fbpx
أخر الأخبار

قصقصة الأذرع الإيرانية و”متلازمة دونالد ترامب”

زاوية مينا

هي سياسة “التشحيل” والتشحيل هنا يعني قصقصة أذرع طهران، بما يبقي الرأس حاسراً وينتزع من الإيرانيين عوامل قوتهم في الإقليم، وكان التشحيل قد ابتدأ بحزب الله لحظة تدمير بنيته التحتية وصولاً إلى رأسه ومن بعده اجتثاث نظام الأسد.

أما الحوثيون فهاهم يتلقون الضربة تلو الضربة، وما تبقّى من أذرع في العراق، فها هي النقاشات الصعبة حول مكانة المليشيات الحشد الشعبي على قدم وساق، وكانت الأخبار تحمل استعدادها لنزع جزء من سلاحها، وربما جميعه، بعد أن حصلت على “الإذن” من الزعيم الأعلى في إيران علي خامنئي.

لن نحبس الأنفاس، وثمة إشارة “في” كبيرة بشأن حملة أخرى ناجحة للتهديد الأمريكي على إيران. إن نزع سلاح هذه المليشيات حتى لو تحقق، لا يعني غيابها عن الساحة في العراق أو تقليص تدخل وتأثير إيران في الدولة التي هي برعايتها.

سياسات دونالد ترامب قد تحمل عنوان “حلقة النار” بالنسبة لطهران، فالحشد الشعبي الذي يضم في ذروته 70 مليشيا، هو الآن نصف هذا الرقم. بعضها ممول ومدرب بشكل مباشر من قبل إيران، وبعضها موال للسيستاني، وبعض آخر يعمل كذراع عسكري لحركات وأحزاب شيعية في العراق التي لا تعتبر إيران بالضرورة مصدر الصلاحية السياسية أو الدينية.

في تقرير موسع لـ “ها آرتس” جاء بأن ست مليشيات كبيرة توحدت في تنظيم باسم “المقاومة الإسلامية في العراق”، غير أن ما بين المتوحدين فجوات واختلافات في كل ما يتعلق بالاستعداد للعمل عسكرياً حتى إن البعض منها امتنعت كلياً عن اتخاذ خطوات عسكرية ضد أمريكا أو إسرائيل، وفق ها آرتس، كما اكتفى ببيانات إدانة أو التعبير عن التضامن مع الفلسطينيين.

هذه الفجوات تنبع من المكانة الخاصة التي حصلت عليها هذه المليشيات، اقتصادياً وسياسياً، في العراق. وهي المكانة التي تمنحها قوة ونفوذ أكثر بكثير من إطار الأهداف العسكرية الأصلية التي أنشأتها”.

حسب القانون من العام 2016، تعتبر المليشيات جزءاً من القوات العسكرية العراقية، لكنها تعمل بشكل مستقل ولا تخضع للقيادة العسكرية العراقية، بل لقائدها فالح الفياض، الذي يقودها منذ بداية إقامتها. تحصل على التمويل من ميزانية وزارة الدفاع، ويقدر نصيبها بثلاثة مليارات دولار في السنة، وهو يخضع لعدد المجندين المسجلين فيها.

الفجوات إياها لم تكن كفيلة بانهاء الإخفاق الأساسي في الرقابة على وإدارة “الحشد”، فقد حصلت زيادة خيالية في عدد المجندين المسجلين على مر السنين، حيث قفز في 120 ألف مجند في 2019 إلى 220 ألف في السنة الماضية وهي أرقام على ذمة رويترز.

لكن ما الذي يضاف إلى حال “الحشد”؟

يضاف أن الكثير من المجندين “جنود أشباح”، غير موجودين في الواقع، وتستخدم أسماؤهم للحصول على الميزانية. بشكل منفصل، بعض هذه المليشيات أقامت إمبراطوريات اقتصادية تتضمن مشاريع عقارية، والسيطرة على آبار لإنتاج النفط، وإدارة بنوك مستقلة، وفرض رسوم وضرائب عبور، والسيطرة على المعابر الحدودية، التي يجب رجالها الجمارك التي بالطبع لا ترسل إلى خزينة الدولة.

في فبراير/شباط الماضي، على خلفية استبدال الإدارة في واشنطن التي وصل معها التهديد الأمريكي، صادقت حكومة السوداني على “قانون الحشد الشعبي – الخدمة والانسحاب”، الذي ينص على ترتيب مكانة المليشيات وخضوعها للدولة، وكله على طريق حلّ هذه الميليشيات.

ولكن حتى لو وافق رؤساء المليشيات على نزع سلاحها والاندماج في الجيش العراقي، فستنطوي هذه العملية على مفاوضات قاسية حول التعويض الذي ستطالب به مقابل هذه التنازلات، ومن بينها تمويل استيعاب رجالها في الجيش ومكافآت تقاعد سخية للذين لا يمكن استيعابهم في الجيش، لا سيما القادة القدامى الذين سيضطرون إلى الاستقالة.

غير أن ما هو أعقد سيكون الموافقة على الطلبات السياسية التي ستطرحها ، مثل الشراكة في الوزارات الحكومية، وتخصيص أماكن مضمونة في الانتخابات للبرلمان ووظائف تمكنها من السيطرة على الميزانيات، التي ستمكنها من التأثير على اتخاذ القرارات السياسية.

ولن تضمن هذه المليشيات مكانتها فحسب، بل استمرار نفوذ إيران في المؤسسة العراقية واقتصاد الدولة، التي تعتمد الآن على مصادر الطاقة والمياه من إيران. في المقابل، دمج المليشيات في الجيش العراقي ووضعها تحت قيادة الحكومة العراقية، حتى ولو اسمياً، ربما يكون ثورة في تاريخ العراق بعد نظام صدام حسين، ومنح الحكومة العراقية السيطرة الحصرية على القوات المسلحة الموجودة فيها، باستثناء قوات البيشمركة الكردية في إقليم الحكم الذاتي في شمال العراق.

وفق “ها آرتس” فإن “هذا طموحاً نظرياً وسيصعب تطبيقه، حتى لو تم نزع سلاح المليشيات، بدون قطع اعتمادها الاقتصادي على إيران، الذي يملي أيضاً سياسة الحكومات في العراق”.

غير أن هذا “المعقّد” قد يغدو أكثر سهولة، دون نسيان “فيما لو”:

ـ تمكنت الحكومة اللبنانية، في أعقابها أو في موازاتها، من نزع سلاح حزب الله.

ـ أن يطبق أحمد الشرع حلمه في دمج جميع المليشيات المستقلة في سوريا في إطار عسكري وطني.

تلك هي الأفكار التي تدور في رأس دونالد ترامب وهذه هي الخطة الاستراتيجية التي يرسمها الآن كجزء من عملية بلورة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.
غير أن ما سيتبقى هو:

ـ إلى أيّ درجة سيمضي دونالد ترامب في حزامه الناري؟

ثمة من يظن أن ثمة مشكلة تتصل بالرئيس الأمريكي نفسه أما المشكلة فباختزال هي “متلازمة ترامب” فهو يظهر مثل إعصار يهدد بتدمير كل شيء في طريقه، ثم يتلاشى إلى سحابة غبار.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى