سوريا تحترق.. الأسد يواجه النيران بصلاة الاستسقاء
مرصد مينا – هيئة التحرير
اتسعت رقعة الحرائق، التي تلتهم الغابات في ثلاث محافظات سورية لتصل إلى ريف القرداحة مسقط رأس “بشار الأسد”، الذي دعا إلى صلاة استقساء اليوم السبت، في كافة المساجد ضمن مناطق سيطرته، علها تساعد حكومته التي فشلت في إخماد نيران الحرائق.
الحرائق الضخمة، التي اندلعت منذ منتصف ليلة الخميس–الجمعة، التهمت مئات الهكتارات من غابات الساحل السوري، لتنتشر من ريفي اللاذقية وطرطوس وصولاً إلى محافظة حمص، والحدود السورية – التركية.
مصادر محلية أفادت ـمرصد “مينا” بأن: “آلاف السكان فروا من بلدات أم الطيور، مشتى الحلو، وادي قنديل، ودوير طه، خوفاً من وصول الحرائق إلى منازلهم، اذ توفي شخصان في محافظة اللاذقية بسبب الحرائق”، مشيرة إلى أن الحكومة لم تستطع السيطرة على الحريق لتدعو وزارة الأوقاف الأهالي لصلاة الاستقاء والتضرع لله لاخماد هذه الحرائق.
استسقاء وتضرع..
وزارة الأوقاف التابعة للنظام أعلنت عن إقامة صلاة استسقاء، تضرعاً لله وطلباً لنزول المطر، مشيرة إلى أن الصلاة جاءت بدعوة من رئيس النظام، وأنها أقيمت اليوم السبت بعد صلاة الظهر في كافة المساجد في مناطق سيطرة النظام.
بدوره، أكد مدير صحة اللاذقية “هوازن مخلوف” أن شخصين على الأقل توفوا جراء الحرائق، في بلدتي بلوران ودفيل بريف اللاذقية، وتم إسعاف عدة أشخاص بحالات اختناق إلى مشافي اللاذقية، كما أصيب شخص بحروق و7 حالات استنشاق نتيجة حرائق ريف اللاذقية.
كما أشارت مصادر مينا إلى أن النيران أوقفت حركة المرور بعد وصولها إلى طريق اللاذقية – طرطوس، وما زالت تتجه وتبتلع الكثير من المساحات الخضراء، مؤكدة نزوح أهالي بلدة أم الطيور الواقعة على أوتوستراد اللاذقية – كسب، بعد اتساع رقعة النيران ووصولها إلى منازلهم.
إلى جانب ذلك، أوضحت مديرية الإطفاء في محافظة طرطوس أن عدد الحرائق في المحافظة بلغ أكثر من 54 حريقاً في ريف طرطوس، وامتدت الحرائق على مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية في قرى بلدة العنازة في ريف اللاذقية.
من جانبه، أكد مدير زراعة اللاذقية، “منذر خير بك” أنه تم إخماد 15 حريقاً من أصل 35 حريقا في ريف اللاذقية بمشاركة 78 إطفائية و28 فرقة مؤلفة من 1000 عامل، كما شاركت حوامتان من حوامات النظام في إطفاء الحرائق، على حد قوله.
في غضون ذلك، أكدت مصادر محلية على أن الحرائق وصلت إلى قريتي مورطلو وكلز بريف اللاذقية المقابلة لغابات جابالا التركية، حيث تبعد الحرائق عن الحدود التركية مسافة كيلو متر واحد فقط، لافتة إلى أن إدارة الغابات في يايلاداغي التركية أرسلت طواقمها للغابات التركية، تحسباً لوصول الحرائق إليها.
فعل فاعل..
مواقع التواصل الاجتماعي دشنت وسم “سوريا تحترق” ونشر روادها صوراً وفيديوهات للحرائق الهائلة التي تشهدها اللاذقية، محملين سماسرة وتجار الاخشاب مسؤولية اندلاع الحرائق.
في السياق ذاته، أشار مصدر محلي لمرصد مينا، رفض الكشف عن اسمه، إلى أنه مع اقتراب فصل الشتاء وأزمة المحروقات، التي تعاني منها سوريا تلجأ العائلات لاستخدام الحطب بديلاً للتدفئة، مؤكدا أن هذه الحرائق تعود بالنفع على تجار الفحم.
يذكر أن مناطق سيطرة النظام تشهد أزمة في تأمين المشتقات النفطية اذ لم تستطع روسيا وإيران إمداده من النفط ومشتقاته ولا سيما بعد دخول قانون العقوبات الأمريكية “قيصر” حيز التنفيذ.
بدوره، أكد رئيس اتحاد الفلاحين في اللاذقية، “حكمت صقر” أن أيادي خفية وراء الحرائق، وأن اندلاع أكثر من 30 حريقاً بالتوقيت نفسه ليس مصادفة، مضيفاً: “أعقاب السجائر والماس الكهربائي لا يخلف كل هذه الحرائق، ولا شك أن هناك أيادي فاعلة غايتها التخريب”.
المصادر أشارت إلى حالة غضب في أوساط المؤيدين للنظام طالت الجيش الروسي، الذي لم يقدم أي مساعدة في إخماد الحرائق على حد تأكيدهم، رغم وجود قاعدة حميميم العسكرية بالقرب من مكان انتشار الحرائق.
من جهته أقر وزير الزراعة “حسان قطنا “، بأن معدلات الحرائق المسجلة حالياً، لم تعرفها سوريا طيلة تاريخها، لافتاً إلى أنه تم تسجيل اندلاع 79 حريقاً في المنطقة الساحلية، خلال الساعات الـ 24 الماضية، مشيرا إلى أن حدوث 8 حرائق في وقت واحد في طرطوس هو دليل على وجود مشكلة.
وأوضح أن بعض الحرائق انتقل من أراضي الفلاحين إلى الأراضي الحراجية، وبعضها كانت نواة اشتعالها من قلب الحريق مما يدل على أن هناك معتدين، على حد قوله. لافتا إلى أن الحرائق كانت شديدة الاشتعال لعدة أسباب، وليست نتيجة عوامل طبيعية، وسبب الحريق لحد الآن غير معروف، البعض يقول نتيجة مرور أسلاك الكهرباء فوق الأراضي، وآخرين نتيجة حرق الأعشاب.
كارثة الأمونيوم..
التحذيرات من تداعيات انتشار الحرائق وصل إلى التذكير بانفجار “مرفأ بيروت”، اذ حذر رئيس بلدية بلدة الحفة في محافظة اللاذقية “رائد إبراهيم”، من حدوث كارثة كبرى في حال وصول النيران إلى المصرف الزراعي، الذي يحوي 150 طنا من نترات الأمونيوم، مطالباً السلطات المعنية بإرسال مروحيات لإخماد النيران قبل اشتعال كامل بلدة الحفة، التي تقع على بعد 27 كيلومترا شمال شرق اللاذقية.
كما أكد “إبراهيم” أن البلدة تشتعل والناس باتت في الشوارع، موضحاً أنه سيتم إخلاء مشفى الحفة الخاص بعزل مرضى كورونا، بسبب اقتراب النيران من محيطه، مضيفا أن: “جميع المناطق والقرى التابعة للحفة من دفيل إلى شيرقاق وبكاس ورسيون وحبيت والقاقعية والمختارية تشتعل والأهالي يهربون من المنازل إلى المدينة للجوء عند أقاربهم وبعضهم يبقون في الشوارع”.
تحذيرات سابقة..
منظمة الدفاع المدني السوري المعروفة باسم “الخوذ البيضاء” أعلنت في وقت سابق استعدادها للتدخل وإطفاء الحرائق التي اشتعلت في الغابات الحراجية الخاضعة لسيطرة النظام السوري. وأشارت المنظمة إلى أن الآثار الناجمة عن تلك الحرائق لن تقتصر على منطقة بعينها، وقد تمتد لمناطق أوسع، ما يؤدي إلى تهديد التجمعات السكانية وكارثة بيئية على مستوى سوريا، موضحة: “ما خلفته الحرائق الحالية بحاجة إلى سنوات طويلة للتعافي منه”.
وكان وزير الزراعة والاصلاح الزراعي في حكومة الأسد “محمد حسان قطنا”، في وقت سابق، أكد أنه لم يطبق أي قرار ضد معتدين على الغابات في سوريا منذ العام 2005 رغم تسجيل عدد كبير من الضبوط، مطالباً بتطبيق القانون عندما تثبت الإدانة، وعدم البحث عن فرص للتهرب من محاسبة أي معتد.
ولفت “قطنا” إلى أنه لا يوجد أي دراسة لمواقع الحرائق منذ 30 عامًا، وعدم تطوير العمل لن يبقي أي شجرة حراجية في 2050.
ويفرض قانون الحراج في سوريا، عقوبات قاسية بحق المتسببين بإضرام الحريق، إذ تصل العقوبة في الفصل 11 من قانون العقوبات بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن سبع سنوات كل من يضرم النار قصدًا، بأي وسيلة كانت في الحراج أو الأراضي الحرجية أو المحميات الحرجية أو مناطق الوقاية.
ووفقاً لبيانات وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي اندلع 57 حريقًا حراجيًا، والتهم 1.7 هكتار من الأراضي المحمية، منذ بداية العام الحالي حتى 9 من أيلول الفائت.