صنّاع الحروب
مرصد مينا
دول كل ما اورثته لسكّانها “الحروب”، ليست الحروب وحدها، فكلمة “الحروب” لا تكتمل إن لم نقل “المهزومة فيها”، وهكذا لم تفز بالحرب يوماً، ولم تلتفت للحياة في اليوم السابق أو اللاحق لها، وفي كل آن تدفن بالحرب كل ما للحياة من معاني فتكون :
ـ كوريا الشمالية يوماً، وإيران في اليوم التالي، ومن قبلهما كانت عراق صدّام حسين.
وما أن تهزمها الحرب، حتى تشتغل على هزيمة مواطنيها.. هزيمة على بوابات المشافي، وهزائم على بوابات رغيف الخبز، وحين يكون للتعليم مساحته فالتعليم لن يمنح سوى تعليم “الحرب” لمحاربين طالما جاءتهم الطلقات من ظهورهم وهم يحثون الهزيمة، وكان على البشرية جمعاء، أن تتفرج على أولئك الجنود العراقيين الذين يتراكضون على جسر بغداد وهم يخلعون بزاتهم العسكرية مرعوبين من حمم الصواريخ الأمريكية وقد مهدت للدبابات الطريق السهل للعاصمة الصعبة.
هي عواصم الحرب، طهران، ودمشق، والحوثي، ومن ثم غزة، وكلهم “دمشق / غزة / الحوثي” يقاتلون بالنيابة عن طهران صانعة العتاد الحربي والمتفرجة على الحرب، فيما ينتزع الولي الفقيه جدائل المتظاهرات الإيرانيات اللواتي لم يطالبن بما هو أكثر من:
ـ إطلاق جدائلهن للشمس خروجاً عن استرتيجيات الشادور التي لم تعن للسيد الفقيه ما يزيد عن :
المرأة بنصف عقل وبنصف دين وبحقوق منتزعة من تاريخ نوعنا الذي يعني كائنات طالما غرقت الدنيا إن أغرقت المرأة.
هي دول الحرب التي لا تكن للتنمية معنى، ولا للرفاهية قيمة، ولا للموارد وظيفة سوى وظيفتان:
ـ وظيفة يتعهدها الفساد فتتحول مواردها إلى كنوز لحكامها.
ـ ووظيفة تصنيع أو شراء واقتناء السلاح الحربي.
والدوامة تعصف بمواطنيها وقد فتك الجوع بهم، ولا حدود لحرب ولا أهداف لحروبهم، ولا سبيل من ثم لإيقافها فإذا ما كانت الطلقة الأولى من الحرب بإرادة مطلقها فنهايات الحرب لن تكون بيده، وهذه “غزة” تعطينا الإشارة، ومعها تحيلنا إلى ما تحقق، وما أنجز.
لا القدس عادت، ولا غزة بقيت، وكل الدلائل تقول بأن زمنها اليوم ما عاد على توقيت مطلقها.. بات زمانها يقصر او يطول بيد الإسرائيلي وحده، وفي جعبة الإسرائيلي ما يكفي من الأهداف ليشتغل عليها، أوّلها ترحيل غزة وكان هذا ذات يوم حلماً لبن غوريون وقد عبّر عنه بالقول:
ـ أحلم بأن استيقظ صباحاً فأرى غزة غارقة في البحر.
هي اليوم غارقة ولكن تحت الردم، لا صوت فيها سوى صراخ أمهات وأيتام، والإيراني ، متعهد الحرب يتفرج.
المحاربون وقود الاحتراق، وصانع الموقد يتفرج.