fbpx

لم يبصر النور.. روسيا توقف طباعة كتاب يكشف جرائم “فانغز” في سوريا

مرصد مينا – سوريا

أوقفت دار نشر روسية طباعة كتاب يتناول الحرب في سورية من وجهة نظر مقاتل سابق في مجموعة “فاغنر” للمرتزقة الروس، في محاولة لإخفاء أسرار المجموعة المتهمة بارتكاب جرائم وتجاوزات إنسانية في المعارك التي خاضتها، أكان في سورية أم ليبيا.

ولا تزال السلطات الروسية ترفض الاعتراف بوجود مرتزقة ينفذون سياساتها في هذين البلدين، لكن الكاتب “مارات غابيدولين” وهو مقاتل سابق في “فانغز” كان أكد أن كتابه “في نهر واحد مرتين”، الذي سينشر في غضون أيام سيتناول الحرب في سوريا من وجهة نظره كمقاتل سابق في المجموعة.

وقف طباعة الكتاب جاءت بعد أقل من 24 ساعة على عرض مقتطفات منه على موقع “ميدوزا”، نُشرت ضمن حوار طويل مع “غابيدولين”.

الكاتبة “ألكساندرا فيغرايزر”، وهي صحفية متخصصة بكتابة تحقيقات لموقع “سنوب” حول السوق العالمية للمرتزقة والخدمات العسكرية الخاصة، أكدت أنّ دار النشر اعتذرت لها عن عدم تأمين نسخة كانت قد طلبتها من الكتاب، وقالت إنّ “المؤلف أوقفه”.

وبحسب ما نقلته وسائل إعلام فإن الكاتب اختار عنواناً جدلياً للكتاب استوحاه من مقولة للفيلسوف اليوناني “هيرقليطس” أن  “لا يخطو رجل في النهر ذاته مرتين”، في إشارة إلى تكرار الأخطاء في عمل مجموعات “فاغنر” في سورية وليبيا في السنوات الأخيرة، وعدم القدرة على فهم التغيّرات على الأرض والسياسة، ما تسبّب في قتل المئات من عناصر المجموعة، واستخدام “مرتزقة” صغار في العمر لا يستطيعون إتمام الواجبات الملقاة على عاتقهم لخدمة “مجد روسيا”.

مؤلف الكتاب “الجد مارتين” أشار إلى أنه بدأ في كتابة الفصل الأول من الكتاب بعد استيقاظه من غيبوبة نتيجة تعرضه لإصابات خطيرة في معارك تدمر في سورية في 15 مارس/آذار 2016، وذكر أنه وجد نفسه في مستشفى عسكري في ضواحي موسكو، وأن الأطباء أخبروه بأنه خضع لعمليات لاستئصال الطحال وجزء من الأحشاء بعد إصابته، وأن غيبوبته دامت قرابة أسبوع.

وأكد “غابيدولين” أنه عرض فصلاً من الكتاب يتعلق بمعارك تدمر والصحراء السورية، على رجل الأعمال “يفغيني بريغوجين” في 2017 أثناء عمله مساعداً له في تنظيم عمل المرتزقة في سورية.

وذكر “غابيدولين” أن “بريغوجين” شجعه على الكتابة وطالبه بإضافة فصل جديد حول الارتزاق الروسي منذ القوزاق (إحدى الجماعات الروسية)، إلى الحقبة الحالية.

وأشار كذلك إلى أنّ “بريغوجين” قدم نسخة من الفصل المكتوب للمتحدث باسم الكرملين “ديمتري بيسكوف”، لكي يعرّفه بشأن “بطولة” رجال “فاغنر” وضرورة تبني تشريعات لقوننة أوضاعهم.

“غابيدولين”، أكد في التحقيق الصحفي، أنّ الهدف من الكتاب هو دفع “بريغوجين” إلى إصلاح الشركات العسكرية الخاصة، “لأنه لا يمكنك الانغماس في السرية كثيراً: لماذا تعذب نفسك بينما يعرف العالم كله؟”، إضافة إلى إيصال حقيقة الفساد من قبل أشخاص “التصقوا بفاغنر وسرقوا الأموال من بريغوجين، وجمعوا أموالاً طائلة من شراء معدات للقتال والحماية رخيصة وغير مناسبة لحماية مرتزقة فاغنر أثناء العمليات القتالية”.

دعا إلى تجريم فعل “أربعة بلهاء ضربوا بمطرقة ثقيلة وقطعوا رأس جندي هارب”، في إشارة إلى تحقيقات صحافية كشفت عن تعذيب مرتزقة “فاغنر” مقاتلاً سورياً من المعارضة وقتله بوحشية أمام الكاميرا، وتعليق رأسه على إحدى البوابات في معسكر لـ”فاغنر”، نافياً أن يكون “الجميع (في فاغنر) هم الغيلان إياهم المتعطشون للدماء”.

وفي المقابل، اتهم “الجد مارتين” قائد المرتزقة “ديمتري أوتكين”، المكنى بـ”غاغنر”، بأنه هو الذي حثّهم على القيام بذلك. ودعا “غابيدولين” إلى تقديم هؤلاء “الساديين الأربعة” إلى العدالة.

نظراً لعدم خبرة “الجد مارتين” الأدبية، قرر صياغة الكتاب على شكل مذكرات بلغة المتحدث لتوثيق أهم الأحداث.

وحول أصعب موقف واجهه أثناء الحرب في سورية، أشار الكاتب غاضبا إلى المعركة التي قتل فيها المئات من مرتزقة “فاغنر” قرب دير الزور، وقال “طبعاً ليلة 8 فبراير/شباط 2018 على نهر الفرات هي الأصعب، لأنني شعرت بالعجز… من يقاتل؟ أنا لم أر هذا الخصم! كان العدو هو الطائرات المروحية الأميركية.

كما أعرب عن سخطه من تصرف القيادة العسكرية الروسية حينها، والتي كان يكفي أن تخبر الجانب الأميركي بأنّ المجموعة المهاجمة تتكون من الروس، مشيراً إلى أنّ “الأميركيين بادروا إلى الاتصال الهاتفي، وبدأوا يضغطون على جماعتنا للاعتراف بأن التشكيلات روسية. لو أن جماعتنا اعترفوا، لكانت تصرفات الأميركيين مختلفة وقائية بحتة، لكن جنرالنا المكلف بالتواصل مع الأميركيين في سورية، رفض الفكرة تماماً، وأصر على أنه لا يوجد روس هناك… من الواضح أنه كان يخشى الاعتراف على المستوى الرسمي، فهو لم يكن بحاجة لهذه المشاكل”.

على الرغم من أنّ الكتاب لم يبصر النور، فإن الفقرات المسربة منه على موقع “ميدوزا” تعدّ وثيقة مهمة، خصوصاً أنّ تحقيقات الموقع أثبتت مشاركة “غابيدولين” في القتال في سورية، وحصلت على صور منه شخصياً وشهادات من أشخاص شاركوا في العمليات العسكرية في تدمر ودير الزور وأكدوا وجود “غابيدولين” هناك، الذي نشرت له صور على عدد من مواقع التواصل الاجتماعي سابقاً.

وتكمن أهمية الكتاب وحوار المرتزق السابق مع “ميدوزا”، في أنّ وسائل الإعلام الروسية لم تستطع طوال السنوات الماضية الحصول على تصريحات من مرتزقة “فاغنر” عن تجاربهم في سورية أو ليبيا. كما لم يجرؤ أي من المرتزقة الأحياء أو ذوي القتلى المقدرين بالمئات، على الحديث بحرية وبأسمائهم الحقيقية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى