شخصيات فارقت الحياة خلال 2020.. الرجل العسكري الذي حكم “أم الدنيا” ثلاثة عقود
مرصد مينا – بروفايل
شهد العام 2020، وفاة الرئيس المصري الأسبق، “حسني مبارك” عن عمر 91 عاماً، وذلك بعد نحو 9 سنوات من الإطاحة بحكمه الذي استمر ثلاثة عقود.
يعرض لكم مرصد مينا فيما يلي، أبرز محطات حياة الرئيس الرابع لدولة مصر، وأحد أهم رموزها السياسية والعسكرية، الرجل الذي رسخ أطول فترة هدوء في التاريخ المصري الحديث، وانتهت بواحدة من أكثر أحداث مصر سخونة وهي ثورة 25 يناير 2011.
الولادة والنشأة
ولد “محمد حسني مبارك” في الرابع من شهر أيار\ مايو عام 1928 في بلدة “كفر مصيلحة” من أبوين مصريين، و له أربعة إخوة وأخوات.
درس المرحلتين الابتدائية والإعدادية في مدارس بلدة “كفر مصليحة” و أنهى مرحلة التعليم الثانوي بمدرسة المساعي المشكورة في شبين الكوم، قبل ان يلتحق بالكلية الحربية، ويحصل على بكالوريوس العلوم العسكرية في شهر شباط\ فبراير 1949.
بعد بعام واحد حصل “حسني مبارك” على بكالوريوس علوم الطيران من الكلية الجوية في 12 آذار \مارس 1950
المناصب العسكرية والسياسية
تدرج مبارك في الوظائف العسكرية فور تخرجه، حيث عين بالقوات الجوية في العريش، ثم نقل إلى مطار حلوان عام 1951 للتدريب على المقاتلات، واستمر به حتى بداية عام 1953.
سافر في بعثات متعددة إلى الاتحاد السوفيتي، للتدريب على القاذفة إليوشن ـ 28، كما تلقى دراسات عليا بأكاديمية فرونز العسكرية بالاتحاد السوفيتي (1964 ـ 1965).
عام 1966 أصبح “حسني مبارك”، قائداً للواء قاذفات قنابل، وقائداً لقاعدة غرب القاهرة الجوية بالوكالة، عُين مديراً للكلية الجوية في نوفمبر 1967، وشهدت تلك الفترة حرب الاستنزاف، رُقي لرتبة العميد في 22 يونيه 1969، ليشغل منصب رئيس أركان حرب القوات الجوية، ثم قائداً للقوات الجوية في أبريل 1972، وفي العام نفسه عُين نائباً لوزير الحربية.
قاد “حسني مبارك” القوات الجوية المصرية أثناء حرب أكتوبر 1973وعرف بلقب صاحب أول ضربة جوية حيث كانت لها أثر كبير في ضرب النقاط الحيوية للقوات الإسرائيلية في سيناء مما أخل بتوازنه وسمح للقوات البرية المصرية لعبور قناة السويس والسيطرة علي الضفة الشرقية للقناة وعدة كيلومترات في أول أيام الحرب تحت غطاء وحماية القوات الجوية المصرية.
على إثر ذلك، ترفع إلى رتبة فريق طيار في فبراير 1974، وفي أبريل 1975، اختاره “أنور السادات” نائباً لرئيس الجمهورية، ليشغل هذا المنصب من عام 1975 حتى 1981.
عندما أعلن السادات تشكيل الحزب الوطني الديموقراطي برئاسته في يوليو 1978، ليكون حزب الحكومة في مصر بدلاً من حزب مصر، عين “حسني مبارك” نائبًا لرئيس الحزب. وفي هذه المرحلة تولى أكثر من مهمة عربية ودولية، كما قام بزيارات عديدة لدول العالم، ساهمت إلى حد كبير في تدعيم علاقات هذه الدول مع مصر.
فترة الرئاسة
وفي 14 من تشرين الأول\ أكتوبر 1981 تولى “محمد حسني مبارك” رئاسة جمهورية مصر العربية، بعدما تم الاستفتاء عليه بعد ترشيح مجلس الشعب له في استفتاء شعبي، خلفاً للرئيس “محمد أنور السادات”، الذي اغتيل في 6 أكتوبر 1981، أثناء العرض العسكري الذي أقيم بمناسبة الاحتفال بذكرى انتصارات أكتوبر 1973.
و أُعيد الاستفتاء عليه رئيساً للجمهورية لفترات رئاسية ثانية وثالثة ورابعة، كما تم انتخابه لفترة ولاية جديدة عام 2005 في أول انتخابات رئاسية تعددية تشهدها مصر، عقب إجراء تعديل دستوري في ظل انتخابات شهدت أعمال عنف واعتقالات لمرشحي المعارضة.
يقسم الخبراء حكم “مبارك” إلى فترتين، الأولى بدأت منذ 1981 وحتى 1995، وكانت تقليدية هادئة محافظة على المستويين الداخلي والخارجي، إلا من أزمة حرب الخليج، حيث كان يتحكم فيها رجال الدولة التقليديون، من الشرطة والموظفين البيروقراطيين، مع الحفاظ على الحد الأدنى للمعيشة، وتوفير دعم التموين والطاقة والكهرباء والمياه.
أما الفترة الثانية منذ 1995 وحتى 2011، حيث بدأ مبارك يفقد فيها سياساته التقليدية بشكل متسارع، حيث تغولت الدولة البوليسية، خاصة جهاز أمن الدولة، كما بدأت سياسة خصخصة شركات القطاع العام التي شابها الفساد، وظهر أباطرة رجال الأعمال، وتراجعت قيمة الجنيه وبالتالي ارتفعت الأسعار، وهيمنت حاشية نجله جمال على مقاليد البلاد، خاصة في ظل الحديث عن التوريث الذي اعتبره البعض القشة التي قصمت ظهر نظامه.
خلال فترة حكمه أكمل “مبارك” مفاوضات السلام التي بدأها “أنور السادات” مع إسرائيل في كامب ديفيد، استمرت عملية السلام بين مصر وإسرائيل حتى استُرجعت أغلب شبه جزيرة سيناء من إسرائيل، ولجأت مصر إلى التحكيم الدولي لاسترجاع منطقة طابا من الاحتلال الإسرائيلي إلى ان حُكم لصالح مصر وتم استرجاع طابا عام 1989.
ويرى الخبراء أن أهم ما يميز الأداء الاقتصادي في عهد الرئيس “مبارك” ارتفاع الدين الداخلي إلى 300 مليار جنيه بخلاف مديونية الهيئات الاقتصادية التي تبلغ 39 مليار جنيه.
ثورة يناير وسقوط نظامه
في 25 كانون الثاني\ يناير 2011 بدأت موجة من التظاهرات حيث قُدّر عدد المشاركين فيها بثمانية ملايين شخص في أنحاء مصر، وواجه النظام المصري هذه التظاهرات بعنف أدى إلى مصرع المئات.
ألقى مبارك خطبتين خلال الأحداث، أعلن في الأولى عن مجموعة من القرارات وصفها بإصلاحات، وقال في الثانية أنه لن يرشح نفسه لفترة رئاسية جديدة في الانتخابات التالية، مؤكدا على أنه لن يتنحى، بدأت بعدها مباشرة مظاهرات تهتف بشعارات مؤيدة لمبارك واشتبكت مع المعتصمين المطالبين بإسقاط حكم مبارك في عدّة مناطق أهمها ميدان التحرير في وسط القاهرة في غياب لتدخل الجيش.
بعد مماطلة لثمانية عشر يوما تنحى الرئيس تحت ضغوط ثورة 25 يناير في يوم 11 شباط\ فبراير 2011، وسلم الحكم للمجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية.
محاكمة مبارك
مثل مبارك في قفص الاتهام لأول مره صباح في شهر آب\ أغسطس 2011 في أكاديمية الشرطة، وظهر مبارك راقدا على سرير متحرك داخل قفص الاتهام.
بعد تلاوة النيابة لائحة الاتهامات التي تضمنت التحريض على قتل المتظاهرين، نفى مبارك مسؤوليته وقال: “كل هذه الاتهامات أنا أنكرها كاملة”.
قررت المحكمة في ختام جلستها تأجيل محاكمة مبارك، كما أمرت بإيداعه في مستشفى المركز الطبي العالمي على طريق القاهرة – الإسماعيلية الصحراوي التابع للقوات المسلحة مع توفير الرعاية الطبية التي تستلزمها حاله الصحية، والسماح للفريق الطبي المعالج له بمتابعته.
وقد تم الحكم عليه بالسجن المؤبد في جلسة يوم السبت 2 يونيو عام 2012. قامت هيئة الدفاع عنه بالطعن على الحكم وقبلته المحكمة في يوم الأحد الموافق 13 يناير 2013 م ليتم نقله للعلاج في مستشفى المعادي للقوات المسلحة.
وحكمت محكمة الجنح بإخلاء سبيلة بعد انقضاء فترة الحبس الاحتياطي يو 21 أغسطس 2013 تمت تبرئته مع معاونيه في جميع القضايا المنسوبة ضده في 29 نوفمبر 2014 فيما يسمى بمحاكمة القرن.
يوم 25 شباط\ فبراير 2020 توفي حسني مبارك عن عمر ناهز 91 عاما، وشُيع في جنازة عسكرية بحضور رئيس الجمهورية “عبد الفتاح السيسي”، وأعلن الحداد الرسمي لثلاثة أيام.