صنعاء تحت وطأة التصعيد العسكري: مخاوف من تفاقم الأزمة الإنسانية والمعيشية
مرصد مينا
تزداد المخاوف في العاصمة اليمنية صنعاء يوماً بعد يوم نتيجة التدهور المستمر في الأوضاع الإنسانية والمعيشية والأمنية.
هذه المخاوف تأتي في ظل التصعيد العسكري المتواصل لجماعة الحوثيين في الجبهات، بالإضافة إلى الهجمات المتكررة ضد السفن التجارية في البحر الأحمر.
علاوة على ذلك، لا يزال التصعيد المتبادل مستمراً بين الحوثيين المدعومين من إيران وإسرائيل، مما يفاقم الوضع بشكل كبير.
الخوف السائد بين السكان هو أن يؤدي هذا التصعيد بين الجماعة المدعومة من إيران، من جهة، وإسرائيل والغرب من جهة أخرى، إلى تفاقم المعاناة الإنسانية.
فالسكان في صنعاء يعيشون منذ سنوات في حالة بؤس شديد، نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية جراء الانقلاب والحرب المستمرة، التي أدت إلى انهيار النظام الاقتصادي وزيادة معدلات الفقر.
ومنذ بداية الضربات العسكرية الأميركية والبريطانية، وما تبعها من ضربات إسرائيلية، يعيش سكان صنعاء حالة من الترقب والخوف المستمر من حدوث دمار واسع النطاق قد يشبه ما حدث في لبنان وقطاع غزة.
هذا الوضع يزيد القلق، خاصة وأن المدنيين، الذين هم في غالبيتهم من الفئات الأكثر هشاشة، هم من يدفعون الثمن الأكبر جراء التصعيد العسكري المستمر.
وأبدى سكان المدينة رفضاً قاطعاً لسلوك الحوثيين الذين يستمرون في تصعيد الحرب رغم المعاناة اليومية التي يعيشونها.
ويشير السكان إلى صعوبة العيش بسبب غلاء الأسعار، فساد الجماعة، انقطاع الرواتب، وتدهور الأمن والاقتصاد، ما يجعل الحياة في صنعاء مليئة بالتحديات.
وترافق هذه المعاناة حالة من الاستياء والغضب تجاه الجماعة الحوثية، التي يتهمها السكان بالتجاهل المتعمد للأوضاع الإنسانية في المدينة.
ففي وقت يعاني فيه السكان من نقص الخدمات الأساسية، وتدهور الوضع الأمني، يواصل الحوثيون تعزيز تصعيدهم العسكري، بل وتجنيد المدنيين قسرياً في صفوفهم.
أما بالنسبة للضربات العسكرية التي تعرضت لها صنعاء، فقد وصفها السكان بأنها “اعتداءات سافرة” على السيادة الوطنية، معتبرين أن هذه الضربات تدمّر ما تبقى من مقدرات البلاد.
في المقابل، يعرب السكان عن معاناتهم المستمرة بسبب الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية، التي فرضت واقعاً جديداً على اليمنيين منذ انقلابها على الحكومة.
من جانب آخر، يتحدث حمدي، وهو موظف حكومي في صنعاء، عن حالة الغضب الشعبي الواسع، مشيراً إلى أن سكان المدينة كانوا يترقبون حلولاً سياسية تلوح في الأفق مع بداية العام الميلادي الجديد، لكنهم فوجئوا بمزيد من التصعيد العسكري، مما يزيد من تعقيد الأمور ويطيل أمد المعاناة.
ويطرح حمدي تساؤلاً مؤلماً عن كيفية إقناع الحوثيين بضرورة التوقف عن التصعيد العسكري، في وقت يرغب فيه أغلب اليمنيين في صنعاء وغيرها من المدن في السلام وإعادة الاستقرار، خصوصاً في ما يتعلق بمسألة صرف المرتبات وعودة الخدمات الأساسية.
ومع استمرار الضربات العسكرية الإسرائيلية والغربية على صنعاء، يشير عبد الله، مالك محل تجاري، إلى أن الأوضاع الاقتصادية أصبحت أكثر تدهوراً، حيث لم يعد بإمكانه تحمل تبعات أي حرب قادمة. فالعواقب المترتبة على الضربات الأخيرة على المباني الحكومية قد ألحق الضرر الكبير بمصالحه التجارية.
وفي الوقت نفسه، يأمل المواطنون في صنعاء أن يضغط المجتمع الدولي على قادة الحوثيين لوقف التصعيد العسكري المستمر، الذي قد يؤدي إلى مزيد من الفوضى والمعاناة الإنسانية.
هذا القلق يزداد مع التحذيرات المستمرة من المنظمات الإغاثية الدولية، التي تشير إلى التأثيرات الإنسانية الخطيرة الناجمة عن التصعيد العسكري المستمر في اليمن.
وفي هذا الصدد، حذر برنامج الغذاء العالمي من أن الوضع الغذائي في اليمن بات مقلقاً للغاية، حيث يعاني حوالي 61% من الأسر اليمنية من صعوبة في تأمين الغذاء الكافي.
كما أشار البرنامج إلى أن العوامل الاقتصادية ونقص التمويل، فضلاً عن تعليق المساعدات الغذائية في معظم المناطق تحت سيطرة الحوثيين، كانت من الأسباب الرئيسية لهذا الوضع الصعب.