سوريا تشهد أول امتحانات عامة بعد سقوط الأسد وسط استعدادات أمنية مكثفة

مرصد مينا
شهدت سوريا أمس السبت انطلاق أول دورة من الامتحانات العامة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وسط استعدادات أمنية ولوجستية وإدارية غير مسبوقة شاركت فيها جهات محلية ودولية.
وتوجه صباح السبت، أكثر من 405 آلاف طالب وطالبة إلى 2007 مراكز امتحانية موزعة على جميع المحافظات السورية، لتقديم امتحانات المرحلة الثانية من التعليم الأساسي (الإعدادية)، في مشهد يعكس بداية مرحلة جديدة من الاستقرار التعليمي بعد سنوات من الصراع.
ما يميّز هذه الدورة الامتحانية هو تمكُّن آلاف الطلبة من محافظتَي الحسكة والرقة (شمال شرق سوريا تخضع لسيطرة الإدارية الذاتية) من التقدم للامتحانات في مراكز رسمية أُحدثت داخل مناطقهم، وذلك للمرة الأولى منذ أعوام
وأعلنت وزارة التربية والتعليم السورية عن افتتاح مراكز امتحانية بالتنسيق مع “الإدارة الذاتية”، وتحت إشراف مباشر من منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، في خطوة تهدف لتوفير بيئة تعليمية متكافئة لجميع الطلبة السوريين، بغض النظر عن مناطق سكنهم.
وبحسب وزير التربية والتعليم محمد عبد الرحمن تركو، بلغ عدد المتقدمين لشهادة التعليم الأساسي نحو 369 ألف طالب وطالبة، بينما بلغ عدد المتقدمين لامتحانات التعليم المهني الإعدادي 24,700 طالب، في حين خاض نحو 10,500 طالب امتحانات الشهادة الشرعية.
في محافظة الحسكة وحدها، افتُتح 39 مركزاً امتحانياً تضم 589 قاعة صفية، بينها 18 مركزاً في مدينة القامشلي و21 مركزاً في مدينة الحسكة، بما يلبّي احتياجات آلاف الطلبة في المنطقة.
وتشير الإحصاءات إلى أن نحو 26 ألف طالب وطالبة من الحسكة والرقة مؤهلون للتقدُّم إلى الامتحانات، وقد اختار 8 آلاف منهم الخضوع لها وفق مناهج الحكومة، ضمن المراكز المستحدثة محلياً، بدلاً من اضطرارهم سابقاً للسفر إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية.
علماً أن هؤلاء وخلال السنوات الماضية كانوا يضطرون للتقدم إلى الامتحانات في مناطق سيطرة النظام، ما يعرِّض نسبةً كبيرةً منهم لاحتمال الحرمان من الامتحانات لصعوبات التنقل.
لكن السلطات الجديدة قرَّرت أن يتم فتح مراكز امتحانية في محافظتَي الحسكة والرقة، بالاتفاق مع سلطات “الإدارة الذاتية”؛ لضمان وصول التعليم إلى الجميع.
رئاسة الجمهورية أبدت اهتماماً خاصاً بالعملية التعليمية، حيث شارك معاون الأمين العام لرئاسة الجمهورية لشؤون مجلس الوزراء، المهندس علي كدة، في اجتماع تحضيري عقدته وزارة التربية في دمشق عشية الامتحانات، لمناقشة الاستعدادات النهائية لشهادتي التعليم الأساسي والثانوي.
كما تم إقرار سلسلة من الإجراءات الجديدة لتسهيل سير الامتحانات، شملت تحسين آليات التسجيل الإلكتروني وتحديث أدوات الطباعة وتوزيع الطلاب والمراقبين بطريقة أكثر دقة وتنظيماً.
ومن أبرز هذه الإجراءات، تطبيق نظامي “مدير” و”مدير أحرار” لتسجيل الطلاب النظاميين والأحرار على التوالي، مما أتاح تسريع العملية وتجاوز العقبات الورقية المعتادة.
كما تم تجهيز المراكز بأنظمة مراقبة وتنظيم إلكترونية، وتوفير مستلزمات الطباعة داخل المراكز نفسها، لضمان سلاسة العملية الامتحانية في مختلف المحافظات.
ورغم اعتماد أساليب حديثة في التنظيم والرقابة، حافظت السلطات على الإجراء المثير للجدل المتعلق بالقطع المؤقت للاتصالات خلال فترات الامتحان، وهو الإجراء ذاته الذي كان يُطبق في عهد النظام السابق، والذي بررته الجهات المعنية بأنه “الخيار الأفضل لضمان نزاهة الامتحانات”.
إلى ذلك، أعلنت قيادة الأمن الداخلي في محافظة حماة ضبط شبكة متورطة في ترويج واستخدام أجهزة لاسلكية مخصصة للغش الامتحاني.
ووفقاً لمصدر أمني، فقد أُلقي القبض على عدد من المتورطين، بينما تواصل الجهات المختصة ملاحقة بقية أعضاء الشبكة، في إطار حملة لضمان شفافية الامتحانات.