للألمان عقدة “الهولوكوست”، ما هي عقد الأمريكان تجاه اليهود؟

زاوية مينا
قد يكون مفهوماً عقدة الألمان (كبشر) و (كحكومات) إزاء إنكار الهولوكوست، فالهولوكوست حقيقة أُشبِعت بما يكفي من الإضافات.
فالسينما أضافت، والمذكرات أضافت، وشهادات من تبقّى من الاحياء أضافت ومع كل إضافة إضافات، فالتراجيديات حمّالة للإضافات وحضنها واسع للحقائق والخيال.
وبناء على عقدتها، فقد أيّدت ألمانيا إسرائيل في هولوكوستها الذي طال الفلسطينيون، الغزاويون بالمباشر، والضفة بالتحايل، ليكون الاقتلاع، والتهجير ومن بعدهما رمي الفلسطينيون فإن لم يكن إلى شرق الأردن، فإلى لبنان، وإن لم يكن إلى لبنان فإلى سيناء، وإن استحال هذا وذاك فإلى البحر والأسماك.. قد يكون هذا مبرر للألمان وعقدتهم التاريخية وقد ارتكبتها النازية، بما يعمي الألمان عن وقائع اليوم، وعن قتيل النازية الذي يشتغل على قتل الفلسطينيين، ولكن ما هي عقدة الأمريكان؟
الأمريكان غير مطالبين بالاعتذار من ضحايا النازية، فالقوات الأمريكية مع السوفييت اقتلعوا النازية، ما يعني أنهم ثأروا لليهود مبكّراً، وهو أمر يستدعي منهم التحرر من العقدة إياها سواء حملت “معاداة السامية” أو حملت “عقدة معسكرات الموت”، ومع ذلك فقد يبدو من المستغرب تصوّر ما يجري هناك وراء المحيط، وقد طال فيما طال الحريّات المدنيّة والتعبيريّة، تلك التي تمس العنف الإسرائيلي ليطال الفلسطينيون بما يصل إلى حدود الإبادة؟
المسألة بسيطة وفق الفلسطيني أسعد أبو خليل، فقد أدرك اللّوبي الصهيوني في واشنطن أنّ المزاج الشعبي العام (خصوصاً اللّيبرالي واليساري والشبابي) في دول الغرب يتغيّر باتّجاهٍ مُتعاطفٍ نحو فلسطين. وهو عمِل في الحرب الدعائيّة لكنّه فشِل، وفشِل أكثر بسبب تراكم جرائم إسرائيل.
سيتابع أبو خليل “وجد أنّ الحلّ الوحيد يكمُن في محاربة حريّة التعبير في الجامعات والمدارس. وفي لحظة عار، مَثلَ قادة الجامعات أمام الكونغرس، ولم تجرؤ واحدة منهنّ على رفْض إهانة الطلّاب وحقوقهم من قِبل أعضاء الكونغرس.
لكنْ هنا نفهم الجامعة على أنّها مؤسّسة تجاريّة في الدول الرأسماليّة. يرضخون للمصالح الماليّة. رئيسة جامعة كولومبيا المصريّة الأصل، نعمت شفيق، كانت الأسوَأ. قدّمت مثالاً بشعاً للرضوخ التامّ والمُهين (لها ولجامعتها وللدستور) للّوبي الإسرائيلي”.
كل ذلك و” لم يرضَ عنها الصهاينة وفرضوا إقصاءها”.
كل ذلك و”هناك حالة مخاوف حقيقيّة بين الطلاب العرب في الجامعات الأميركيّة، خصوصاً هؤلاء الذين نشطوا من أجل فلسطين، أو الذين حملوا على هواتفهم صُوَراً وتعليقات عن فلسطين خلال مرورهم في المطارات.
هناك طلّاب لبنانيّون تعرّضوا للطّرْد: واحد وضعوه على طائرة عندما عاد إلى أميركا بعد رحلة. تحقيقات على مدى ساعات في المطارات الأميركيّة.
أسئلة عن مواقف عن فلسطين وعن تعليقات على مواقع التواصل. البعض يمحو تغريدات قبل الوصول إلى المطار، وهم يُغلقون خدمة الواتسآب قبل الوصول”.
ـ ما الذي يحدث؟
حتى أميركا باتت الدولة التي سخِرت منها أميركا نفسُها في سنوات الحرب الباردة. هناك حالة ذُعر عارمة: الحزب الديموقراطي نفسُه خائف ومنكفئ ولا يجرؤ على معارضة ترامب لعِلمه أنّ هناك ثورة اعتراض للناخبين البِيض.
ليس ترامب إلّا تعبيراً عن ذلك. هو مجرّد ناقل للرِّدّة البيضاء ضدّ سنوات من التقدّم (المحدود) في الحريات المدنية والنسويّة. هناك «زوّار فجر» في الجامعات (الطريف أنّ الدعاية الساداتيّة عن نظام عبد الناصر كانت في أغلبها من صُنْع المخابرات الغربيّة بأقلام مصريّة).
زوّار الفجر وقد بات مصطلحاً أمريكياً ما الذي أبقاه لتمثال الحرية؟
تمثال الحرية الذي أهداه الفرنسيون للأمريكان بإطلالته الفريدة على خليج نيويورك، هل لم يتبق منه سوى: كتلة في الفراغ لا جتذاب السياح؟