fbpx
أخر الأخبار

سوريا.. تركيا، وحال العرب

زاوية مينا

أعاد مشروع مارشال إعمار أوروبا المدمرة، وليس لسوريا المدمّرة أيّ مارشال بوسعه إعادة إعمارها.. ثمة سوريا جديدة ليست سوى تقاطع النفوذ وهو التقاطع الذي لم يتضح منه حتى اللحظة سوى:

ـ الإرادة التركية، وبعض من القطرية.
ما الذي تسعى اليه تركيا؟
تسعى تركيا إلى التحول للدولة الوصي على سوريا الجديدة.
ـ لِمَ لا وقد احتوت نازحيها ومعارضاتها؟

كما ليس لا وهي الدولة المجاورة الأكثر قوّة وقدرة على مدّ أقدامها إلى سوريا وفي سوريا إغرائين:

ـ إغراءات إعادة الإعمار بما يستتبعه من عائدات.
ـ وخطوة عسكرية باتجاه اجتثاث ما تعتقده من مخاطر يمليها الكرد على الجمهورية؟

تركيا اليوم تلعب دور “رعاية النظام الجديد والتأثير فيه وتحريكه بحسب المصالح التركية العليا”. وتشمل الرعاية التركية الجوانب العسكرية والاقتصادية بشكل خاص، عدا عن الجوانب الاجتماعية والثقافية، وتفعيل دور “القوة الناعمة” في التغلغل داخل المجتمعات السورية وداخل القوى السياسية والفصائل المسلحة المختلفة.

تريد أنقرة (وحسب قراءات مختلفة بما فيها قراءات كردية) من سوريا الجديدة ملحقاً لها وسوقاً جديدة. وليس من المستبعد أن تنشأ الحكومة التركية وزارة جديدة تسميها «وزارة شؤون سوريا». ويمكن تثبيت النقاط التالية كخلاصة:

أولاً: ترى تركيا أنها هي من دعمت المعارضة السورية المسلحة لسنوات طويلة وحمتها واحتضنت ملايين السوريين، وهي من أشرفت على العملية العسكرية الأخيرة «ردع العدوان». وبالتالي، هي صاحبة الفضل في الانتصار العسكري وانهيار النظام السوري وهروب الأسد.

ومن هنا، من تسلم السلطة في دمشق هم حلفاء أنقرة وما كانوا ليكونوا في السلطة لولا الدعم والإسناد التركي. وعليه، يجب أن تحظى أنقرة بالمكانة الأولى لدى سوريا الجديدة. وظهر ذلك من خلال زيارات وزير الخارجية ورئيس الاستخبارات لدمشق واللقاءات مع الشرع وأركان الحكومة المؤقتة والمظاهر والدلالات الاحتفالية التي رافقت تلك الزيارات.

ثانياً: سارعت الحكومة التركية إلى الحديث عن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع الحكومة المؤقتة، استباقاً لأي تطور ليس في الحسبان.

وستضمن هذه الاتفاقية لتركيا حقوقاً وامتيازات من جهة التنقيب عن الغاز والنفط لم تكن لتحلم بها قبل التغيير الأخير في دمشق، وموقفاً أقوى تجاه المنافسين لها في المجال البحري وهم اليونان وقبرص وإسرائيل ومصر.

وكذلك، إقامة قواعد عسكرية استراتيجية في حماة وحمص ودمشق والإشراف على إعادة بناء الجيش السوري والأجهزة الأمنية، وبالتالي تمرير الرؤى والعقيدة العسكرية التركية إلى داخل المؤسسات السيادية السورية. وهنا، تريد تركيا تجاوز دوري إيران وروسيا والإحلال مكانهما، أي بكلام آخر بناء دولة داخل الدولة تكون قادرة من خلالها على التحكم في سوريا الجديدة.

ثالثاً: تحويل سوريا إلى ممر لخطوط الغاز وطرق التجارة الدولية، على أن تنتهي هذه الخطوط في الموانئ والمطارات التركية وتستفيد منها تركيا بشكل رئيسي وتأخذ حصة الأسد لنفسها. ويدور الحديث حالياً حول أنبوب الغاز القطري وطريق التنمية القادم من الخليج والعراق.

رابعاً: ترسيخ تركيا لواقع التتريك في المناطق التي احتلتها منذ عام 2016 وبنت فيها حكومة مؤقتة وفرض «الجيش الوطني» التابع لها على السلطة الجديدة في دمشق ونشر المراكز الثقافية التركية وفتح فروع للجامعات والمعاهد التركية في سوريا، وبالتالي التغلغل الثقافي والاستفادة من الكوادر السورية التي درست في تركيا أو في المناطق التي سيطرت عليها أنقرة في العمليات العسكرية الثلاث التي شنتها أعوام 2016 و2018 و2019.

خامساً: الحيلولة دون قبول دمشق الاعتراف بالإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا وبقوات سوريا الديمقراطية، وبالتالي المضي قدماً في الموقف العدائي لهما وعدم إشراك الكرد في الحكم ورفض الاعتراف الدستوري بالقومية الكردية في سوريا.

كل ما سبق هو ما تريده تركيا من سوريا، ولكن ما الذي أراده العرب من البلد الذي سيحتاج إلى إعادة الإعمار لاستعادة الحياة.
ـ ما الذي تريده؟

ثمة تغطية إعلامية، لمذيعة بالغة الظهور والذكاء.
هذا كل ما قُدّم للسوريين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى