مالحكاية؟
![](/wp-content/uploads/2025/02/1590.webp)
مرصد مينا
الحكاية تُختَزل بأن وزير الدفاع الإسرائيلي يريد “تسييس الجيش”، ما يعني أن يتجاوز الجندي مهنته في القتل، ليحوّل إلى “منظّر للقتل”، وهو بلك يمشي على خطى بين غفير، حافر على حافر، فـ بن غفير كان قد مضى بتسييس قوات الشرطة، ومن لم يسيس وجد نفسه خارج الجهاز.
ـ ستكون إسرائيل في هكذا حال “دولة الإيدولوجيا” بكاملها، فالحاخامات لم يعودوا كافين لا نتزاع المهمة من فم التاريخ وفق “هاآرتس” فالمسألة “ليست نزوة شخصية؛ لأن كاتس عين لهذا الهدف تماماً: المضي بتسييس الجيش الإسرائيلي وفقاً لنموذج بن غفير في الشرطة. كل من لا يتماثل مع الحكم سيبدأ بعمل هذا وإلا سيجد نفسه خارج الجهاز”.
الجمعة الفائتة، أمر كاتس بتوبيخ رئيس شعبة الاستخبارات “أمان” اللواء، شلومي بندر، بعد أن حذر بندر بمحفل أمني بأن المضي بخطة ترامب لترحيل سكان قطاع غزة ربما يثير اضطراباً في الحرم والضفة الغربية مع بداية رمضان.
ـ فلنأخذ احتياطياتنا.. هذا هو الحال، أما المطلوب من “أمان” فهو التالي:
رئيس “أمان”، بندر، لم يعارض خطة ترامب ولم يعرب أيضاً عن موقف إزاء قدرة تنفيذها، إنما دعا لتقدير تداعيات الخطة إذا ما خرجت إلى حيز التنفيذ.
في التقدير الاستخباري الذي نقله للسكرتاريين العسكريين ولرئيس الوزراء ووزير الدفاع، حذر من أن الخطة قد تتسبب بتوتر أمني مع حلول العيد الإسلامي (المقصود شهر رمضان).
أدى بندر واجبه، لكن “الويل والثبور وعظائم الأمور لرئيس أمان المقتنع بأنه عين لتقديم تقديرات استخبارية مهنية بدلاً من تكييف تقديرات استخبارية للجيش الإسرائيلي مع ما يريد نتنياهو سماعه”.
شلومي بندر، وكما كل احترافي لايضع الرغبات محل الوقائع، حذر من الانفجار، والتحذير في هكذا حال لا يتناسب ورغبان نتنياهو، أما عن كاتس فكان استخدم بندر لينقل رسالة لكل قيادة الجيش الإسرائيلي:”لن يكون هناك واقع يتحدث فيه ضباط الجيش الإسرائيلي ضد خطة الرئيس الأمريكي ترامب المهمة إزاء غزة، وضد توجيهات المستوى السياسي”، هذا ما أوضحه لمستمعيه.
كاتس يجسد بذلك وفق استخلاص لها آرتس فكرة “بأن ليس هناك خط أحمر يمكن أن يجتازه الموالون لنتنياهو إلا من أجل سيدهم حتى ولو بثمن المس بأمن الدولة ومؤسساتها”.
تناول كاتس تقدير بندر الاستخباري كما تناول نتنياهو تحذيرات جهاز الأمن في زمن الانقلاب النظامي: ألغاها لأنها لم تكن تناسبه سياسياً.
كما أن كاتس لم يراع أن الجيش الإسرائيلي -كجزء من استخلاص الدروس من 7 أكتوبر- وسع استقلالية رجال الاستخبارات بعرض مواقف مهنية بشكل حر ومنفتح، بما في ذلك وبخاصة إذا لم تكن متطابقة مع تقديرات كبار مسؤولي الجيش.
إن فكرة “استخلاص الدروس” غريبة تماماً عن نتنياهو وحكومته، الذين يرفضون إقامة لجنة تحقيق رسمية رفضاً باتاً. درسهم الوحيد من القصور الأكثر رعباً في تاريخ الدولة هو أن عليهم استكمال تسييس أجهزة الدولة كلها، تطهير كل الأجهزة سياسياً، بما في ذلك الجيش الإسرائيلي، من كل من لا يتماثل مع نتنياهو ويملأ الأجهزة بالموالين.
لن يمنعهم أي أمر بالقصور التالي من اتهام الجيش والاستخبارات وتنظيف أنفسهم من الذنب أو المسؤولية.
سيكونون وعلى رأسهم نتنياهو فوق التساؤل، وفوق ما تقتضيه دروس التاريخ، بل سيكونون فوق المحاكم التي قد يحلو لها ذات يوم أن تسألهم:
ـ ما الذي فعلتموه؟
ما الذي فعلتموه، كان سؤالاً قد كبّل أيدي شارون ما بعد اجتياح بيروت، كما ساق موتسيه كاساف الى السجن وكذا ايهود أولمرت، وكانت تلك المرافعات القضائية تعبيراً عن ما تتباهى به إسرائيل:
ـ الديمقراطية.
ما بعد نتنياهو، لن يكون هناك من يسأله:
ـ ما الذي فعلته؟
سيكون الحال كذلك، دون نسيان أن دونالد ترامب سيشتغل على محو أيّ سؤال يمكن أن يواجهه رئيس.
خصوصاً حين يحوّل غزة إلى أرض خالية من سكّنها الأصليين.