fbpx
أخر الأخبار

عندما تكون أوروبا لزوم ما لا يلزم

زاوية مينا

كل المعلوم من المجهول، أن مكالمة هاتفية جرت ما بين ترامب / بوتين مدتها ساعة ونصف الساعة، ومن بعدها لقاء بين وزيري خارجية البلدين لمدة أربع ساعات ونصف الساعة في الرياض، ولم تنشر تفاصيل هذا اللقاء، لكن النتائج لا تبشر بخير للأوكران وتبشر بخير للروس.

انحاز ترامب علنا مع الموقف الروسي، بحيث لايطلب تنازلات من الروس ويطلب تنازلات من الأوكران، فكان أن هاجم زيلنسكي بضراوة، بعد أن مهد لصفقة قادمة سيضعها في أفواه الأوروبيين، فقد قال بداية “روسيا ليست مسؤولة عن الحرب بل أوكرانيا”، وخاطب الصحفيين موجها كلامه للرئيس الأوكراني “لم يكن ينبغي لك أن تبدأ الحرب”، و “كان لك أن تدخل في تسوية ولكنك لم تفعل”.

أعلن ترامب تطلعه إلى عودة روسيا الى استعادة مكانتها في عضوية الدول السبع الكبرى لتكون الثامنة، دون أي إشارة الى إعادة “القرم” للأوكران، ثم أعلن أنه “من غير الممكن أن تستعيد أوكرانيا مافقدته”، و”لن يكون بمقدور أوكرانيا الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي”، ولم يكتف بذلك بل طالب زيلينسكي بتسديد تكاليف الحرب التي دفعتها الولايات المتحدة في عهد بايدن، ومن قبل الكلام هذا، كان قد أرسل وزير خزانته إلى كييف لمطالبتها بالتخلي عن ثرواتها من المعادن النادرة مقابل خمسمئة مليار دولار قدمتها لكييف.

زيلينسكي تساءل:

ـ من أين له أن يقول خمسمئة مليار دولار.
فعلى حد علم الرئيس الأوكراني فإن مجمل ما وصل من معونات أمريكية لأوكرانيا لم يتجاوز مئة مليار دولار.

التقى ترامب، زيلينسكي، ومحور اللقاء كان إهانة زيلينسكي، والتشكيك بأهليته، بل وشكك في شرعيته، وأضاف على مسمع زيلينسكي: “أوكرانيا بحاجة لرئيس جديد غيرك”.

بعد ذلك جاء وزير الدفاع الأمريكي ليخاطب الأوروبيين “لم تعد أمريكا تحرسكم.. لم تعد ضامنا لأمنكم”، بما يعني اخلعوا أشواككم بأيديكم.

نائب الرئيس الأمريكي، وعلى خطى رئيسه هاجم الأوروبيين على كافة الصعد وكان ذلك في ميونيخ.

شيء ما أعاد لذاكرة الأوربيين وقائع التاريخ، ومن بينها واقعتين مهمتين جدا، الأولى مؤتمر ميونيخ 1938 و مؤتمر يالطا 1945 في المؤتمر الأول كان رئيس الوزراء البريطاني تشمبرلين قد دعى رؤساء وزراء فرنسا وإيطاليا لتوقيع معاهدة مع هتلر، تنص المعاهدة على أن يسمح لهتلر بضم منطقة “سوديتن لاند”، وهي الإقليم الناطق باللغة الألمانية في تشيكوسلوفكيا لألمانيا على أن يتخلى هتلر عن تهديداته لكامل دولة تشيكوسلوفكيا، فكان لهذا معنى واحد:

ـ استرضاء هتلر.
في مؤتمر يالطا 1945 قسم الأمريكان والبريطانيون والسوفييت مناطق أوروبا في غياب الأوروبيين.
فيما مضى، وعبر مؤتمر ميونيخ تسامح الأوروبيون مع الأمريكان، فكانوا ضحية هتلر، واليوم يخيم الماضي على الأوربيين الذين يرون أن ثمة تقسيم جديد لأوروبا بما يجعلها منطقتي نفوذ، إحداهما روسية، والثانية أمريكية، ويبقى السؤال:

ـ لماذا يحتقر دونالد ترامب أوروبا؟
بل لماذا يحتقر إيلون ماسك أوروبا، وهو دماغ دونالد ترامب؟
أبسط إجابة عن السؤال:
ـ هي لأن الأوروبيين ضعفاء.

قد يستحقون التعاطف، لكن لا يستحقون الاحترام.

وهكذا استبعد ترامب أوروبا من التفاوض على مستقبل أوكرانيا، لأنه يريد أن تقتصر المفاوضات على الأطراف الفاعلة وهذا لا ينطبق على الأوروبيين.

واحد من كبار المسؤولين الأوربيين كان قد قالها:
ـ لا لزوم لنا.. نحن ندفع فقط.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى