ليبيا.. تسويات ما بين شوطين
النظرة الاكثر تفاؤلاً تقول بأن الصراع الليبي سيذهب الى الثلاجة، أما الوقائع فتقول أنها حرب لن تتوقف، فالنوايا الحسنة وإن كان لها مكان في السياسات، غير أن وقائع المصالح أكبر من استحقاقات النوايا.
ـ كيف سيكون التوافق الليبي ـ الليبي، وليبيا تقع في جحيم االمصالح الكبرى:
ـ إنها الموتسط، وإنها النفط، وإنها شمال غرب افريقيا، وانها امتداد للصحراء.
فوق هذا وذاك، إنها سلطة الميليشيات وقد بات السلاح مهنة من لامهنة له، في بلاد انتقلت من قوّة البداوة إلى ثقافة النفط.
إنها في النهاية المنطقة الأكثر حسمًا في الصراعات الدولية، وكان علينا أن لاننسى العامل التركي في اللعبة الدولية، فما أن انتقلت تركيا من أحمد داوود أوغلو، صاحب نظرية القوة الناعمة، إلى تطلعات وممارسات أردوغان في تأبيد القوة الصلبة، حتى باتت نظرية “الوطن الأزرق” تعلو على ماسواها في التطلعات التركية، بما يعني أن تركيا في حدودها الجغرفية الراهنة، ليست سوى “بروفا” لتركيا المستقبل التي تهيمن على أربعة بحار هي “المتوسط، إيجة، مرمرة والبحر الأسود”، ولن تكون تركيا خيال اردوغان إن لم يضع يده على المتوسط وعبر ليبيا، بعد أن فوت عليه الروس وضع المتوسط من الجهة السورية بيده، وبهذا كانت القفزة التركية الى ليبيا، لا لتكون قفزة في المؤقت، فلم يسبق للأتراك أن دخلوا أرضًا وخرجوا منها إلاّ بقوة السلاح، وهذه نصف سوريا مازلت باليد التركية، وبوسع السوريين أن يعلموا بأن مرسين، طرسوس، أضنة، مرعش، عنتاب، اورفة، حران، ديار بكر، ماردين، نصيبين، جزيرة ابن عمر، كلها أراض سورية، والعين التركية اليوم على ادلب وجزء من حلب، وبالنتيجة فإن أية تطلعات الى اخراج تركيا من ليبيا، لابد وأن تكون قاصرة، دون نسيان أن تركيا زرعت في ليبيا كل فتائل الاحتراق من جماعة الاخوان المسلمين وصولا لعبد الحكيم بلحاج، ما يعني أنها دخلت كي لاتخرج، وهذا بمفرده عامل يكفي للقول أن أية تسويات ليبية / ليبيبة، ستكون ضربًا في المستحيل مادامت تركيا تلعب في عمق الأزمة الليبية، ومادامت القضية الليبية رهينة بيد الفصائل والميليشيات، وفي ظل وضع دولي، هو وبمزيد من الاختصار:
ـ مجموعة اوروبية عجوز.
ـ متفرج أمريكي.
والحرب الدائرة في ليبيا وإن تراوحت في “صفر” قوة، فمرتزقة أردوغان لن يتوقفوا عن ايقاد النيران في البلاد، وإذا ماكانت المفاوضات اليوم تسعى الى وقف النزيف الليبي فأية مفاوضات ستجيب عن الاسئلة الصعبة.. أسئلة من طراز:
ـ من بوسعه تفكيك الميليشيات الليبية وقد باتت تهيمن على الاقتصاد والسلاح والقرار السياسي في البلاد؟
ـ من بوسعه تفكيك الأزمة الليبية، إذا ماكان المتوسط، هو البحر الذي يحدد قيمة ومدى ومستقبل الصراع اليوناني ـ التركي على الغاز؟
ـ من بوسعه أن يحيّد جماعة الاخوان المسلمين في ليبيا، إذا كانت ليبيا هي خاصرة مصر، ولن يتوقف الاخوان عن خراب مصر من النافذة الليبية، وعبر ميليشياتهم المتسللة من الصحراء؟
كلها أسئلة عالقة، أما عن موائد المفاوضات فليست سوى وقت مستقطع ما بين شوطين، وهو الوقت الذي قد يطول ريثما ترجع الميليشيات إلى أحزمتها الناسفة، اما عن حل المسألة الليبية وقد باتت برسم التدويل، فلن يكون إلاّ بقرار أمريكي صريح.. قرار يقول:
ـ نحن هنا.
هذا الحل سيكون متأخرًا جداً.
لم لا، والمكالمات االهاتفية ما بين أردوغان والرئيس الأمريكي رونالد ترامب لم تتوقف، ومادام أردغان شريكًا في الناتو؟
شريكًا اولى مهامه تعكير اليونان.
مع ملاحظة:
ـ واليونان كذلك شريك في الحلف المقدس اياه.