سوريا: تصاعد المعارك في السويداء ودخول مسلحين من العشائر إلى أطراف المدينة

مرصد مينا
تشهد محافظة السويداء في جنوب سوريا تصعيداً عسكريًا خطيراً، مع تجدد المواجهات العنيفة بين مسلحي العشائر البدو من جهة، ومجموعات مسلحة درزية من جهة أخرى، وسط تضارب المعلومات بشأن تحركات قوات الأمن التابعة لحكومة دمشق في المنطقة.
وبينما تحدثت مصادر إعلامية عن موافقة إسرائيل على السماح بدخول محدود لقوات الأمن السورية إلى السويداء لمدة 48 ساعة، نفت وزارة الداخلية السورية صحة هذه الأنباء، مؤكدة عدم إصدار أي قرار رسمي بخصوص دخول قواتها إلى المحافظة حتى الآن.
وفي التطورات الميدانية، أفادت وسائل إعلام محلية مساء الجمعة بأن مجموعات مسلحة من العشائر البدوية بدأت بالدخول إلى مدينة السويداء من جهتها الغربية، بعد معارك عنيفة شهدتها القرى المحيطة بالمدينة، ولا سيما قرية المزرعة التي سقطت في أيدي مسلحي العشائر، فيما تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تزعم استعادة القوات الدرزية السيطرة على بلدة ولغا الواقعة على مدخل السويداء الغربي.
وفي خضم هذه الفوضى الأمنية، أعلنت منظمة “الخوذ البيضاء” فقدان الاتصال برئيس مركز الاستجابة الطارئة لديها، حمزة العمارين، الذي اختُطف أثناء مهمة لإجلاء فريق من الأمم المتحدة من منطقة الاشتباكات.
وأوضحت المنظمة في بيان لها أن العمارين كان يرتدي زي الدفاع المدني ويقود سيارة تحمل شعارات المنظمة، حين أوقفه مسلحون يتبعون للزعيم الدرزي حكمت الهجري عند دوار العمران بمدينة السويداء واقتادوه إلى جهة مجهولة، بينما استولوا على سيارته.
وذكرت أن سيدة محلية كانت برفقته أكدت واقعة الاختطاف والجهة الخاطفة. وأضافت المنظمة أنها تلقت اتصالًا هاتفياً من رقم هاتف العمارين، حيث طمأنهم شخص مجهول على سلامته، قبل أن ينقطع الاتصال مجدداً.
الخوذ البيضاء طالبت بالإفراج الفوري عن العمارين، محذرة من استخدام السيارة المصادرة في أي أعمال تهدد سلامة المدنيين، ووصفت الحادثة بأنها “انتهاك خطير” بحق العمل الإنساني والعاملين في المجال الإغاثي، مؤكدة التزامها التام بالحياد، وداعية جميع الأطراف لاحترام مهمتها الإنسانية وعدم استهداف كوادرها.
وفي ظل استمرار الاشتباكات، أعلنت وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث السورية أن حصيلة ضحايا المواجهات في محافظة السويداء تجاوزت 650 قتيلاً وجريحاً، مع توجه الآلاف من مسلحي العشائر إلى المنطقة بعد إعلانهم “النفير العام” لمساندة العشائر البدوية.
وأكد مصدر طبي في مستشفى السويداء، نقلاً عن وكالة الصحافة الفرنسية، استقبال أكثر من 400 جثة منذ يوم الاثنين الماضي.
الشبكة السورية لحقوق الإنسان أكدت، من جانبها، أن عدد القتلى في أعمال العنف الأخيرة بلغ ما لا يقل عن 321 شخصاً، وفق آخر تحديثات أصدرتها، بينما ذكرت وكالة “رويترز” أن الحكومة السورية تحدثت عن انتشال 87 جثة، دون توضيح ما إذا كانت هذه الحصيلة نهائية.
وفي ما يخص موقف الحكومة السورية، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا، في بيان رسمي، إن “قوات الوزارة في حالة جاهزية طبيعية”، ونفى بشكل قاطع دخول قوى الأمن الداخلي إلى محافظة السويداء، محذراً وسائل الإعلام من نشر ما وصفه بـ”المعلومات غير الدقيقة”، ومحملاً إياها مسؤولية نقل أخبار غير موثوقة.
في المقابل، صرح مسؤول إسرائيلي لوكالة “رويترز” أن إسرائيل وافقت على السماح بدخول قوات الأمن السورية إلى محافظة السويداء بشكل محدود ولمدة 48 ساعة، في محاولة للسيطرة على الفوضى الأمنية التي تشهدها المنطقة، موضحاً أن هذا القرار جاء في ظل استمرار حالة عدم الاستقرار جنوب غرب سوريا.
ميدانياً، أظهرت صور تداولتها وسائل الإعلام استعداد مقاتلين من العشائر السورية في محافظة درعا والمحافظات الأخرى للتوجه إلى خطوط المواجهة في السويداء، فيما حذر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، من خطورة الوضع الإنساني في السويداء، مؤكداً أن “وقف سفك الدماء والعنف يجب أن يكون أولوية مطلقة”.
وطالب تورك بفتح تحقيقات مستقلة وسريعة وشفافة في جميع أعمال العنف والانتهاكات التي تشهدها المحافظة، مع ضمان محاسبة المسؤولين عنها.
الرئاسة السورية، من جانبها، قالت إن سحب القوات العسكرية من السويداء جاء لمنح الفرصة لمساعي التهدئة ولتجنب التصعيد، مشيرة إلى أن هذا القرار جاء استجابة لمساعٍ أميركية وعربية للوساطة.
إلا أنها اتهمت “القوات الخارجة عن القانون” في السويداء بخرق اتفاق التهدئة، وارتكاب “جرائم مروعة” تهدد السلم الأهلي وتدفع بالوضع نحو الفوضى والانهيار الأمني.
أما إسرائيل، فطالبت الحكومة السورية بسحب قواتها من الجنوب السوري، محذرة في الوقت ذاته من أنها لن تسمح بوجود عسكري معزز للقوات السورية على حدودها.