أخر الأخبار

سوريا تصطدم بعقبات معقدة في طريق العودة إلى نظام “سويفت” والتحويلات الدولية

مرصد مينا

في ظل محاولات الحكومة السورية إعادة دمج النظام المصرفي في الأسواق المالية العالمية، تبرز عقبات جدية تعرقل انخراط سوريا مجدداً في شبكة “سويفت” للتحويلات المالية، ما يحدّ من قدرتها على تنفيذ التحويلات البنكية الدولية، خاصة تلك المقوّمة بالدولار.

ورغم أهمية العودة إلى نظام “سويفت” في تسهيل المعاملات المالية، وخفض الاعتماد على السوق السوداء وشبكات التحويل غير الرسمية مرتفعة التكاليف، إلا أن الطريق ما زال مليئاً بالصعوبات البنيوية والسياسية، حسب ما يؤكده خبراء اقتصاديون ومراقبون.

ويُعدّ استئناف عمل “سويفت” أداةً محورية في دعم تحويلات المغتربين، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتأمين تدفقات مالية قد تساهم في تمويل عمليات إعادة الإعمار، والتي قدّرت مؤسسات مالية دولية تكلفتها بما يزيد عن 400 مليار دولار.

إضافةً إلى ذلك، فإن الانخراط في النظام من شأنه أن يفتح الباب أمام إصلاحات مصرفية واسعة، تشمل تحديث البنية التحتية للبنوك، وتعزيز معايير الشفافية والامتثال، وإنشاء مؤسسات ضمان للودائع، الأمر الذي قد يسهم في استعادة الثقة من جانب المستثمرين المحليين والدوليين.

لكن، ووفقاً للخبير الاقتصادي السوري يونس الكريم، فإن عودة سوريا إلى نظام “سويفت” ليست خطوة إجرائية بسيطة، بل تخضع لجملة من الشروط الفنية والسياسية.

يوضح الكريم في تصريح صحافية له أمس السبت أن “سويفت لا يعمل بشكل مباشر مع الدول بل مع البنوك، ويستلزم الانضمام إليه موافقات من جهات متعددة، في مقدمتها مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي، نظراً لدوره المحوري في إدارة النظام المالي العالمي، خصوصاً المرتبط بالدولار الأميركي”.

غياب الشفافية ومخاطر السيولة

من بين أبرز التحديات، يشير الكريم في حديثه إلى غياب الشفافية والثقة في النظام المصرفي السوري، خاصة مع استمرار ما يُعرف بسياسة “حبس السيولة” داخل البنوك، والتي تعني عدم قدرة العملاء على سحب ودائعهم بحرية.

ويضيف أن هذا الإجراء يولد مخاوف لدى الأفراد والمنظمات من استخدام نظام التحويلات عبر البنوك السورية، لعدم وجود ضمان فعلي بوصول الأموال إلى وجهتها أو إمكانية التصرف بها.

وتطرق الكريم أيضاً إلى ما وصفه بـ”الممارسات غير الرسمية” في إدارة الأموال الحكومية، مشيراً إلى دور شركة “شام كاش” في تنفيذ العمليات المالية، وهي كيان لا يتمتع بوضع قانوني واضح دولياً، ما يزيد من المخاطر المتعلقة بالامتثال الدولي.

عقوبات معلّقة لا مرفوعة

رغم تعليق بعض العقوبات المفروضة على دمشق، إلا أن هذا التعليق لا يعني رفعاً دائماً لها، مما يبقي البنوك العالمية في موقع الحذر عند التفكير في استئناف التعامل مع المؤسسات المالية السورية.

وتخشى العديد من البنوك من الوقوع تحت طائلة الإجراءات العقابية الأميركية أو الأوروبية في حال عودة العقوبات مجدداً.

ويرى الكريم أن تسريع الانخراط في شبكة “سويفت” قد يكون ممكناً عبر التعاون مع بنوك في دول مثل تركيا وقطر، لتعمل كجهات مرسلة أو ضامنة، إلا أن مثل هذا التعاون لم يتحقق حتى الآن بشكل فعلي، وسط غياب أي ضمانات رسمية من هذه البنوك.

صورة ضبابية

في ضوء هذه التحديات، يؤكد الخبراء أن الحديث عن عودة قريبة لسوريا إلى شبكة “سويفت” يبدو سابقاً لأوانه، ما لم تُعالج الملفات الشائكة المتعلقة بالامتثال، والثقة، والشفافية، والضمانات الدولية.

وإلى حين ذلك، ستبقى البنوك السورية خارج الإطار الفعلي للنظام المالي العالمي، وستظل التحويلات الخارجية خاضعة لقنوات غير رسمية ومعرّضة لتكلفة ومخاطر أكبر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى