fbpx

لحظة يكتب نصر الله سيرته

مرصد مينا

على الغالب يحيل “الدكتاتور” كتابة سيرته إلى سواه، فعل ذلك الكثير من دكتاتوري العالم الثالث فهذا فيديل كاسترو أسند جزءاً من كتابة سيرته إلى غابرييل غارسيا ماركيز، فيما تعدد كتّاب سيرة حياة معمّر القذافي وكذا حال زين العابدين بن علي وكان جمال عبد الناصر قد اطمأن لمحمد حسنين هيكل ليسرد سيرته.

سيرة، إما تحت عنوان السيرة، وإما تحت عناوين أخرى تتضمن السيرة، أما حسن نصر الله، وهو دكتاتور صغير على حزب صغير من طائفة صغيرة لدولة صغيرة، فقدً  خصص خطاباً لسيرة حياته بدءاً من حيّ شرشبيل في الكرنتينا اللبنانية وصولاً إلى زعامته على حزب الله متكئاً على مناسبة رحيل السيدة والدته، باعتبارها أمسكت بيده إلى الامام موسى الصدر ومنه إلى الصومعة ومن ثم “الحزب”.

هي حالة نادرة ومثال نادر قلما فعله زعيم سياسي، بل ربما لم يسبق لزعيم سياسي أن فعله، ويحدث ذلك في لبنان بلد الزعامات السياسية الموروثة بدءاً من آل جميّل وصولاً لآل جنبلاط وفرنجية.

واضح من خطاب حسن نصر الله هو التوجه للزعامات السياسية بالقول “زمان الأول تحوّل”، فالزعامات الموروثة لاتساوي شيئاً مقابل الزعامات المصنوعة بأيادي صاحبها، وواضح أيضاً أنه وعبر خطابه وسط آلاف من مناصريه يشتغل على إرسال رسالة مفادها:

ـ أنا الزعيم.

أما ما قبل الخطاب فكان قد فرض على لبنان بالشراكة مع حركة امل الحداد وتنكيس الأعلام لمدة ثلاثة أيام حداداً على مقتل الرئيس الإيراني “إبراهيم رئيسي”، وهو حداد ليس له مكان في الأعراف الدولية، ولم يجاره فيه أحد باستثناء بشار الأسد، كما لو انهما “حزب الله والأسد” توأمان إيرانيان، يبسطان نفوذهما على بلدانهما ويعلنان الحداد على من ليس بمواطنهما وهي حالة بالغة الغرابة، يتقبلها السوريون بسطوة السلطة، ويسخر منها اللبنانيون بما تبقّى لهم من حرية، وهكذا بات أسبوع الموت على اللبنانيين شديد المهزلة والوطأة معاً، فجمع ما بين تراجيديا الموت، ومهزلة الحداد على من لاصلة للناس بحياته ليكافئونه في موته.

مع خطاب حسن نصر الله ثمة مجموعة رسائل، اولها للبنانيين ومفادها كما سبق وقلنا:

ـ أنا الزعيم.

وثانيها اعلان الانفصال عن لبنان الجمهورية لحساب لبنان الطائفة / الحزب.

وثالثها: نحن إرادة إيرانية تملي بشروطها على ارادات اللبنانيين.

وأخيراً يتجاوز نصر الله في خطابه مشهد الزهد الذي منحته إياه الصومعة، لحساب العنجهية التي منح إياها السلاح.

وفي كل الرسائل ثمة تحولات كبيرة،  أهميتها في رمزيتها.

وبالنتيجة إلى أين؟

إلى لبنان آخر، لبنان المقسّم الذي يتنكر للقسمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى