ضبط الحدود العراقية الايرانية.. تحدٍ جديد للكاظمي في مواجهة الميليشيات
مرصد مينا – هيئة التحرير
بعد ستة أشهر من مقتل مهندس عملياتها في العراق، “قاسم سليماني”، يؤكد مصدر عراقي خاص، لمرصد مينا، ان الحكومة العراقية الجديدة تدرس خيارات ضبط الحدود مع إيران، كواحدة من الخطوات، التي يسعى من خلالها رئيس الحكومة “مصطفى الكاظمي” للحد من النفوذ الإيراني وسطوته على القرار العراقي.
وكانت تقارير إعلامية عراقية قد اتهمت إيران باستغلال الحدود المنفلتة بين البلدين للالتفاف على العقوبات الأمريكية وتأمين القطع الاجنبي على حساب القطاع المالي العراقي، من خلال تهريب العملة الصعبة من العراق نحو إيران.
أهداف غير تقليدية
خلافاً للحالات التقليدية في عمليات ضبط الحدود بين الدول، والتي تقوم على أهداف تجارية واقتصادية، يشير المصدر إلى أن توجه “الكاظمي” نحو تشديد لرقابة على الحدود مع إيران يرتبط بأهداف سياسية، في مقدمتها الحد من الدخول والخروج غير الشرعي والسري للمسؤولين الإيرانيين من وإلى العراق، موضحاً: “الكاظمي يحاول قطع الطريق على الإجتماعات السرية وسبل الاتصال بين إيران وقادة الميليشيات، التي كانت تتم بعيداً عن الرقابة الحكومية وهو ما ظهر جلياً خلال زيارة إسماعيل قاني خليفة قاسم سليماني إلى العراق، والتي تمت بموجب وفد رسمي وتأشيرات صادرة عن الحكومة”.
وكان “قاني” قد زار العراق الأسبوع الماضي، ضمن وفد حكومي وعبر المنافذ الشرعية، ما اعتبر مؤشراً على تبدلات وتحولات في طبيعة العلاقات بين البلدين، لا سيما وأنها المرة الاولى منذ سقوط النظام العراقي السابق، عام 2003، التي يدخل فيها مسؤول أمني من حجم “قاني” إلى العراق بشكل علني.
إلى جانب ذلك، يشير المصدر، إلى أن “الكاظمي” وبحسب النقاشات ضمن الدائرة الضيقة منه، يعلم طبيعة المهمة المطلوبة منه وأهداف حكومته، بإقصاء النفوذ الإيراني من العراق، كما أنه يدرك بأن المهمة لا يمكن أن تكتمل أو تحقق أهدافها في ظل بقاء الطرق غير الشرعية للتواصل بين إيران والميليشيات على الأرض العراقية، مشيراً إلى أن الأيام القادمة ستحمل الكثير من التطورات على صعيد الحدود، وحتى طبيعة التحركات الإيرانية في العراق.
وسبق “للكاظمي” أن أكد مع توليه السلطة في العراقي قبل أسابيع، على أهمية صون سيادة واستقلال العراق ضمن برنامج عمل حكومته، إلى جانب السعي للحد من انتشار السلاح خارج أجهزة الدولة.
أهداف إقليمية
عملية ضبط الحدود مع إيران، ترتبط بحسب ما يكشفه المصدر بطلب أمريكي مباشر من الحكومة العراقية، خاصة مع سعي الولايات المتحدة لتشديد الحصار بشكل كامل على النظام الإيراني، لافتاً إلى أن الأوراق السياسية التي قدمتها اشنطن “للكاظمي”، كالانسحاب من العراق وتأمين الدعم المالي والاقتصادي والسياسي، كلها ترتبط بدعمه فيعملية الحد من تحركات إيران وضبط الحدود معها.
وكانت الولايات المتحدة قد شددت خلال الأشهر الماضية، من عقوباتها الإقتصادية على إيران، كما انها ألغت بند الإعفاءات، الذي كان ممنوحاً لبعض الحكومات، كالعراق، لعقد اتفاقيات مع إيرات تتعلق بالكهرباء والطاقة.
كما يكشف المصدر أن أهمية رقابة الحدود بالنسبة للعراق والولايات المتحدة ودول المنطقة، تكمن في إغلاق طرق انتقال مقاتلي تنظيم داعش من أفغنستان وإيران إلى العراق ومنطقة الشرق الأوسط، لافتاً إلى وجود الكثير من المعلومات الاستخباراتية حول استعداد التنظيم وتجمعاته في منطق شرق وشمال إيران للتحرك من جديد في المنطقة، بدفع إيراني.
وشهد العراق وسوريا خلال الفترة القليلة الماضية تصاعداً للعمليات العسكرية والهجمات، التي شنها التنظيم في مناطق سيطرته السابقة في البلدين.
ويضيف المصدر: “الولايات المتحدة تريد تخفيض عدد قواتها في العراق، وهذا لا يمكن أن يتم قبل أن تتأكد واشنطن من إغلاق كافة الطرق في وجه عودة تنظيم داعش إلى العراق، وقطع وسائل التاصل بين إيران وميليشياتها، وهي الأمور المرتبطة بشكل وثيق بالحدود”.
ضعيف لا يتحدث العربية
تسارع خطوات الحكومة العراقية باتجاه كسر أذرع إيران، واتساع دائرتها، يرجعه المصدر إلى عدة أمور، في مقدمتها ضعف “إسماعيل قاني” وقصوره عن القيام بالمهام، التي كان يتولاها “سليماني”، مشيراً إلى عدم كفاءة قاني وافقتاره للشخصية القيادية أثرت على قوة الميليشيات في العراق ووحدة قرارها، ما منح الحكومة العراقية والتيارات المعارضة لإيراني مساحة أكبر للتحرك واتخاذ الإجراءات للحد من سطوة إيران.
بالإضافة إلى ذلك، يؤكد المصدر أن زيارة “قاني” الأخيرة إلى العراق بشكل رسمي، هي أولى الخطوات التي ترسم شكل جديد من العلاقات بين البلدين، والتي قد تصل إلى حد الخصومة، مشدداً على أن العراق وبحسب الإطار العام للخط السياسي، فإنه سيشهد انقلاب أبيض من تنتقل فيه السلطة من التيارات المتشددة إلى التيارات العلمانية.
كلام المصدر الخاص حول “قاني” يؤيده تقرير نشرته وكالة أسوشيتد برس، لافتاً إلى أن خليفة “سليماني”، أقل دراية بتعقدات الملف العراقي وقادة الميليشيات، خاصةً وأنهلا ينطق العربية كم كان سلفه.
كما يشير التقرير إلى أن وصول “قاني” إلى قيدة فيلق القدس، تزامن مع ظهور الخلافات بين الفصائل الشيعية، وتوتر كبير في مواقف قادتها حيال الأوضاع السياسية الحاصلة في البلاد، ما أثر على كلمتها وقوتها داخل القرار العراقين تحديداً في ما يتعلق باختيار شخصية رئيس الحكومة.
خطوة جريئة
في سياق طبيعة العلاقات بين حكومة “الكاظمي” وإيرات، يصف تقرير الوكالة خطوة منع السؤولين الإيرانيين من دخول البلاد إلا بزيارة رسمية وتأشيرات نظامية، بـ “الخطوة الجرئية” التي تشير إلى رغبة عراقية بتقيد حرية إيران في التنقل داخل العراق، في إشارة إلى سعيها لضبط وترسيم وفرض الإحتراك لحدود البلدين.
كما يذهب التقرير في تقييمه لأهمية الخطوة العرافية الحالية، إلى أن حالة الانفلات الحدودي كان يستخدمها “سليماني”، لنقل المساعدات والدعم المالي للميليشيات، كما أنه كان يستغلها لتسريع وتكثيف اجتماعاته مع القادة العراقيين المدعومين من إيران، لنقل التوجيهات الإيرانية ورسم سياسة تعاملهم مع التطورات في العراق.