صرخة “رفسنجاني”
مرصد مينا
ابتدأ الإيرانيون بالصراخ، لا الصراخ بمواجهة سلطة الملالي وقد أعادت إيران إلى ازمنة الكهوف، بل صراخ ممتلئ بالاحتجاج على التدخلات الإيرانية في مناطق عدّة من العالم، وهو التدخل الذي لا يعني سوى تصدير “فقه الظلام”، وآخر الأصوات التي سمعناها كان صوت فائزة هاشمي رفسنجاني، السياسية الإصلاحية وابنة الرئيس الإيراني الراحل هاشمي رفسنجاني، فقد كشفت السيدة فائزة أن والدها عارض التدخل الإيراني في سوريا، وأبلغ قائد فيلق القدس بالحرس الثوري، قاسم سليماني بذلك منذ البداية، مضيفة أن هذا التدخل خلّف 500 ألف قتيل.
رفسنجاني وفي مقابلة مصورة، على صفحة إنستغرام الخاصة بموقع “إنصاف نيوز” ، قالت: “لقد استشار سليماني والدي قبل ذهابه إلى سوريا وأبلغه بألا يذهب”. وتابعت: في ذكرى اغتيال سليماني، لا نسمع أحدا يتحدث حول ما فعله. لكن والدي يتمتع بذكاء وبعد نظر، وقد نصحه بعدم الذهاب وكان على حق”.
تابعت السيدة انتقاد ما أطلقت عليه “نظام المقاومة” متسائلة:
ـ ماذا أنتجت تصرفات سليماني وسياستنا المقاومة؟ ماذا حققت لنا في مجالات الاقتصاد والحريات والسياسة الخارجية؟
وكان عليها أن تجيب:
ـ سياسة المقاومة لم تترك لنا شيئا لنفخر بها.
من جملة ما قالته أن “سياسة إيران في المنطقة أدت إلى فقداننا أصدقاءنا. وأصبحت سياستنا الخارجية تشبه السياسة الداخلية حيث تحول المؤيدين إلى منتقدين، ثم المنتقدين إلى معارضين”.
وحول ملف صوتي منسوب لوالدها يعلق فيه على هجوم بشار الأسد الكيمياوي على الشعب السوري قائلاً ” هذا الشخص لم يرحم حتى شعبه”، أوضحت: “بغض النظر عن صحة الملف الصوتي من عدمه، لكن المبدأ صحيح.. أقل نتائج مساعدتنا لبشار الأسد كانت مقتل 500 ألف شخص”.
قيمة كلام السيدة رفسنجاني لابد وستتضاعف مع الأيام، فالملالي وقد زجوا بأنفسهم عبر اليمن، والملالي وقد “صنّعوا حزب الله”، والملالي الذين بات وجودهم تهديداً جدياً للأمن والسلام العالميين، كانوا وعبر تصدير فقههم، يشتغلون على تصدير مشاكلهم الداخلية عبر رميها إلى ما وراء الحدود، ذلك ما اكدت عليه، ومن جملة ما قالته :”أن سياسة إيران في سوريا هي الكيل بمكيالين، فإذا كان قتل المسلمين أمراً سيئاً، فلماذا لا توجد لدينا مشكلة مع روسيا والصين التي تقتل الأويغور؟”.
السيرة الذاتية للسيدة رفسنجاني ستمنح كلامها أهمية مضافة، فهي شخصية إصلاحية وبرلمانية سابقة، حكم عليها عام 2011 بالسجن لمدة ستة أشهر (مع وقف التنفيذ) وخمس سنوات من الحرمان من الأنشطة السياسية والثقافية والصحافية عقب اتهامها بـ “القيام بأنشطة دعائية ضد النظام”، كما تعد أول من نشرت مجلة نسائية عقب الثورة الإيرانية بعنوان “زن (المرأة)”، وتمكنت من دخول البرلمان، وفي يونيو / حزيران الماضي، وجهت انتقادات قاسية للسطات الإيرانية قائلة إن النظام في ايران “لم يعد دينيا ولا ثوريا”.
وبالرغم من مواقفها المنتقدة للنظام، تتعرض لانتقادات واسعة من قبل المعارضين، الذين يتهمونها بــ “تلميع” صورة والدها الذي حدثت في عهده اغتيالات سياسية، طالت كتاباً ومثقفين في الداخل والخارج، فضلا عن دوره في الإتيان بعلي خامنئي مرشدا للنظام لمدى الحياة، وتثبيت حكمه كولي للفقيه بصلاحيات مطلقة.
سيرة كهذه لابد وتشير إلى أن السيدة رفسنجاني اشتغلت على ذروة النقد لماضي سلطة الملالي بما فيها سلطة والدها الراحل، فهي لم تتكئ على ارث والدها، ولم ترفع الغبار عنه، بقدر ما مارست النقد الجذري إزاء ما حملته “الخمينية” من ويلات على بلاد كانت ذات يوم “حضارة فارس” وتحولت إلى “رقصة السكاكين والعمائم” وبذلك سيضاف اسم فائزة رفسنجاني إلى صبايا إيران اللواتي قصصن جدائلهن احتجاجاً على يوميات الكهوف التي قادتهم إليه “الصومعة / الثكنة”.
ثمة غليان في طهران اليوم، غليان لابد ويسأل:
ـ ما الذي أنتجته جبهاتنا وراء الحدود.
الإجابة لابد وتأتي.
قد تحملها البوارج وحاملات الطائرات، وقد:
ـ يجددها الشارع الإيراني الذي كلما وقع نهض.