كي لايضاف إلى “الولي الفقيه” لقب المحترم
زاوية مينا
مع سلاحه النووي، أصبح “كيم” شمشوناً بمقدوره قلب المعبد على من فيه، أكثر من ذلك وفق وسائل الإعلام الكورية الشمالية “الرفيق المحترم كيم جونغ أون”، فالقنبلة ودون أدنى شك جعلته يحيل بلاده إلى سجن وسجّان، ولا يسمح لبرغشة أن تتحدى أسواره، واليوم، لابد لـ “الولي الفقيه”، أن ينهض من سريره ليفكّر ملياً في حث الخطى نحو “القنبلة الإيرانية” التي تسمح له بأن يكون “الولي المحترم على خامنئي”، وسيحدث هذا إذا ما بقيت الولايات المتحدة تؤجل إعاقة المشروع النووي الإيراني، لتصحو بعد فوات الوقت، دون نسيان أن كل الجنرالات، وأيّ كان شأنهم فهم أقل شأناً من لوقت، دون نسيان إضافة “لكن في الوقت الراهن، يبدو أن السبب الأهم الذي يدفع طهران إلى تجنب السعي نحو امتلاك السلاح النووي هو ضعف قدراتها العسكرية التقليدية”.
هذا الضعف يضعها أمام تحد معقد، فعلى الرغم من أن الأسلحة النووية قد تساهم في تعويض هذا الضعف، إلا أن أسوأ توقيت تتوجه فيه طهران نحو تطوير القنبلة هو عندما تكون قدرتها على الردع أو الرد على أي ضربة محتملة ضد برنامجها النووي في أدنى مستوياتها.
غير أن ما تجدر ملاحظته أنه ومع تزايد التحول التدريجي نحو مقاربة أكثر مغامرة تجاه إسرائيل، ربما تكون إيران قد وصلت إلى منعطف حاسم.
المنعطف الحاسم إياه يضع واشنطن أمام حزمة من الـ “يجب” رتبها المنظر الأمريكي مايكل ايزنشتات وفق أولويات، فـ :
ـ يجب على واشنطن أن تبذل قصارى جهدها لإحباط هذا التحول الخطير ومنعه من أن يصبح واقعاً دائماً، وتحفيز طهران على مواصلة اتباع سياسة التحوط. وعلى الرغم من أن إيران المتحوطة حاليا تشكل خيارا غير مرغوب فيه، إلا أنه أقل خطورة مقارنةً بإيران النووية.
كما تمثل استراتيجية التحوط خياراً أكثر حكمة مقارنةً بضربة وقائية كبيرة على المواقع النووية الإيرانية، والتي من المرجح أن توفر مهلة مؤقتة لا تتجاوز سنة أو سنتين فقط قبل أن يعاد بناء البرنامج النووي الإيراني مرة أخرى، مما يؤدي إلى تكرار سيناريو الهجوم لاحقاً.
وكما فشلت عملية “جز العشب” في نهاية المطاف في غزة، قد تفشل هذه الاستراتيجية في إيران أيضاً. ومن شأن القيام بضربة وقائية ضد إيران أن تزيد من قناعتها بأن بناء القنبلة النووية بات ضرورياً وحتمياً.
وفق ايزنشتات ففي مواجهة تولي ترامب ولاية ثانية، قد تسعى إيران لتسريع إنتاج أجهزة الطرد المركزي المتقدمة والمواد الانشطارية، بهدف تعزيز موقفها التفاوضي مع واشنطن أو تسريع قدرتها على تجاوز العتبة النووية، لا سيما إذا تصاعدت التوترات بشكل أكبر. بل وربما ترى إيران أن الفترة التي تسبق يوم التنصيب تمثل فرصة مثالية لاتخاذ خطوات أولية نحو الاختراق النووي، مما يمكنها من التفاوض مع الإدارة الجديدة انطلاقاً من موقع قوة. وقد تشمل هذه التحركات إخفاء المواد الانشطارية في مواقع غير معلنة أو بناء منشآت تخصيب سرية.
لمواجهة هذه المخاطر، ما الذي “يجيب”؟
أمام القادة الأمريكيين عدة خيارات. أولاً، ينبغي على الإدارة الأمريكية المقبلة التأكيد على أنها لن تسمح لإيران بامتلاك أسلحة نووية، على غرار الإدارات السابقة.
ثانياً، بالتعاون مع إسرائيل وشركاء آخرين، ينبغي على الولايات المتحدة اتخاذ الخطوات التالية لردع طهران عن الحصول على القنبلة النووية وإبقائها متحوطة لأطول فترة ممكنة:
ـ توطيد التعاون الوثيق مع إسرائيل وحلفاء آخرين لتوجيه رسالة واضحة لإيران مفادها أنها تواجه تحالفاً دولياً واسع النطاق.
ـ حشد مجموعة واسعة من الحلفاء الدوليين وتحفيزهم على المشاركة في حملة ضغط قصوى ضد إيران إذا ماقامت بتخصيب اليورانيوم بنسبة تتجاوز الـ 60% أو حاولت تجاوز العتبة النووية.
ـ تكثيف استخدام قاذفات القنابل الشبح في التدريبات والعمليات الإقليمية كإشارة واضحة بأن واشنطن قد تستخدمها إذا حاولت إيران تجاوز العتبة النووية.
ـ نشر مركبة “دارك إيجل” الانزلاقية الجديدة بعيدة المدى التي تفوق سرعة الصوت التابعة للجيش الأمريكي في المنطقة لإبراز القدرة على إمكانية استهداف القيادة الإيرانية إذا أمرت باختراق نووي، حيث قد تكون بعض الأهداف النووية غير قابلة للوصول المباشر.
ـ إظهار القدرة المستمرة على اختراق برنامج طهران النووي بالوسائل الإلكترونية وغيرها من الوسائل لإظهار أن أي أسلحة نووية ستكون عرضة للتخريب والتحويل عن مسارها، وبالتالي يمكن أن تشكل خطراً على النظام.
ـ إطلاق حملة تأثير في وسائل التواصل الاجتماعي باللغة الفارسية للتشكيك في جدوى الأسلحة النووية والتأكيد على المخاطر التي يمكن أن تشكلها على إيران في حال التخريب أو تحويل مسارها أو ما قد ينتج عن ذلك من انتشار نووي إقليمي.
بالنظر إلى المخاوف التاريخية لطهران بشأن المخاطر والتكاليف المحتملة المرتبطة بالسعي لامتلاك القنبلة النووية، فإن التغيرات السياسية الطفيفة نسبياً التي تستغل نزعة خامنئي التقليدية لتجنب المخاطر وميله للارتياب، قد تكون كافية لثني النظام عن محاولة تخطى العتبة النووية.
ومن المؤكد أن هذه المخاوف قد تعززت بعد قيام إسرائيل مؤخراً بتصفية القيادة العليا لـ “حزب الله”.
سيختم آيزنشتات موجباته بالقول:
ولمنع مقاربة طهران الأكثر تقبلاً للمخاطر من أن تصبح الوضع الطبيعي الجديد، يتعين على واشنطن أن تشجع إسرائيل على الرد على أي هجمات مستقبلية من خلال ضربات انتقامية مدروسة ومحسوبة، وهو من شأنه أن يضعف القدرات العسكرية التقليدية لإيران.
في الوقت عينه، من شأن التهديد باتخاذ إجراءات مثل استهداف المواقع النووية وقادة النظام أن يؤدى الى ردع أي محاولة لإيران لاختراق العتبة النووية.
وبهذه المقاربة، تستطيع الولايات المتحدة وحلفاؤها تقليل التهديد التقليدي وتجنب قيام إيران بأي اختراق نووي، وربما تمهد الطريق للتوصل لاتفاق شامل مع إيران بعد أن تتولي إدارة ترامب مهامها في كانون الثاني/يناير.
تلك الـ “يجبات” لابد وأنها على طاولة دونالد ترامب، وما تبقّى هو:
ـ كيف سيكون على ترامب حساب تكلفتها.
إذا لم يحدث هذا فسيكون اللقب الجديد لعلي خامنئي “الولي الفقيه” مع إضافة:
ـ المحترم.
أليس هذا حال كيم جونغ أون؟