عدوى الكوميديا وقد انتقلت من زيلنسكي إلى بوتين
يبدو أن الرفاق الروس قد استجابوا لندءات “الرفاق” من الموالين في دمشق التي تطالب الروس وتتمنى عليهم “ردع” إسرائيل ومنعها من متابعة ضرباتها لمواقع عسكرية “غالبيتها” إيرانية في سوريا، كل سوريا، وتحديدًا في العاصمة دمشق، وآخرها الضربتان اللتان نسبتا إلى إسرائيل، والتي أصيب فيها المطار الدولي في دمشق هذا الشهر.
لقد اتضح بأن روسيا استجابت فاشتغلت على مشروع قرار في مجلس الأمن يتضمن إدانة للهجومين وتحذيراً من زعزعة الاستقرار الإقليمي ومساً بالسيادة السورية.
حسب تقرير لـ “جيلي كوهن” من وكالة “كان”، لا تبدو احتمالات نجاح روسيا في تجنيد أغلبية لهذا القرار. ما يعني أنه قرار لن يرى النور ولن يأخذ من وقت مجلس الأمن الدولي مايزيد عن “استراحة بين شوطين”.
ـ الولايات المتحدة وأعضاء دائمون آخرون في المجلس سيعارضون مشروع القرار الروسي، بل قد يدفعون إسرائيل لضرب القصر الجمهوري الذي يقيم به الرئيس الأسد مع حاشيته من الإيرانيين، أقله لأن الروس أنفسهم غير جادين بحصاد هكذا قرار.
ـ هم غير جادين؟ نعم.
أما لماذا فلأنهم بالتمام والكمال غير معنيين بنظام الأسد، هذا من جهة، ومن جهة ثانية لأنهم لم يغسلوا أيديهم من الإسرائيليين ومازال موقف إسرائيل من حربهم في أوكرانيا هو موقف من يحمل العصا من الوسط، ولم يذهبوا بعيدًا في إدانة روسيا على حربها.
إسرائيل تحاول السير بين النقاط وعدم اتخاذ موقف صريح بخصوص الحرب في أوكرانيا. للمفارقة، تتعرض إسرائيل أيضاً لنقد من الولايات المتحدة لأنها لا تسوي خطها مع الغرب وتدين بصورة صريحة العدوان الروسي ضد أوكرانيا. الحذر الإسرائيلي كبير جداً، إلى درجة أنه أرسل، الأسبوع الماضي، موظفاً بمستوي متوسط في وزارة الدفاع إلى اللقاء الشهري الذي تجريه وزارة الدفاع الأمريكية في أوروبا، لتنسيق المساعدة الأمنية لأوكرانيا.
هذا أولاً، ثانيًا مادامت الضربات موجهة للإيرانيين في سوريا فإن الرئيس الروسي بوتن لن يذرف دماً عندما تقيد إسرائيل خطوات إيران في سوريا، على العكس سوف يرحب بالامر.
الروس يعلمون كما غيرهم بأن الهجمات المتكررة على المطار ، تأتي على خلفية محاولات متكررة لإيران لتهريب “منظومات دقيقة” لتطوير الصواريخ الموجودة بأيدي “حزب الله” في لبنان، عن طريق حقائب يد يحملها مسافرون متجهون إلى سوريا، وروسيا التي تغازل حزب الله، لن تقيم معه عقد قران، فالغزل شيء والزواج شيء آخر، فحزب الله لإيران وليس لروسيا، ولكل من البلدين مصالح متناقضة متصارعة في سوريا وإن تجاورت، وهي مصالح قد تصل إلى مستوى الصدام العسكري المباشر أقله في درعا، وإذا ماقام الإسرائيليون بضرب مصالح عسكرية في سوريا، فهذا أمر يعفي روسيا من القيام به.. اكثر من ذلك يشتغل بما رغبت أن تشتغله روسيا دون أن تدفع لاتكاليفه الحربية ولا تكاليفة في السياسة، وبالنتيجة سيرحب الروس بمثل هذه العمليات ولكن دون غطلاق زغاريد تثير حنق الإيرانيين، وتحبط مؤيدي النظام الذين باتوا يطلقون على روسيا لقب “الشقيقة”.
للروس مسارحهم، وغالبًا ماكنت مسارح تشتغل على التراجيديات الكبرى، وقلما دخل المسرح الروسي في لعبة الكوميديا.. اليوم يدخلون الكوميديا ومن “بوابة مجلس الأمن الدولي”، حيث يطالبون بـ :
ـ قرار إدانة إسرائيل على ضربها لمواقع ومنشآت إيرانية في دمشق.
يبدو أن عدوى الكوميديا انتقلت من الرئيس الأوكراني إلى الرئيس الروسي..
ألم يكن فلوديمير زيلنسكي ممثلاً كوميديًا.