شرطيون عراقيون بالثياب الداخلية وسجناء يهربون
سُرِّب فيديو من مخفر شرطة الرصافة القسم الشرقي من العاصمة العراقية بغداد، يظهر فيه عناصر الشرطة المسؤولون عن السجن يركضون في الممر وهم بثياب داخلية، بينما يجري في الممر المقابل نحو 15 شخص نحو باب الخروج الرئيسي.
وظهرت علامات الدهشة والمفاجأة على وجوه الشرطة العراقية في مركز مخفر القناة، ويبدون غير قادرين على فهم ما يجري.
ويبدو أن عملية هروب جماعية منظمة لنحو 15 سجيناً بتهم الاتجار بالمخدارت قد تمت بالتنسيق مع مسؤولين رفيعي المستوى، فقد انطفأت الكهرباء أثناء عملية الهروب، وبعدها كانت حافلات وسيارات تنتظر الهاربين على مقربة من مخفر الشرطة ونقلتهم إلى مكان مجهول.
أثارت الحادثة سخط العراقيين من جهاز الأمن الداخلي والشرطة، ما دفع بوزير الداخلية على التدخل فور انتشار مقطع الفيديو، حيث لم تمضِ ساعاتٌ حتى تدخّل وزير الداخلية مُصدراً قرارات رادعة، فقد طالت حُزمةُ إعفاءاتٍ أصدرها “ياسين الياسري”، شملت قائد شرطة بغداد اللواء الركن “علي الغريري”، ومدير شرطة الرصافة، ومدير قسم باب الشيخ من مناصبهم.
تعيش العاصمة العراقية بغداد إجراءات مشددة لملاحقة شبكة المخدرات التي عاثت في البلاد فساداً، واستشرت تجارة المخدرات في الدولة العراقية وبات تجارها من أصحاب النفوذ المالي والعسكري.
وتشهد المدينة العريقة بغداد انتشاراً ليلياً مكثفاً لقوات مشتركة منذ بداية آب الحالي، ظهرت قوة مشتركة قرب فندق ميريديان، وشهود عيان تحدثوا عن دخول تلك القوة إلى إحدى صالات الفندق، ومصادر روت اعتقال أشخاص على صلة بصالات الروليت، من بينهم شخصيةً بارزة، كما تحدثتت مصادر محلية عن اشتراك أمن الحشد الشعبي في العملية التي قادتها قوة كبيرة تحرّكت بأمر مباشر من القائد العام للقوات المسلحة عادل عبدالمهدي، إلّا أنّ أياً من تلك المعلومات لم يصدر عن مسؤول رسمي، رغم شيوع أنباء وتفاصيل الحادثة.
فوجئ البغداديون بإجراءات أمنية مشددة في الشوارع، وتحديداً في جانب الرصافة، حيث ألقي القبض على 15 شخص من شبكة المخدرات، وسرعان ما انتشر فيديو يوثق لحظة هروب هؤلاء الأشخاص- المهمين على ما يبدو في الشبكة المنتشرة في كل أنحاء العراق وذات الصلة برؤوس كبيرة في الحكومة العراقية- وسط ذهول لعناصر الشرطة، ودون أن يقوموا بأي عمل رادع.
واعتقلت السلطات العراقية أمس الثلاثاء 6 آب، زعيم المافيا العراقية الأكبر “حمزة الشمري” رجل الأعمال والمشتثمر، وغاسل الأموال، المنتمي لميليشيا الحشد الشعبي العراقي، وكان “الشمري” قد كُرم عام 2016 من قبل “معممين” بسيف الإمام علي كرم الله وجهه.
وكان وكيل وزارة الداخلية العراقية “عقيل الخزعلي” أعلن في آذار الماضي أن الفساد مستشري في أغلب مراكز الشرطة العراقية.
وتقول الحكومة العراقية؛ إن جذر الفساد في الدولة العراقية منذ العام 2003 إنما تعود إلى أربعين منفذا رئيسا للفساد، يجب أن يتم التركيز عليها في المرحلة الأولى، حتى تستطيع الدولة أن تسترجع فيها قدرتها وهيبتها.
هذه الآلية التي تسمى بالملفات الرئيسية للفساد، وهي على سبيل المثال: تهريب النفط، ملف العقارات، المنافذ الحدودية، الجمارك، تجارة الذهب وتهريبه، السجون ومراكز الاحتجاز، السيطرات الرسمية وغير الرسمية، المكاتب الاقتصادية في المؤسسات والمحافظات والوزارات، تجارة الحبوب والمواشي، شبكة الاتصالات والإنترنت والهواتف النقالة… إلخ.
تُضاف هذه القطاعات الأربعين الرئيسية إلى الكثير من ملفات الفساد المُكتشفة بالأساس، لكن لم يتم تفعيل الأدوات والمؤسسات القضائية والتنفيذية لمتابعتها. تقدر الحكومة العراقية تلك الملفات بحوالي 13 ألف ملف للفساد، يقدر المتورطين فيها بقرابة مليون مشتبه، بين فاسدين ومتعاونين ومرتشين ومعطلين للقانون العام. تتراوح دائرة المؤسسات والإدارات المتورطة بها من التعليم والقضاء، وتمر بالتهريب والرشاوي، ولا تنتهي بوزارتي النفط والدفاع، اللتان تُعتبران من أكثر وزارات العراق فسادا على الإطلاق.
احتل العراق العام الماضي- 2018- المركز السادس عربياً و13 عالمياً في قائمة الدول الأكثر فساداً من إجمالي 168 دولة، بحسب منظمة الشفافية الدولية، وحسب رئيس الوزراء العراقي “عادل عبد المهدي” فإن الفساد في البلاد تجاوزت قيمته ثلاثمئة مليار دولار.
وتشير المعلومات إلى أن آلة الفساد اجتاحت أكثر من تسعة آلاف مشروع في مجالات مختلفة، منها مشاريع وهمية وأخرى متعثرة منذ عام 2004، بحسب تأكيد الحكومة، بقيمة تجاوزت ثلاثمئة مليار دولار.
مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي