fbpx
أخر الأخبار

سوريا ما بين: إعادة الإعمار أو الاحتلال

سيبدو سؤال:

ـ من سيعيد إعمار سوريا؟

سيبدو سؤالاً مبكرًا جدًا، فالخراب مازال يتدحرج فوق البلاد، والحرب في هدنة، ومن المجازفة القول أنها انتهت.

المعادلات الصفرية لاتنهي الحروب، لكنها قادرة على خلق الاستعصاء، وسوريا حتى اللحظة في حالة االاستعصاء هذه، ولكن ماذا لو انتهت المعادلة الصفرية، بانتصار أحد طرفي النزاع (أو بالأحرى أحد أطراف النزاع)؟

ـ ماذا ععن إعادة العمر.

السؤال المبكر اليوم، قد يتحوّل إلى سؤال راهن ومباشر وملحاح غدًا.

سوريا تفتقر  تقريبًا إلى جميع الشروط الواجب توافرها لتحقيق إعادة إعمار ناجحة في مرحلة ما بعد الحرب.

تلك حقيقة تستند إلى مجموعة من العوامل أولها أن العوامل الجيواقتصادية المحرّكة للصراع هناك،  تشير إلى أن البلاد ستواصل تشرذمها السياسي والأمني الحاد، في ظل قدرتها المحدودة على توفير التمويل اللازم لإعادة الإعمار. ونظراً إلى موارد سوريا المحدودة والخسائر الفادحة التي ألحقتها الحرب ببنيتها التحتية وشعبها، سيتعيّن على البلاد الاعتماد بشكل شبه كامل على التمويل الخارجي لإعادة الإعمار، من خلال المساعدات والقروض والاستثمارات.

هنا سيكون السؤال:

ـ ماذا لو انتصر النظام؟ ما الذي سيكون عليه حال إعادة الإعمار؟

ثمة عوامل جيواقتصادية تقوّض الحصول على هذا التمويل، إذ من المستبعد أن توفّر الدول الغنية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي التمويل اللازم لعملية إعادة إعمار يديرها النظام. فالولايات المتحدة فرضت عقوبات على النظام السوري لمنعه من الحصول على قروض واستثمارات أجنبية.

هذا عن مناطق النظام، وهذا :

ـ إذا ما انتصر النظام.

وعلى الرغم من أن حلفاء الرئيس السوري بشار الأسد، مثل روسيا وإيران، يخططون لوجود عسكري طويل الأمد في سورية، فهم لا يملكون الموارد اللازمة لتمويل إعادة الإعمار، ويُعزى ذلك إلى انخفاض أسعار النفط، والعقوبات المفروضة عليهم. أضف إلى ذلك أن سورية ليست غنية بالموارد الطبيعية، ما كان ليساهم في جذب المستثمرين الصينيين، كما حدث في أنغولا مثلًا. لذا، قد تكون النتيجة التخلي تمامًا عن أي مسعى يرمي إلى إعادة إعمار واسعة النطاق.

كذلك، لا تُعدّ سورية بيئة مناسبة لأي نوع من الاستثمار الخاص المحلّي أو الأجنبي نظرًا إلى ارتفاع وتائر الانقسام الأمني والسياسي في البلاد، بسبب الوجود العسكري للقوات الحكومية السورية، والميليشيات الموالية للنظام والمعارضة له، والقوات الأجنبية المتحالفة معه والمعادية له.

في مرحلة ما قبل الحرب، شكّل القطاع الخاص القوي والنَشِط في سورية سمة إيجابية. لكن الصراع أرغم العديد من مستثمري القطاع الخاص على مغادرة البلاد إلى دول مجاورة. إضافةً إلى ذلك، لن يعيد نقص التمويل، وارتفاع مستويات التشرذم الأمني، وتجزئة الأسواق الوطنية المستثمرين إلى البلاد. لهذا السبب، ستهيمن على الأرجح ديناميكيات اقتصاد الحرب على المشهد السوري في مرحلة ما بعد الصراع.

وُصفت سورية بالدولة الشرسة، حيث يضع حكامها أولوية بقاء النظام فوق كل اعتبار، على عكس الدول الضعيفة في مرحلة ما بعد الحرب. لذلك، وعلى غرار مسألة عودة اللاجئين، قد لا ينصبّ الاهتمام على إعادة الإعمار إذا كانت تتعارض مع استمرار سيطرة النخب الحاكمة وحلفائها على الشؤون الأمنية والسياسية. وحتى الآن، فشلت جميع سياسات العصا والجزرة الرامية إلى تغيير سلوك النظام من خلال توفير الحوافز المالية من جهة وفرض العقوبات عليه من جهة أخرى.

هذه الاستخلاصات ستقود إلى استخلاص رئيسي:

ـ مادام هذا النظام فلن يكون ذاك الإعمار.

ما الحال في المناطق الخاضعة للقوات االتركية، فيما لو استمر الاستعصاء والمعادلات الصفرية؟

بمعنى آخر:

ـ ماذا لو توزع الانتصار وحدث التقسيم الفعلي بل والقانوني للبلاد، وسيكون الطرف الآخر منه تلك المناطق الواقعة تحت الإدارة التركية؟

في المناطق الخاضعة إلى سيطرة تركيا، تتماشى عملية إعادة الإعمار أساسًا مع ضمّ أنقرة الفعلي لتلك الأجزاء من سورية. وبذلك سيكون الاحتلال النهائي للأراضي السورية، والحاقها بالأراضي التي سبق ضمها منذ السلطنة، أي أنها ستنضم الى لواء اسكنرون وأضنة وباقي المناطق التي احتلتها تركيا، ولم يسبق أن وطأت القدم التركية مكانًا وخرجت منه.

في هكذا حال ستكون المعادلة:

ـ الاحتلال مقابل إعادة الإعمار.

ايّ خيارات متبقية للسوريين؟

سيخيم هذا السؤال بثقله على مستقبل سوريا، كما أثقلت أسئلة الحاضر على بلاد لم تجب حتى اللحظة عن أي سؤال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى