صفقة مشبوهة توسطت فيها حركة «النهضة»… النادي الإفريقي برعاية الخطوط القطرية!
مرصد مينا – هيئة التحرير
آثار عقد الرعاية الذي وقعه النادي الإفريقي لمدة أربع سنوات مع شركة الخطوط الجوية القطرية، بقيمة إجمالية تصل لنحو 8 ملايين دولار، أي نحو أكثر من 21 مليار، جدلاً واسعاً وردود فعل مختلفة. حيث عاش الشارع الرياضي، وكذلك السياسي حالة من الاستياء والاستنكار والتذمر، باعتبار أن ما حصل هو في نظرهم صفقة مشبوهة.
وقد عبرت جماهير الكرة في تونس، عبر منصات التواصل الاجتماعي، عن خيبتها جراء ما أسموه تداخلا بين السياسي والرياضي. وقد أثارت ثائرة جماهير الكرة بسبب دخول كرة القدم إلى مرحلة سيطرة رأس المال الأجنبي على مقاليدها، مما سيؤثر على مصداقية المسابقات وينفي قاعدة التنافس النزيه، كما اعتبروه خطوة لتسهيل سيطرة الجانب القطري على الأندية التونسية. خاصة وأن النادي الإفريقي يعيش مشاكل مادية كبيرة.
صفقة مشبوهة
وتدرك الجماهير بجميع ألوانها أن الأموال القطرية، تهدف لتقوية حضور حليفها التونسي بطريقة مخالفة للأخلاق السياسية، وهو ما عبرت عنه تعليقات تلك الجماهير على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي استنكرت تلك الصفقة المشبوهة، مطالبة بإبعاد الحسابات السياسية عن الرياضة. وبعيداً عن حالة الغضب العامة من الجماهير الرياضية التونسية، تفنن بعض الناشطين السياسيين على شبكة التواصل الاجتماعي في السخرية من هذه الصفقة “السياسية” بتعليقات تفضح الغرض الحقيقي من ورائها، والأغراض الخبيثة للجانب القطري في شق الصف العربي وضرب وحدته.
ولا تكف الشركات القطرية، عن محاولات التأثير على الأندية الرياضية التونسية وابتزازها مالياً مقابل انتزاع مواقف سياسية من جماهيرها، من أجل تكوين ظهير شعبي لها ولحليفتها حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي. لأن قطر تستغل الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعيشها تونس، وتسعى الى انتزاع مواقف سياسية حتى ولو كان السبيل إلى ذلك كرة القدم، اللعبة الشعبية الأولى في البلاد.
وحسب المعطيات المتوفرة، فان أحمد قعلول وزير الرياضة المقال من حكومة الفخفاخ، وأحد قياديي النهضة، هو من جمع رئيس النادي براشد الغنوشي رئيس البرلمان ورئيس الحركة. ومن هنا تبدو القصة واضحة وجلية.. دعمُ النادي وإنقاذه مالياً مقابل الاستفادة السياسية من جماهيريته الكبيرة.
توظيف الرياضة في السياسة
لكن جماهير الترجي والأفريقي، خبرت أن عقود الشركات القطرية لم تنطلق يوماً من أهداف تجارية تخضع لقاعدة العرض والطلب، وإنما عبر اللوبيات المنتظمة داخل الفرع الإخواني لها في تونس. وتتوهم الدوحة تسجيل هدفٍ سياسيٍ لها، غير أن التونسيين عمالاً وقانونيين، أحزابا ورياضيين، يؤكدون بطلان هذه الأهداف، لا لشيء سوى أنها تسلل فاضح وأكثر.
أحد النشطاء المقربين من حمودة بن عمار الرئيس الأسبق للإفريقي وصف شركة “أوريدو” للاتصالات التي يترأسها في تونس القطري منصور الخاطر باللعنة السياسية على الجماهير الرياضية. فقد استغلت الشركة الوضعية المالية للنادي الإفريقي الذي تأسس سنة 1920، وحمل دوري أبطال أفريقيا عام 1991، في عام 2015 بشراء ديونه التي بلغت 20 مليون دينار. هذا العقد الذي تم عبر وساطات أيضا من حزب النهضة، كان الهدف منه سلب الهوية الرياضية للجمعية العمومية للنادي، وتحويلها إلى أداة للتأثير والضغط السياسي.
وتفيد مصادر بأن وزير الاتصالات أنور معروف، المنتمي لحركة النهضة، هو من يتوسط لتوطيد علاقات “أوريدو” بالمؤسسات الرياضية. وترفض المجموعات المشجعة للنادي الإفريقي أي صفقات يكون هدفها الابتزاز، والدفع باتجاه تعيين رئيس للنادي قريب من أي من الأحزاب السياسية.
صناديق سوداء لتمويل «النهضة»
ومن المجموعات المشجعة للنادي، والتي تضم قرابة 100 ألف مشجع، نجد مجموعة “الأولتراس” التي ترفض توظيف الرياضة في السياسة وتريد الجمعية العمومية للنادي خالصة في أهدافها لمصلحة كرة القدم.
لا تعمل الشركات القطرية في تونس من منطلق النشاط الاستثماري الطبيعي، وإنما هي صناديق سوداء لتمويلات حركة النهضة ووسائل لتقوية حضورها بطريقة مخالفة للأخلاق السياسية. فإلى جانب شركة أوريدو، يدفع مصرف الزيتونة الذي تمتلك أغلبية أسهمه قطر، في تمويل وسائل الدعاية الإخوانية والدفاع عن قياداتها في معاركهم السياسية.
وأفادت مصادر خاصة بأن مصرف الزيتونة اشترط على العديد من القنوات التلفزية والإذاعات الخاصة والمواقع الإلكترونية القيام بالدعاية لحركة النهضة مقابل الاستثمار فيها. موضحة أن العديد من الإذاعات تقوم بالدعاية الخفية للنهضة، في مخالفة لقوانين الإعلام في تونس التي تشترط عدم تداخل الإشهار مع السياسة، وكانت الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري قد نبهت في فترات سابقة من خطورة هذا الأمر.
استثمار غير شرعي
يرى متابعون أن حركة “النهضة” تريد الاستثمار بطرق غير شرعية في جمعية النادي الإفريقي، على طريقة رجل الأعمال سليم الرياحي.
وكان الرياحي ترأس الإفريقي سنة 2012، مستغلا اتساع جماهيرية النادي للقيام بالعمل السياسي، وترشح على أثر ذلك للانتخابات الرئاسية والتشريعية وفاز بالمرتبة الثالثة برلمانيا.
وتقدر جماهير النادي الإفريقي في تونس بالملايين، وهو ما يجعلها نقطة مغرية لدى الأحزاب السياسية التي تريد الانقضاض عليها عبر الابتزاز والمساومة وشراء الديون مثلما فعلت شركة “أوريدو” القطرية.
وأمام تقهقر المد الشعبي لحركة النهضة، فإنها تلجأ إلى تفعيل أدواتها المالية الممولة من قطر لضرب استقلالية واحد من أكبر الأندية في تونس وشمال أفريقيا.