لقطات حميمية خلال إحدى مقابلاتها التلفزيونية، مشيرةً إلى أنها تعرضت لتلك الهجمة كونها أنثى، في حين أن زوجها “وائل رمضان” قام بذات المشاهد خلال المسلسل ذاته، إلا أنه لم يتعرض لأي انتقادات كونه رجل، على حد قولها.

أزمة نص سياسة متعمدة

تفاقم المشاهد غير المألوفة في الدراما السورية وتحول الإيحاءات الجنسية إلى مادة أساسية في العديد من الأعمال المنتجة مؤخراً، يرجعها الناقد الفني، “محمد أبو اليسر” إلى ما وصفه بأزمة النص التي تمر بها الدراما السورية منذ ما يزيد عن العقد من الزمان والتي أدت إلى أزمة تكرار وفراغ درامي دفعت المشاهد السوري والعربي إلى العزوف عن متابعة تلك الدراما، لافتاً إلى أن شركات الإنتاج في سوريا اتجهت فعلياً للإتجار بالممثلات السوريات وتعمد وجود لقطات مثيرة للجدل كوسيلة لاستقطاب المشاهدين من جديد، ما جعل من الدراما السورية سوق نخاسة من نوع خاص على حد وصفه، يقوم على الاتجار بالمرأة وجسدها لتحقيق النجاح والمتابعة والانتشار.

ويضيف “أبو اليسر”: “الدراما السورية خلال فترة التسعينيات والعقد الأول من القرن الحالي، حققت نجاحات كبيرة جداً رغم قلة الإمكانيات الإنتاجية، وخرجت بمجموعة من الأعمال التي نافست على الساحة العربية وكان من بينها مسلسل الدغري لدريد لحام، إخوة الترب ويوميات مدير عام لأيمن زيدان والزير سالم والتغريبة الفلسطينية بالإضافة إلى عشرات الأعمال من البيئة الشامية والأعمال الكوميدية التي ساهمت في إقحام مجموعة كبيرة من الممثلين السورية في الأعمال الفنية المصرية والخليجية”، لافتاً إلى ان تلك الزهوة في الأعمال الدرامية انتهت بشكل كبير خلال العقد الأخير، الذي انتشرت فيه ظاهرة ممثلات عمليات التجميل والمشاهد المبتذلة والتكلف في الطرح.

كما يشير “أبو اليسر” إلى أن الازمة في النص الدرامي السوري تتجلى بشكل أكبر في محاولة بعض الشركات المنتجة استغلال نجاحات الأعمال السابقة من خلال التوجه إلى ظاهرة الأجزاء بشكل مبالغ فيه، والتي أثرت بشكل كبير على جماهيرية الأعمال الأصلية، كما كان الحال في سلسلة باب الحارة، التي تتعرض لسيل كبير من الانتقادات بسبب طول عدد الأجزاء وما ترافق مع ذلك من أخطاء كارثية أثرت سلباً على الأداء الفني.

إلى جانب ذلك فإن أكثر ما يمكن أن توصف فيه الساحة الدرامية السورية في وضعها الحالي، وفقاً “لأبو اليسر” هو انها باتت فضاء مفتوح يفتقد لكل الضوابط وأن الكثير من المعايير الثانوية باتت أساسية من ناحية شكل الممثلات وما يخضعن له من عمليات تجميل ومدى قبولهن للمشاهد الجريئة بعيداً عن المتطلبات الأساسية للعمل الفني من قوة أداء وملكات فنية، معتبراً ان طيف كبير من الممثلات السوريات لم يعدن يجسدن المرأة السورية على الإطلاق.

المواقف السياسية وضحايا التشبيح الفني

ارتباط الازمة الفنية في سوريا بالسنوات العشر الماضية، التي تزامنت مع قيام الثورة السورية عام 2011، لم يكن وليد الصدفة، وفقاً للناقد “وجيه سكر”، الذي يشدد على أن الأزمة الدرامية لها عمق وبعد سياسي كبير، على اعتبار أن المواقف السياسية المعارضة للنظام السوري، التي تبناها مجموعة كبيرة من نجوم الصف الأول أجبرتهم على مغادرة البلاد خشية تعرضهم للملاحقة والاضطهاد من قبل أجهزة أمن النظام، خاصة وأن عدد كبير منهم تعرض لاعتداءات جسدية واعتقال، لافتاً إلى أن تلك القضية أحدثت فراغاً كبيراً تم تعويضه بممثلين من الصف العاشر، وهو ما انعكس سلباً على الواقع الدرامي.

يشار إلى أن مجموعة كبيرة من الفنانين السوريين كانوا قد غادروا البلاد في العام 2011، بسبب المواقف السياسية، بينهم الفنانة الراحلة “مي سكاف” والفنان “جمال سليمان” والفنان “عبد الحكيم قطيفان” والفنان “مازن الناطور” والفنان “مكسيم خليل” وزوجته الفنان “سوسن آرشي” والفنان “فارس الحلو” وزوجته الفنانة “سلافة عويشق”، بالإضافة للفنانة والكاتبة السورية “واحة الراهب” وغيرهم، فيما لا يزال مصير عدد من الفنانين السوريين مجهولاً في المعتقلات، بينهم الكاتب والممثل “عدنان زرعي” والكاتب المسرحي “زكي كورديلو” ونجله “مهيار كورديلو”.

في ذات السياق، يعتبر “سكر” أن الدراما السورية كانت ولا تزال ضحية ما وصفه بـ “التشبيح الفني” الذي ترعاه نقابة الفنانين السوريين التي شاركت باغتيال كل ممثل وفنان عارض النظام من الناحية الفنية إما من خلال الفصل أو الملاحقات القضائية، مشدداً على ان نقابة الفنانين تدار بعقلية أمنية بحتة حتى الآن.

إلى جانب ذلك، يشير “سكر” إلى انه وعلى الرغم من الأزمة الحاصلة، إلا أن الدراما السورية تمكنت خلال السنوات العشر الماضية من إنتاج عدد من الأعمال الجيدة والتي تمس المواطن السوري بشكل مباشر، مثل مسلسل دقيقة صمت ومسلسل ولادة من الخاصرة وهي الاعمال التي حققت نجاحاً كبيراً مع أنها لا تحتوي أياً من المشاهد غير اللائقة.

في وادٍ آخر ومرأة محطمة

الأعمال السورية “الهابطة” والمركزة على جسد المرأة والوصول إليه، كسرت مقولة أن الفن مرآة تعكس المجتمعات وملامحها، وفقاً لما يراه الناقد “عمر الحموي”، موضحاً: “المجتمع السوري مكون في سواده الأعظم من عوائل ذات خلفية محافظة لا تتقبل عرض مشاهد التقبيل والإيحاءات داخل منازلها، وبالتالي فإن ظهور ممثلة وهي تقبل زميلها في عمل درامي لا يمكن اعتباره تجسيداً لذلك المجتمع ولا تعبيراً عنه، وبالتالي فإن تلك الأعمال لا يجوز اعتباراها انعكاساً للمجتمع السوري، وهو ما يدفع السوريين إلى رفضها”.

خلافاً لما كان سائداً خلال عقد التسعينيات والعقد الاول من القرن الحالي، يعتبر “الحموي” أن الدراما السورية باتت في وادٍ آخر بعيدٍ تماماً عن الواقع السوري، ففي الوقت الذي يعاني فيه المواطن السوري من الجوع والفقر والتشرد والنزوح والدمار، تتجه الاعمال الدرامية إلى تصوير حياة الطبقات المخملية على أنها حياة المواطن السوري العادي كمادة وهدف أساسيين لها، مؤكداً أن المشكلة لا تكمن فقط في المشاهد الجريئة وحسب وإنما في قصة العمل وحبكته والمواضيع التي يتطرق إليها.

ويضيف “الحموي”: “الكثير من الأعمال تطرقت لمسائل حساسة جداً كزنا المحارم والعلاقات المحرمة شرعاً وعرفاً وقانوناً، كما حدث مثلاً في مسلسل صرخة روح، الذي عرض قصة سيدة وهي سوزان نجم الدين اقع في علاقة غرامية مع زوج ابنتها ميلاد يوسف، مثل هذه المشاهد أو القصص لا يمكن ان تكون ملائمة للعائلة على الإطلاق، ولا يمكن اعتبارها كشف عن ظواهر مخبأة في مجتمع، بقدر ما هي متاجرة بهدف جمع المزيد من المشاهدات”، لافتاُ إلى أن الفت السوري بات بحاجة إلى ميثاق شرف وضوابط تحد من حالة الفوضى الحاصلة في هذا المجال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى