أخر الأخبار

صراع الظلال: تركيا وإسرائيل على رقعة الشطرنج السورية

صندوق المرصد

في المدى المفتوح بين تل أبيب وأنقرة، ثمة رقعة شطرنج لم يعد بالإمكان تجاهلها، اسمها: سوريا. فبعد سنوات من الانخراط العسكري والسياسي في الملف السوري، بات واضحاً أن تركيا وإسرائيل تخوضان صراعاً مركباً على النفوذ والمصالح، وإن بصيغ غير مباشرة، وأحياناً بواجهات محلية أو إقليمية بديلة.

منذ عام 2011، تحولت سوريا إلى مسرح تصادم لمصالح إقليمية ودولية، لكن التطورات الأخيرة تُظهر تسارعاً في وتيرة التنافس التركي–الإسرائيلي، خصوصاً بعد تراجع الحضور الروسي بسبب انشغاله بالحرب في أوكرانيا، وتنامي مؤشرات الانكفاء الأمريكي التدريجي.

تركيا، عبر قواتها المنتشرة في الشمال السوري وفصائلها الموالية، تسعى لفرض أمر واقع جغرافي وسياسي، تحت ذريعة حماية أمنها القومي من التهديدات الكردية.

أما إسرائيل، فترى في احتمالات استعادة إيران والميليشيات المتحالفة معها لوجودها في جنوب سوريا تهديداً استراتيجياً، وتردّ عبر غارات جوية متكررة، وتسريبات استخباراتية مدروسة، تسعى من خلالها إلى التأثير في مراكز القرار السورية وحتى في مناطق النفوذ التركية نفسها.

وبين النفوذين، تتحرك قوى محلّية ودولية، من الفصائل الكردية إلى بقايا المعارضة، ومن القوى العشائرية إلى فلول النظام المترنّح، وكل منها يحاول توظيف التناقضات لصالح بقائه.

في هذا المشهد المعقّد، تبدو خيارات حكومة أحمد الشراع محدودة لكنها غير معدومة، فالحكومة التي تبلورت في سياق تفاهمات محلية وإقليمية دقيقة، تجد نفسها اليوم أمام استحقاقات كبرى تتعلق بالسيادة، والاستقلال في القرار، وتحديد مسارات النفوذ على الأرض.

ثمة ثلاث مقاربات محتملة أمام حكومة الشراع:
الانخراط في لعبة التوازنات
وذلك عبر سياسة “الحياد النشط”، التي توازن بين الوجود التركي والموقف الإسرائيلي، دون استفزاز أحدهما، وبما يتيح للحكومة تعزيز تموضعها السياسي والاعتراف الإقليمي بها.

الرهان على الدعم العربي والدولي
وهو رهان محفوف بالمخاطر، لكنه قد يفضي إلى بناء شبكة علاقات تتيح لها هامشاً أوسع للمناورة، إذا ما نجحت في استقطاب دعم من دول عربية مؤثرة، ومن الاتحاد الأوروبي تحديداً، مع الحفاظ على خيوط التواصل مع واشنطن.

التصعيد المحدود لصالح السيادة
وهو خيار محفوف بالخطر، لكنه قد يلاقي صدى داخلياً، ويعيد للحكومة زمام المبادرة، إذا ما أحسنت توظيف الخطاب الوطني والميداني دون الانجرار إلى صدام مباشر مع أي طرف خارجي.

يتبقى:

ما يجب أن تدركه أنقرة وتل أبيب، وكذلك جميع الفاعلين، أن سوريا ليست فراغاً متاحاً للاقتسام، بل أرض مثقلة بالمعاني، وبالدم أيضاً، والرهان على النفوذ بلا شراكة سورية حقيقية، لن يفضي إلا إلى مزيد من الاحتقان والفوضى، أما حكومة الشراع، فاختبارها الحقيقي لن يكون في قدرتها على الوقوف بين العاصفتين، بل في قدرتها على صياغة مشروع وطني جامع، يجعل من سوريا شريكاً لا ساحة، وهو:
ـ مالم تنجزه حكومة الشرع حتى اللحظة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى