أخر الأخبار

صراع داخل البرلمان الإيراني يفضح عجز النظام.. وخامنئي في مرمى الاتهام

مرصد مينا

تُعاني إيران من موجة احتجاجات شعبية غاضبة ضد الأزمات المعيشية المتفاقمة وانقطاعات الكهرباء والمياه، كاشفةً عن عمق التفكك الداخلي للنظام الإيراني.

جلسة مجلس النظام يوم الثلاثاء 13 مايو 2025 تحوّلت إلى ساحة للصراعات المحمومة، حيث تبادل النواب الاتهامات في محاولة لإلقاء المسؤولية عن الفشل الذريع على بعضهم البعض.

هذه الفوضى تُظهر نظاماً يفقد سيطرته تحت ضغط الشارع وانقسامات أجنحته، بقيادة المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي، الذي تُشكل سياساته جوهر هذا الانهيار. فما هي أبعاد هذه الأزمة، وكيف تُنذر بسقوط النظام؟

جلسة مجلس النظام: مسرح الصراعات

تحوّلت جلسة المجلس إلى مشهد فوضوي يكشف عمق الأزمة التي يعيشها النظام. النواب، الذين يُفترض أن يمثلوا صوت الشعب، انغمسوا في تبادل الاتهامات الحادة، مُحاولين تحميل بعضهم البعض مسؤولية الأزمات التي أغرقت البلاد.

النائب صباغيان بافقي وجّه نقداً لاذعاً للحكومة، واصفاً انقطاع الكهرباء بـ”الكارثة الوطنية” التي تُدمر سبل عيش المواطنين.

وقال: “من المزارعين الذين فقدوا محاصيلهم، إلى المرضى الذين يعتمدون على الأجهزة الطبية، إلى الخبازين الذين لا يستطيعون تشغيل أفرانهم، الجميع يدفع ثمن هذا الفشل. نحن في الربيع، فماذا سيحدث في الصيف؟”. هذا التصريح يُبرز حجم المعاناة التي أصبحت جزءًا من الحياة اليومية للإيرانيين.

من جانبه، هاجم النائب كوشكي‌نجاد غياب وزير الطاقة عن الجلسة، واصفًا ذلك بـ”الاستهتار”، وطالب الرئيس باتخاذ قرار حاسم، قائلاً: “الشعب يصرخ في الشوارع، المصانع تتوقف، والاقتصاد يتدهور، ومع ذلك لا نرى مسؤولاً يتحمل المسؤولية أو يقدم تفسيرًا!”. هذا الغضب يعكس إحباطًا متزايدًا من عجز النظام عن مواجهة الأزمات الأساسية.

في محاولة لصرف الأنظار، دافع النائب علي آبادي عن الطبقة الحاكمة، مهاجمًا من يتحدث عن الفساد. وقال بنبرة استفزازية: “من يزعم أن النواب يمتلكون مئة شقة؟ من يتهمهم بالرشاوى؟ هؤلاء يخدمون أجندات العدو!”.

هذه المحاولة لإسكات الانتقادات تُظهر خوف النظام من كشف الفساد المستشري. على النقيض، وصف النائب فاطمي الأوضاع بـ”المأساوية”، مشيرًا إلى أن “انقطاع الكهرباء لا يقتصر على تعطيل الاقتصاد، بل يُهدد الصحة النفسية والجسدية للمواطنين، ويُشعل فتيل الاضطرابات الاجتماعية”.

وفي اعتراف نادر، أقرّ النائب معصومي بأن السياسات الحكومية كارثية، قائلاً: “زيادة تعرفة الكهرباء مع استمرار الانقطاعات تُدمر القطاع الإنتاجي، وتُطفئ أي بارقة أمل في تحسّن الأوضاع”.

الاحتجاجات الشعبية: محرك الأزمة

الصراعات داخل المجلس ليست سوى انعكاس للغليان الشعبي الذي يجتاح إيران. الاحتجاجات، التي اندلعت في مدن مثل أهواز، كرمانشاه، وأصفهان، تعكس غضبًا شعبيًا متراكمًا ضد النظام الذي فشل في توفير أبسط الخدمات.

انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، ونقص المياه في مناطق شاسعة، أصبحا رمزًا لإهمال النظام وسوء إدارته. المتظاهرون، الذين رفعوا شعارات مثل “بيت المال مرتع للصوص” و”عدوّنا هنا، ليس في أمريكا”، يُعبّرون عن إدراك عميق للفساد الذي يُشكل جوهر النظام.

هذه الاحتجاجات ليست مجرد رد فعل على الأزمات الاقتصادية، بل تحدٍ مباشر لشرعية النظام. الشعب، الذي يواجه ارتفاع الأسعار، انهيار العملة، وتدهور الخدمات، لم يعد يثق بالوعود الجوفاء التي يطلقها المسؤولون.

هذا الغضب يُغذي انقسامات النظام، حيث تُجبر الاحتجاجات الأجنحة الحاكمة على مواجهة بعضها علنًا، مُحاولة كل منها إلقاء اللوم على الأخرى لتجنب غضب الشارع.

لكن هذه المناورات لا تُخفي الحقيقة: النظام عاجز عن احتواء الاحتجاجات أو تقديم حلول تُلبي مطالب الشعب.

خامنئي: العقل المدبر للأزمة

في صميم هذه الفوضى يقف خامنئي، الذي يُشكل مركز السلطة والمسؤول الأول عن الأزمات التي تُمزق إيران. سياساته، التي تعطي الأولوية لتعزيز نفوذه ونفوذ حرس النظام، سمحت بتحويل ثروات البلاد إلى أدوات للقمع والفساد.

المؤسسات المالية المرتبطة بخامنئي، مثل “ستاد تنفيذ أمر الإمام”، باتت مراكز لنهب الموارد، مُحوّلة الأزمات إلى فرص لتكديس الثروات على حساب الشعب.

خامنئي، بصفته القائد الأعلى، يُدير هذه الطبقة الحاكمة الفاسدة، مُبقيًا على توازن دقيق بين الأجنحة لضمان استمرار سلطته.

لكنه، في الوقت ذاته، يُغذي التفكك من خلال دعمه لسياسات تُعمق الأزمات. بدلاً من استثمار الموارد في تحسين البنية التحتية، مثل محطات الكهرباء أو شبكات المياه، يتم توجيه هذه الأموال إلى تعزيز الجهاز الأمني ودعم الميليشيات الإقليمية، مما يُفاقم من معاناة الشعب ويُعزز من شعوره بالإحباط.

نظام يفقد السيطرة

ما جرى في جلسة المجلس يكشف عن نظام فقد القدرة على إدارة نفسه، ناهيك عن إدارة بلاد بحجم إيران. الاتهامات المتبادلة بين النواب ليست دليلاً على وجود إرادة للإصلاح، بل على أزمة وجودية تهدد استمرار النظام.

الأجنحة الحاكمة، من المحافظين إلى الإصلاحيين، تُدرك أن غضب الشعب يُشكل تهديدًا غير مسبوق، لكنها عاجزة عن تقديم حلول أو حتى توحيد صفوفها لمواجهته.

هذا التفكك الداخلي يتجاوز قاعات المجلس ليصل إلى مؤسسات النظام الأخرى، حيث تتزايد التقارير عن صراعات بين الأجهزة الأمنية والمؤسسات الاقتصادية.

هذه الفوضى تُنذر بنظام على وشك الانهيار، حيث لم يعد بإمكانه الاعتماد على القمع وحده لإسكات الشعب. الاحتجاجات، التي تتسع نطاقها يومًا بعد يوم، تُظهر أن الشعب لم يعد يخشى النظام، بل يتحداه علنًا، مطالبًا بتغيير جذري.

الخلاصة

تكشف احتجاجات الشعب الإيراني الغاضب وصراعات مجلس النظام عن نظام إيراني يتهاوى تحت وطأة الفساد وسياسات الولي الفقيه علي خامنئي الفاشلة.

بينما يعاني الشعب من انقطاعات الكهرباء والمياه وتدهور الأوضاع المعيشية، يُواصل النظام إهدار ثروات البلاد على تطوير الصواريخ والسعي لامتلاك السلاح النووي.

وكان “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية” كشف الأسبوع الماضي خلال مؤتمر صحفي في واشنطن، استنادًا إلى معلومات دقيقة من منظمة مجاهدي خلق، عن استمرار النظام الإيراني في أنشطة نووية سرية تهدف إلى إنتاج السلاح النووي، مُبددًا ثروات إيران على طموحات عسكرية بدلاً من استثمارها في خدمات حيوية لتخفيف معاناة الشعب، مما يُبرز الحاجة الماسة إلى محاسبته دوليًا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى