عن “اليوم التالي”
مرصد مينا
ما سيبدو من الخيال اليوم، قد يتحوّل إلى حقيقة صادمة في اليوم التالي.. اليوم التالي مازال سؤالاً وربما شعاراً، فالأحداث بوقائعها القاتلة تفيد بأن ما بعد رفح يعني فيما يعنيه الترحيل القسري للسكان، أما تظاهرات العالم وحجمها فقد تؤجّل ولا تُلغي، فالجيش الإسرائيلي وقياداته السياسية المنزلقون من النص التوراتي، مازالوا يرون بأن “فلسطين / كل فلسطين” أرض ميعادهم، وما لا يُحققه “يهوه” تحققه أسلحة الدمار الشامل، ليكون اليوم التالي مابعد “غزة” هو يوم “الضفة الغربية”، تلك البقعة من فلسطين التي حملت اسم الدولة، ولم تنل من حصة الدولة سوى حراسات أبو مازن، واحتكار السمسرات وسط تنامي الاستيطان في الضفة وهو الاستيطان الذي يزحف ببطئ وثقة، وقد يتحوّل إلى واقع أكثر اتساعاً ما يعني أن حرب غزة، لن تكون سوى التمهيد الضروري للحرب على الضفة نحو ترحيل جديد، من المحتوم أنه سيتجه نحو الأردن، وهو إذا ما تحقق لابد وينتج “مملكة جديدة” بـ “ديمغرافيا سكانية جديدة”، تستعيد شعار “الوطن البديل”، وسط صراعات سكّانية قد تسوق إلى ذاكرة “أيلول الأسود”، بفارق أن لأيلول الأسود آباء من طراز ياسر عرفات أو الحكيم جورج حبش، فيما سيكون أيلول الجديد يتيماً وبلا آباء، فلا أبو مازن ومجموعته “آباء”، ولا بوسع حماس أن تلقي بذهنيتها على سائر الفلسطينيين، ما يعني أن تتحول الأردن إلى ساحة جديدة للصراعات، وهي صراعات لا تعني سوى “الحرب الأهلية”، إمعاناً في تفكيك المملكة لحساب إسرائيل، الصيغة التي تعني “مملكة إسرائيل المحاطة بالزواريب”، ولهذه المرحلة مقدّماتها وليس صدفة تدفق السلاح الإيراني إلى المملكة مع توطيدها كمعبر للكبتاجون.
الكل يحكي عن اليوم التالي باعتباره “التالي لغزة”، غير أن ما يحمله “التالي” لابد ويكون أكثر اتساعاً من غزة، فالوجود الفلسطيني في فلسطين بات محكوماً بالإبادة وما بعد الإبادة :
ـ النزوح.
الهاشميون يدركون الصيغة ويتخوفون منها، وكانت العائلة الهاشمية وعبر تاريخ الأردن قد اشتغلت على “التوازن مع السير على الحبل المشدود” وبلعبة التوازن إياها ادارت العلاقة ما بين فلسطيني / شرق أردني / بدوي، وأفلحت بدءاً من إدارة المملكة باستثناء مرحلة قصيرة انتهت بـ “أيلول” السبعينيات.
خبرة العائلة المالكة، قد تتعثر مع “اليوم التالي”، اليوم الذي سيعني “الفلتان”، وهو الابد منه أقلّه بـ “الإرادة الإسرائيلية”.
سيكون للخرائط أقلاماً جديدة، ورسومات جديدة.
اليوم التالي إياه لابد ويتزامن مع اليوم التالي لسوريا.
من قال أن خريطة سوريا الراهنة ليست إلى زوال؟