على خطى الأسد.. هل باع خامنئي إيران إلى الصين مقابل السلطة؟
مرصد مينا – هيئة التحرير
تتصاعد الانتقادات المحلية والدولية لاتفاقية التعاون السرية، التي وقعها النظام الإيراني مع الحكومة الصينية، لاسيما وأنها تمتد لـ 25 عاماً، وتتضمن بنوداً مجهولة، لم يتم الكشف عنها حتى الآن، على الرغم من مناقشتها في البرلمان مع وزير الخارجية “محمد جواد ظريف”.
وكان نواب محسوبون على التيار المتشدد، قد أعلنوا معارضتهم الشديدة للاتفاقية؛ والسرية التامة المحيطة بها، مطالبين بمحاسبة وزير الخارجية ومسائلته، واصفين إياه بـ “الكاذب”.
الناشط الإيراني المعارض، “محمد مشائي”، اسم مستعار، يؤكد لمرصد مينا، أن النظام الإيراني يسير على خطى حليفه “بشار الأسد” في بيع البلاد للقوى الخارجية للاحتفاظ في السلطة والحصول على الدعم السياسي، حتى وإن كان ذلك على حساب الشعب.
أعداء الداخل وسطوة الحكم
الاتفاقية المثيرة للجدل، يرجعها الناشط المعارض إلى عدة عوامل، في مقدمتها العوامل الداخلية وحالة التصارع داخل النظام، موضحاً: “خلافاً لما يشاهده الناس، النظام الإيراني مقسوم لتيارات وفئات متصارعة على الحكم، والاتفاقية الحالية مع الصين عقدها التيار المسيطر فعلياً على الحكم داخل النظام والممثل بخامنئي وقيادات في الحرس الثوري، والتي ترغب بتأمين استمرار حكمها من خلال دعم خارجي، تماماً كما فعل بشار الأسد في مواجهة الثورة”.
وكان المرشد الأعلى للثورة في إيران، “علي خامنئي”، قد أقر قبل يومين، بوجود حالة صراع على السلطة بين المسؤولين الإيرانيين، خلال دعمه للرئيس، “حسن روحاني”، واصفاً تلك الصراعات بأنها مضرة لمسيرة الثورة الإسلامية.
حالة التعارض في مواقف القوى المتشددة حيال الاتفاقية، يرى فيها المعارض، “مشائي” دليل ومؤشر على حالة النزاع داخل مؤسسات الحكم وقياداته، وأن الاتفاقية من وجهة نظر التيار المسيطر على الحكم، موجهة لمن يمكن تسميتهم بأعداء الداخل قبل أعداء الخارج، مضيفاً: “هناك إدراك تام داخل النظام بأن الولايات المتحدة لن تقدم على أي عمل من شأنه تدمير النظام وإدخال المنطقة في صراعات ونزاعات جديدة لن تكون قادرة على تحملها، لذا فإن أعداء الداخل من صقور النظام يشكلون أولوية بالنسبة لخامنئي والفئة المناصرة له”.
وسبق لتقارير إعلامية أمريكية أن كشفت عن تعاظم قوة الحرس الثوري الإيراني في الشؤون الداخلية الإيرانية على حساب رجال الدين، الذين أبدوا امتعاضهم من ذلك التعاظم، لا سيما وأنه جاء بدعم من المرشد ذاته.
مشروع الوريث المحتمل وبلاد بالمزاد
توتر الساحة الداخلية وانقسام النظام إلى تيارات وتراجع صحة المرشد، تشير بحسب المحلل السياسي، “حسام يوسف” إلى أن إيران تتجه إلى تمهيد الأوضاع لترشيح وريث محتمل للمرشد الحالي، لافتاً إلى أن الأمور في البلاد حالياً تختلف عن ما كانت عليه مع خلافة “خامنئي” للمرشد السابق “الخميني” عام 1989، من حيث صلابة الجبهة الداخلية والموقف الشعبي من الحكام الجدد وحتى المواقف الدولية، ما دفع النظام إلى البحث عن دعم خارجي لتمرير عملية الوريث المحتمل.
وكان الرئيس الإيراني السابق، المنتمي للتيار المتشدد، “محمود أحمدي نجاد” قد شن هجوماً شديداً على الاتفاقية، مضيفاً: “أي اتفاقية سرية ودون الرجوع إلى إرادة الشعب الإيراني مع أطراف أجنبية يتعارض مع مصالح الدولة والأمة، تعتبر غير شرعية ولن تعترف بها الأمة الإيرانية”، وذلك وفقاً لما نشره موقع دولت بهار، المقرب من الرئيس السابق.
في السياق ذاته، يحصر المحلل “يوسف” الورثة المحتملين المرغوب بهم من قبل “خامنئي”، بواحد من اثنين، إما نجل المرشد الحالي، “مجتبى خامنئي”، والذي بدأ يتردد اسمه على وسائل الإعلام بشكل مكثف في الآونة الأخيرة، أو أحد قيادات الحرس الثوري، الذي بدأ قادته يميلون للعب دور أكبر في قيادة البلاد سياسياً، على حد وصفه.
أما تأثيرات الاتفاقية السرية على إيران، يجملها “يوسف” بأنها ستكرر سيناريو سوريا كما هو الآن، حتى وإن كانت اتفاقية محدودة بمدة زمنية معينة، مؤكداً أن الصين ستسعى لترسيخ سطوتها على الاقتصاد الإيراني النفطي، خاصةً وأن بكين تعتبر من أكبر مستهلكي النفط في العالم، إلى جانب سعيها لترسيخ وضع سياسي مستدام في إيران يمكنها من مد زمن تلك الاتفاقية، وهو ما أيده الناشط المعارض، “مشائي”، مؤكداً أن إيران ستفقد أي أمل في بناء الدولة مع السيطرة الصينية، وأن الحكومات الإيرانية ستتشكل مستقبلاً في بكين، كما تتشكل حكومات “الأسد” في موسكو.
وكانت تقارير إعلامية أمريكية، نشرتها مجلة ناشونال إنترست، قد حذرت من خطورة اتفاقية التعاون المزمع توقيعها بين النظام الإيراني والصين، مشيرةً إلى أنها قد تجر إيران إلى مصيدة الديون وتجعل منها رهينة لسياسات الحكومة الصينية.
بالإضافة إلى ذلك، يؤكد الناشط المعارض، وجود فجوة كبيرة بين تيارات النظام، خاصةً مع تعدد المرشحين لخلافة “خامنئي”، من أمثال رئيس السلطة القضائية، المتشدد، “إبراهيم رئيسي”، الذي يحظى بدعم رجال الدين، بالإضافة إلى حفيد المرشد السابق، “حسن خميني”، الذي يحظى بدعم كبير من أوساط داخل النظام، والرئيس الحالي، “حسن روحاني” المدعوم من الإصلاحيين، ورئيس القضاء السابق، “صادق لاريجاني”.
في البعد الدولي.. لماذا الصين؟
اختيار النظام الإيراني، الصين لتكون محطة اتفاقية التعاون، يفسره “يوسف” بحالة التوتر في العلاقة بين طهران وموسكو فيما يتعلق بالشأن السوري تحديداً، وشعور إيران بأنها تعرضت للخذلان والخيانة من قبل روسيا، لا سيما مع الأنباء التي تشير إلى خطة روسية لإخراج الميليشيات الإيرانية من سوريا.
كما يضيف “يوسف”: “إيران كانت تمتلك خيارين لا ثالث لهما في توقيع الاتفاقية، هما روسيا أو الصين، وعلى الرغم من حالة العداء الفكري بين إيران الاسلامية والصين وروسيا الشيوعيتين إلا أن الصين كانت أقرب بالنسبة لإيران، خاصة في ظل عدم وجود حالات عداء وصراعات تاريخية بينهما كتلك التي تجمع بين إيران وروسيا”، لافتاً إلى أن الاتفاقية تسعى على الجانب الخارجي منها، لكسر العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد والدفع باتجاه تأمين موارد من القطع الأجنبي بعد انهيار العملة الإيرانية بمستويات قياسية.
وبحسب التسريبات المنشورة، فإن الاتفاقية ستفتح الباب أمام استثمارات صينية في إيران قد تصل إلى 400 مليار دولار، ما دفع الخارجية الأمريكية للتأكيد عبر المتحدث بإسمها، بانها مستمرة في عقوباتها وأنها ستشمل كافة الشركات الصينية التي ستخدل إلى السوق الإيرانية.