أخر الأخبار

سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان.. معضلة ثانية

زاوية مينا

سيكون نزع سلاح حزب الله من لبنان معضلة كبيرة، إلى أين ستقود؟ من الصعب التيقن نحو أيّ مصير سيأخذ البلد، وقد فقد “مهنته” ما بعد الحرب الأخيرة، غير أن المعضلة الأخرى، والتي ماتزال مختبئة تحت ظلال التوقيت فستكون معضلة “السلاح الفلسطيني في المخيمات” ذلك أن السلاح الفلسطيني في مخيمات لبنان مازال عنواناً ملتبساً بين حقّ المقاومة وشبهة التهديد.

سلاحٌ وُلد من رحم النكبة، ثم استوطن أرضاً لا تعترف له بهوية سياسية، فأضحى عالقاً بين نداء العودة وواقع اللجوء. في ظل فراغ الدولة وتواطؤ الإهمال، تحول هذا السلاح من تعبير عن قضية إلى عبءٍ على الناس والقضية معاً.

نزعه لا يكون بالوعيد ولا بالقوة، بل بالحوار والضمانات. لا يمكن نزع السلاح دون أن يشعر الفلسطيني أنه لن يُنتزع معه آخر ما تبقى من كرامته، ولا يمكن تركه يهدد السيادة اللبنانية ويزرع الرعب بين الجدران المتهالكة لمخيمات فقدت كل شيء عدا بارودها.

موضوع السلاح الفلسطيني في المخيمات اللبنانية هو مسألة معقدة ومرتبطة بالعديد من العوامل السياسية والاجتماعية. في البداية، يعود هذا الموضوع إلى فترات تاريخية متواصلة، حيث كانت المخيمات الفلسطينية في لبنان مأوى للاجئين الفلسطينيين بعد النكبة عام 1948.

على مر السنوات، شهدت هذه المخيمات تزايداً في التسلح الفلسطيني، سواء بسبب الظروف الأمنية أو بسبب دعم بعض القوى الإقليمية والدولية لفصائل فلسطينية معينة.

بعد الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، أصبح السلاح الفلسطيني داخل المخيمات يشكل تحدياً كبيراً للبنان، خاصة وأن هذه المخيمات كانت تحت سيطرة فصائل فلسطينية متعددة كانت تتصارع على النفوذ، مثل منظمة التحرير الفلسطينية، وحركة فتح، والجبهة الشعبية وغيرها.

هذا الوضع خلق بيئة غير مستقرة، حيث كانت هناك توترات بين الدولة اللبنانية والمجموعات الفلسطينية المسلحة.

في فترات لاحقة، وبعد اتفاق الطائف 1989 الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، بقي السلاح الفلسطيني في المخيمات مسألة حساسة. الدولة اللبنانية كان لها موقف من هذه الظاهرة، حيث اعتبرت أن المخيمات يجب أن تكون خالية من السلاح، لكن هذا لم يتحقق دائماً.

وفي الوقت نفسه، كانت بعض الفصائل الفلسطينية تستخدم المخيمات كقاعدة انطلاق لأعمال مسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي أو ضد الجماعات المسلحة الأخرى.

تحت الضغوط السياسية والأمنية، كما في الحرب الإسرائيلية على لبنان 2006، تعرضت المخيمات الفلسطينية لضغوط متزايدة لفرض الأمن داخلها وإزالة السلاح. لكن العديد من الفصائل الفلسطينية ترفض التخلي عن السلاح باعتباره أداةً للنضال الفلسطيني المستمر ضد الاحتلال الإسرائيلي.

الموضوع أصبح أكثر تعقيداً مع ظهور مجموعات متطرفة مثل “جبهة النصرة” وتنظيم “داعش” في بعض المخيمات اللبنانية خلال السنوات الأخيرة، مما دفع الدولة اللبنانية إلى اتخاذ إجراءات مشددة ضد هذه الفصائل والجماعات.

إن السلاح الفلسطيني في المخيمات اللبنانية يظل عنصراً غير محايد في المعادلة اللبنانية الكبرى، بين الضغط المحلي والدولي على ضرورة نزع السلاح، وبين رغبة بعض الفصائل في الحفاظ على قدراتها الدفاعية.

هو الحال كذلك، وكانت الأغنية الفلسطينية ذات يوم تحمل كلمات:
ـ بكتب اسمك يا يمّا على كعب البارودة
وإن خلص مني رصاصي بكتب بقبضة ايدي.
كان الحل وبات المعضلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى