لافروف.. كيسنجر الروسي
أن يتغيب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن زيارة دمشق بدءًا من 2012 فهذا سؤال، وأن يأتيها في منتصف 2020 وبصحبته وفد مؤلف من سياسيين وأمنيين وعسكر، فهذا سؤال ثان.
مع السؤال الأول يأتي سؤال:
ـ هل كان غيابه بفعل (استثقاله) لدم وليد المعلم نظيره السوري، والاكتفاء بمقابلة مبعوثين عنه؟
والسؤال الثاني:
ـ ماهي المستجدات التي استدعت مجيئه على هذا النحو؟
هل هي توافقات اقتصادية تمنح الروس جديدًا على القديم بحيث تتسع القاعدة البحرية في طرطوس وبانياس وتتسع معها الاستثمارات الروسية في الساحل السوري؟ وهل ثمة مايحمله لافروف الى السوريين فيما يتصل بتسوية سورية جديدة، تتكئ على قديم مقررات جنيف، ليدفع بالعملية السلمية في سوريا بعد أن تبرأ النظام من وفده المفاوض باعتباره وفدًا لايمثل الحكومة وانما هو تمثيل للمجتمع المدني، كما لو أن النظام يسمح بمجتمع مدني؟
كلها أسئلة تأتي مع زيارة لافروف، ولابد أن المتفائلين، لاحظوا ذلك العناق مابين الوفد الروسي ومستقبليهم من الحكوميين السوريين، غير أن المتشككين، لايعيرون بالاً للعناق، فالروس باتوا مرغمين على العثور على صيغة تسمح لهم بشرعية التواجد في الاراضي السورية، وهي شرعية لاتتأتي سوى بالسماح لشركاء دوليين آخرين بمثل هكذا تواجد، سواء كانوا أمريكان، أو أتراك أو فرنسيين أو حتى إسرائيليين، في تقاسم نفوذ، يعني توزيع الكعكة السورية، بعد أن بات ابتلاعها كاملة مكلف للروس، وقد تحملوا تكاليف حرب أو جزءًا من تكاليفها، دون امكانية لمد اليد من جديد لصندوق المال السوري الخالي من النقود.
كلها أسئلة تطرح على لافروف شخصيًا، وليس على الوفد المرافق له، حتى ولو كان الوفد برئاسة نائب الوزراء الروسي، فلافروف هو محرك السياسات الروسية الخارجية، وهو كيسنجر روسيا، وهو لاعب السيرك الذي يحرك الخيوط، وقد وضع في جيبه الأول جزءًا من المعارضة السورية، وفي جيبه الثاني كامل مفردات النظام السوري، ولابد أن يملأ بقية جيوبه بلاعبين آخرين، لانستبعد أن يكون التركي أحدها بعد أن لعب بقدري جميل باعتباره صاحب منصة موسكو، وباعتباره قد صاغ اتفاقًا مع “قسد”، يمنح بموجبه جزءًا من قسد للنظام، ولابد أن يقدم تطمينات للتركي بأن البي كي كي بعيدًا عن الحدود، دون اجهاد النفس بالاحتلال التركي لعفرين.
أسئلة تحت سطح الزيارة لافوق المائدة.
أما عن العناق، فهو كالكلام:
ـ بضاعة بالمجان.