لماذا أفرجت إيران عن الناقلة الآن؟
يميل النظام الحاكم في إيران، وفق العديد من التحليلات السياسية الدولية، إلى اتباع سياسة المد والجزر في التعاطي مع ملفاته التخريبية الإقليمية، إذ يبادر إلى تقديم على هذا الصعيد أو ذاك، عندم تشتد الحبال حول عنقه، وتصبح خياراته بلا فائدة، ولعل تحركات طهران لإطلاق سراح الناقلة البريطانية، يصب في ذات التوجه، فإيران المتأزمة اليوم من فعلتها بالأمس، عقب استهدافها منشآت أرامكو النفطية الأضخم في العالم، تريد ايجاد متنفس يزيح عنها بعض الضغوط الدولية.
مواقع تعقب حركة السفن حول العالم، كشفت عن تحرك الناقلة البريطانية “ستينا إمبيرو”، اليوم الجمعة، مغادرةً ميناء بندر عباس الإيراني، وذلك بعد أشهر من احتجازها خلال عملية قرصنة نفذها الحرس الثوري الإيراني في مياه الخليج العربي.
الإعلان عن تحرك السفينة، يأتي بعد وقت قصير فقط من تصريحات المتحدث باسم شركة “ستينا بالك” السويدية المالكة للناقلة “ويل ماركس” بأن الناقلة تستعد لمغادرة الميناء.
ويوم الإثنين الماضي، أعلن المتحدث باسم الحكومة الإيرانية “علي الربيعي”، أن حكومة بلاده قد أفرجت عن ناقلة النفط البريطانية المحتجزة لدى طهران من أكثر من شهرين.
وكان الرئيس الإيراني، حسن روحاني، قد أشار إلى إمكانية الإفراج عن الناقلة بعد استكمال الإجراءات القانونية في بلاده، مضيفاً: “الناقلة في المراحل النهائية من الإجراءات القانونية وأتوقع أن يتم الإفراج عنها”، وهو ما جاء بالتزامن مع تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية “عباس موسوي” التي أعرب فيها عن أمله بأن تكتمل الإجراءات “القانونية” قريباً ليتم الإفراج عن هذه الناقلة.
وتأتي خطوة الإفراج عن الناقلة في الوقت الذي تحشد الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية، ضد إيران بعد أن اقدمت على خطوة متهورة، عندما هددت الأمن العالمي بعد ضربها لمنشأتين نفطيتين سعوديتين الأسبوع الماضي.
المختص بالشأن الإيراني المحلل الاستراتيجي “عمر عبد الستار” قال من جانبه لمرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي: أن إيران أفرجت عن الناقلة لتجنب نفسها المزيد من الضغط الدولي حيث أنها في وضع لا يسمح لها بالمواجهة.
وأجمعت كل من الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج العربي على ضرورة اتخاذ تدابير صارمة اتجاه إيران، وتقف إلى جانبهم بريطانية حيث أعلنت عن اعتقادها بمسؤولية إيران عن الهجمات التخريبية التي تعرضت لها المنشأتين النفطيتين السعوديتين مؤخراً.
وقال رئيس الوزراء البريطاني “بوريس جونسون”: ” إن بلاده تعزو مسؤولية الهجمات على أرامكو السعودية إلى إيران، وإن بلاده قد تنضم إلى جهود عسكرية بقيادة أميركية وستعمل مع الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيين لتحديد رد مشترك” ما يؤكد موقف إيران الدولي المحرج، وهي تدرك تماماً أنها بحال استمرت على هذا النهج فسيكون مصيرها الانعزال الدولي.
فإيران تعي جيداً التحول الدولي ضدها بالرغم من كل الدبلوماسية التي لا تخلو منها خطابات الدبلوماسيين الأمريكيين والبريطانيين.
الخبير الاستراتيجي “عبد الستار”، يرى من خلال تصريحات لمرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي: أن “هناك تدويل للصراع مع ايران قد لا تكون ايران قادرة على مواجهته خاصة وسط انطلاق اجتماعات الامم المتحدة لذلك تحاول التخفيف من حدته بالافراج عن الناقلة”.
وعلى ما يبدو أن الإفراج عن الناقلة ليست الخطوة الوحيدة التي تبديها إيران اتجاه الغضب الدولي منها بسبب تصرفاتها العدائية وتهديدها لأمن العالم في مجال الطاقة، فهي أيضاً قدمت تنازلاً عبر الحوثيين ذراعها العسكري في اليمن المجاور للمملكة العربية السعودية.
حيث تقدم الحوثيون بمبادرة لوقف إطلاق الصواريخ اتجاه المملكة كنوع من التكفير عن الخطأ، وهي التي لم تأتي لو أوامر إيرانية عليا، وتتفق هذه النظرة مع ما يراه ضيفنا “عبد الستار”: ” وبمبادرة حوثية بالتوقف عن اطلاق الصواريخ على المملكة وقد نرى منها خطوات مماثلة في هذا الاتجاه”.
لكن إيران وبالرغم من هذه الخطوات التي لا تتوازى مع حجم الخطأ الذي ارتكبته والخطوط الحمر التي تجاوزتها قد لا تكونت كفرت بالفعل عن حمقها أمام الرأي الدولي، ويلوح في الأفق رفع لسقف المطالب الأمريكية من إيران بدعم بريطاني واضح.
مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي