صحيفة التايمز تطرح 6 سيناريوهات لنهاية الحرب في أوكرانيا
مرصد مينا
طرحت صحيفة “التايمز” البريطانية ستة سيناريوهات متوقعة لنهاية الحرب في أوكرانيا، الأول هو احتمالية تعليق الرئيس بوتين الآمال على “إجبار أوكرانيا على السلام”، وبالنسبة لموسكو، يجب أن يمثل هذا على الأقل تقدما فيما حققته بالفعل من خلال الضم غير القانوني لشبه جزيرة القرم في عام 2014، والسيطرة الفعلية على جزء من دونباس يحكمه الانفصاليون المدعومون من روسيا.
وتشكل منطقتا لوغانسك ودونيتسك معا إقليم دونباس، المركز الصناعي لأوكرانيا الذي تحتله روسيا الآن جزئيا وتسعى للسيطرة عليه كاملا، وفي حال تمكنت روسيا من السيطرة على دونباس، فقد يتخلى بوتين عن طيب خاطر عن الممر البري على طول البحر الأسود الذي يربط الاتحاد الروسي بشبه جزيرة القرم.
“التايمز” أشارت إلى مهمة شاقة تتعلق بـ”جلب أوكرانيا إلى طاولة المفاوضات”، وفي أكتوبر، وقع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، مرسوما ينص على أنه لا يمكن إجراء مفاوضات مع روسيا ما دام بوتين في سدة الحكم.
وأخبر رئيس أوكرانيا الداعمين الغربيين أنه لا توجد تنازلات إقليمية يمكن أن يقدمها لإنهاء الحرب، وهو موقف يحظى بدعم ما يقرب من 90 في المئة من الشعب الأوكراني، ولحل تلك المعضلة، تقول “التايمز” إن إقالة بوتين كرئيس يمكن أن تقطع شوطا نحو إقناع أوكرانيا بإمكانية التوصل إلى اتفاق سلام قابل للتطبيق.
السيناريو الثاني هو حرب حرب استنزاف، إذ فشلت قوات بوتين في حملة مبكرة في الاستيلاء على العاصمة كييف وأصبح الصراع منذئذ “حرب استنزاف” تسببت في مقتل آلاف الجنود والمدنيين وحولت مدنا كاملة إلى أنقاض.
وأسفر أسوأ صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية عن مقتل عشرات الآلاف وخروج ملايين من ديارهم وتضرر الاقتصاد العالمي وتحول بوتين إلى منبوذ في الغرب، وتسعى روسيا إلى استنزاف موارد أوكرانيا، وجاء ذلك بتكلفة غير عادية لموسكو، حيث تم تقدير خسائرها بنحو 200 ألف قتيل أو جريح، فيما تم تدمير نصف دباباتها، حسب “التايمز”.
وتشير التايمز إلى احتمالية استمرار “حرب الاستنزاف” لعدة سنوات وبمستويات مختلفة من الشدة، ويمكن أن يشمل ذلك قتال بين القوات الخاصة للبلدين، وحرب عصابات من القوات الأوكرانية داخل الأراضي التي تسيطر عليها روسيا، فضلا عن القصف المستمر بعيد المدى للأراضي الأوكرانية من قبل موسكو.
وفي غياب نصر واضح أو اتفاق سلام مناسب، فإن الحدود المتنازع عليها والاحتلال المستمر من شأنه أن يخدم هدف روسيا المتمثل في منع أوكرانيا من الانضمام رسميا إلى الاتحاد الأوروبي أو الناتو.
أما السيناريو الثالث فهو وقف إطلاق النار و”تجميد الصراع” من دون حل أي من القضايا الإقليمية التي ستغطيها اتفاقية السلام.
وقد تأمل روسيا في استخدام وقف إطلاق النار هذا لإعادة بناء قواتها الممزقة، مراهنة على فقدان واشنطن والعواصم الغربية الأخرى الاهتمام بالصراع ووقف دعم كييف، حسب “التايمز”.
رابع السيناريوهات التي توقعتها التايمز انسحاب روسي وانتصار أوكراني، ففي الثاني من أبريل 2022، أعلنت أوكرانيا تحرير منطقة كييف بأكملها بعد “الانسحاب السريع” للقوات الروسية التي أعادت انتشارها في الشرق والجنوب من أجل “الحفاظ على سيطرتها” على الأراضي التي تحتلها هناك، وفقا لـ”فرانس برس”.
وفي بداية سبتمبر 2022، أعلن الجيش الأوكراني هجوما مضادا في الجنوب قبل أن يحقق اختراقا مفاجئا وخاطفا للخطوط الروسية في الشمال الشرقي، ويرغم الجيش الروسي على الانسحاب من منطقة خاركيف التي كانت مسرحا لمعارك عنيفة.
في الجنوب، هدفت العملية إلى استعادة خيرسون الواقعة على الضفة الغربية لنهر دنيبر والعاصمة الإقليمية الوحيدة التي سقطت في أيدي القوات الروسية في بداية الغزو. وفي 11 نوفمبر 2022، وبعد يومين من انسحاب القوات الروسية، استعادت كييف السيطرة على خيرسون في “يوم تاريخي” كما وصفه زيلينسكي.
وتقول “التايمز” إن كل قطعة من الأراضي التي استعادت أوكرانيا السيطرة عليها بشكل حاسم جاءت بعد انسحاب روسي جماعي تحت ضغط القوات الأوكرانية. وتخلصت كل من “كييف وخاركيف وخيرسون” من الحصار الروسي بهذه الطريقة.
لكن الانسحاب الشامل من الأراضي الأوكرانية هو “سيناريو أقل احتمالا” وسيعتمد حتما على الأحداث داخل روسيا وكذلك في ساحة المعركة، حسب “التيامز”.
وفي المقابل، تصر أوكرانيا على أنها قادرة على هزيمة روسيا في “ساحة المعركة”، وأكدت أنها قد تفعل ذلك في غضون عام، طالما ظل الدعم الغربي قائما.
وما زال شكل النصر لأوكرانيا “غير واضح”، لكن كييف تصر على أن ذلك يجب أن يشمل استعادة شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا، واستعادة السيطرة على أجزاء من إقليم دونباس كانت قد فقدت السيطرة عليها في 2014-2015.
ومن شأن نجاح أوكرانيا في تحقيق تلك الأهداف أن يجعلها في “وضع أقوى” مما كانت عليه عندما بدأ الغزو الروسي العام الماضي.
السيناريو الخامس هو انهيار أوكرانيا وانتصار روسيا، وفي هذا السياق تقول التايمز عندما بدأ بوتين ما اسماه بـ”عملية عسكرية خاصة”، قال إنها من أجل “نزع سلاح” أوكرانيا والقضاء على “النازيين” فيها.
وأكد بوتين وقتها أنه يريد الدفاع عن “جمهوريتي” لوغانسك ودونيتسك الانفصاليتين في منطقة دونباس في شرق أوكرانيا اللتين أعلن استقلالهما ورعى الحرب التي خاضتها فيهما القوات الموالية لروسيا ضد كييف طيلة ثماني سنوات، حسب “فرانس برس”.
بالنسبة لبوتين، فإن الحرب على أوكرانيا محاولة لتصحيح ما اعتبره “أخطاء تاريخية”، فهو يرى أن كييف كانت دائما “تابعة لموسكو”، لكن لا أحد يعرف حقا “الهدف العسكري” الحالي للغزو أو ما قد يعتبره زعيم الكرملين “نصرا”، وفقا لتقرير سابق لصحيفة “واشنطن بوست”.
وتشير “التايمز” إلى هدف بوتين الأصلي من الغزو والمتمثل في إعادة استيعاب أوكرانيا في نوع من الاتحاد الإمبراطوري من النوع الذي أقامه بالفعل مع بيلاروس. ويرى المؤرخ الأميركي، ستيفن كوتكين، أن الانتصار بالنسبة لبوتين قد يكون مجرد استمرار الاحتلال وتحطيم أوكرانيا.
ويمكن وصف استراتيجية بوتين تجاه أوكرانيا، كالتالي “إذا لم يكن يمكنني الحصول عليها، فلن يحصل عليها أحد”، حسب “التايمز”.
حرب نووية أو تدخل الناتو هو آخر السيناريوهات فمنذ أن غزت موسكو جارتها، ألمح بوتين مرارا إلى أن بلاده قد تستخدم سلاحا نوويا إذا تعرضت للتهديد، وفقا لـ”رويترز”.
وتضمنت تهديدات بوتين المتطرفة “تلميحات أو تهديدات صريحة”، باستخدام الأسلحة النووية سواء في أوكرانيا أو ضد العواصم الأجنبية التي دعمتها، وفقا لـ”التايمز”. لكن الصحيفة تشير إلى أن تلك التهديدات موجهة للداخل الروسي، كنوع من الدعاية. وتقول إن استخدام سلاح نووي بمثابة “خط أحمر” يمكن أن يؤدي إلى تدخل الناتو.
ومن الصعب رؤية ما سيحققه استخدام سلاح نووي تكتيكي في ساحة المعركة الأوكرانية، حيث يفتقر الجيش الروسي إلى الخبرة اللازمة لاستغلاله للتقدم. وقد يكون استخدام السلاح النووي “كافيا لدفع الناتو للتدخل المباشر في الأراضي الأوكرانية على الأقل”، حسب “التايمز”.