عدن.. نكسة اليمن الثانية
شكلت أحداث مدينة عدن “العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية” محوراً من محوار الأحداث الرئيسية على الساحة العربية خلال الأيام القليلة الماضية، بعد أن سيطرت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي على مقار الحكومة التابعة للرئيس عبد ربه منصو هادي.
آخر التطورات تجلت في إعلان الحكومة اليمنية مساء الخميس تعليق عمل مكاتبها في المدينة بعد رفض المجلس الانتقالي الجنوبي طلبها بالانسحاب من المدينة قبل الشروع بالمحادثات التي دعت المملكة العربية السعودية لإقامتها بين الطرفين في العاصمة الرياض.
ردود الفعل والحوثيون يدخلون على خط الأزمة
أبرز ردود الفعل وأكثرها إثارة للجدل جاءت من ميليشيا الحوثي التي أكد عضو مجلسها السياسي الأعلى عبرة تغريدة على موقع تويتر؛ مراقبة حركته للتطورات الحاصلة في مدينة عدن بين المجلس الانتقالي والحكومة اليمنية، مبيناً أنها تدرس كافة الاحتمالات والسيناريوهات المحتملة، وهو ما جاء بعد أيامٍ من تجديد ميليشيا الحوثي مبايعتها لإيران والولاء لخامنئي، ما دفع عدد من المحللين إلى الربط بين أحداث اليمن والمصلحة الإيرانية باستمرار الفوضى وحالة اللااستقرار.
من جهة أخرى، عبر نائب قائد شرطة دبي السابق “ضاحي خلفان” بتغريدة نشرها على موقع تويتر دعم بلاده لمشروع وحدة اليمن، مشددا في الوقت ذاته على الشراكة الإماراتية السعودية لمدى الحياة.
وفي السياق ذاته، غرد وزير الدولة الإماراتي على موقع التويتر حول التطورات التي شهدها قصر المعاشيق، كاتباً: “التطورات مقلقة والدعوة الى التهدئة ضرورية، ولا يمكن للتصعيد أن يكون خيارا مقبولا، الإطار السياسي والتواصل والحوار ضروري تجاه ارهاصات وتراكمات لا يمكن حلها عبر استخدام القوة”.
أما الكاتب الصحفي عبد الرحمن الراشد فقد رأى أن ما شهدته عدن كان بمثابة تصرفٍ انفعالي من قبل المجلس الانتقالي، كاد أن يهدم كل ما تمَّ تحقيقه في اليمن وشارك المجلس في إنجازه، مشيراً إلى صعوبة تحقيق مطلب الجنوبيين بالانفصال عن الشمال.
وعلى المستوى الرسمي أيضاً كان لأخبار عدن وتطوراتها وجودها في تصريحات بعض الدول والمسؤولين العرب، على رأسهم المملكة العربية السعودية التي دعت على لسان ولي عهدها الامير “محمد بن سلمان” إلى التهدئة وإقامة حوار بين الطرفين في العاصمة الرياض، فيما دعا ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد إلى تغلييب مصلحة اليمن والحوار، مُجدداً وحدة الموقف السعودي الإماراتي حيال اليمن.
بعد احتلال صنعاء .. أسوء ما واجه اليمنيين
في تقييم لتسلسل الأحداث، تعتبر أحداث عدن أسوء تطور واجهه اليمنيين منذ احتلال قوات ميليشيا الحوثي على العاصمة صنعاء، لدرجة وصفت بها بـ”نكسة اليمن الثانية” على اعتبار أنها مثلت الصدام الأول بين القوات المواجهة للنفوذ الحوثي، إلى جانب ما قادت إليه من تراجع عمليات التحالف العربي، حيث حذر السفير الأمريكي جيرالد فايرستاين من أن أي انفجار في اليمن أو عدن سيدعم وضع مليشيات الحوثي بالدرجة الأولى، مشيراً أن أي محاولة للانفصال ستقود إلى شطر اليمن عدة أشطار وهو ما ينعكس سلباً ليس فقط على اليمن وإنما على دول المنطقة عموماً.
كما شكلت الاحداث قلقاً شعبياً حقيقياً من إفراز صراع مسلح جديد في اليمن الذي يعاني من ظروف إنسانية صعبة جراء الانقلاب الحوثي في العام 2015 والذي دفع الأمم المتحدة للإعلان عن أكبر العمليات الطارئة التي ينفذها برنامج الأغذية العالمي في أي مكان بالعالم، بعد أن أشارت لوجود 20 مليون يمني نقصا حادا في الغذاء، وفق تقييم الأمن الغذائي الذي أجري أواخر عام 2018، الأمر الذي دفع لاعتبار فترة الحرب واحدة من أسوء الفترات التي مر فيها اليمن خلال المئة عام الأخيرة، لاسيما بعد أن سجلت الإحصائيات شبه الرسمية مقتل أكثر من 10 آلاف شخص، إلى تضرر ما لا يقل عن 12 مليون شخص شهريا من من يعيشون تحت وطأة انعدام الأمن الغذائي.
يشار إلى أن حدة المواجهات بين قوات الحماية الرئاسية والحزام الأمني في مناطق متفرقة في مدينة عدن جنوبي اليمن قد تصاعدت خلال الاسبوع الماضي، في الوقت الذي أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه العميق إزاء الاشتباكات العنيفة داعيا كافة الأطراف إلى وقف الأعمال العسكرية.
وكانت مصادر أمنية وطبية أكدت سقوط قتلى وجرحى في المواجهات التي دارت في محيط معسكر اللواء الرابع، حماية رئاسية، بمنطقة اللحوم بمديرية دار سعد، حيث سمع دوي انفجارات عنيفة من جراء استخدام السلاح الثقيل، فيما اتسعت رقعة الاشتباكات في مديرية خور مكسر.
مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي