fbpx
أخر الأخبار

مالم يدفنه السوريون بعد

زاوية مينا

ابتهج السوريون كما لم يبتهجوا عبر نصف قرن، ابتهجوا برحيل (القائد المُلهَم)، والذي لم يتجلّ إلهامه سوى بممارسة التوحش وقد بلغ ما يتجاوز تاريخ الفاشية أو النازية أو الخيالات الشيطانية.

وابتهجوا كما لم يسبق أن ابتهجوا بسقوط سطوة (الحزب القائد)، بما يلغي الحياة السياسية في البلاد وتسليم العباد رقابهم إلى حفنة من فاسدين بشعارات فضفاضة وانجازات خانقة بضيقها.

واحتفل السوريون أيما احتفال بفتح بوابات السجون وإطلاق مساجين نجاتهم معجزة، وما تبقّى من حياتهم سيكون بفعل المعجزة أيضاً.

كل الاحتفالات، باتت تصطدم اليوم بكل ما حمله الأمس من مخاوف، فالسلطة الجديدة، ربما ورثت ملامح من السلطة القديمة بما يجعل الاكتواء بالمستقبل، يستعيد صورة الماضي وقد غادره السوريون على أمل أن لاعودة إليه، فكان أن:

ـ استفرد (القائد) بالسلطة تحت عنوان:
ـ من المبكّر إحداث التحوّلات.
واستفرد فصيله بالسلطة وقد نحّى من تبقّى من قوى وأحزاب ومجتمع أهلي ذاق مرارة الحزب الواحد، وبالحجة إياها “من المبكّر”.

اطلقت الأجهزته القمعية على الشارع دون ولو خطوة واحدة مؤثرة باتجاه عدالة انتقالية ترفع راية مؤسسة قضائية تسائل من تلطخت أيديهم بالدماء فيما تلطخ ضميرهم بالفساد.

احتفل السوريون برحيل سطوة ملالي طهران، بسواد نهاراتهم ولياليهم، ليحلوا مكانهم سطوة الاتراك، وكذلك بسواد نهاراتهم ولياليهم.

حلّت “الاخونة” محل “الفقهنة”، بما جعل الارتفاع بالفرح، يتحول إلى انهيار للحلم، وبما يعني المزيد والمزيد من مخاوف مشروعة، لن تنتج سلطة في بلد موحّد، بقدر احتمالات أن تنتج سلطات على بلدان، فتشظية البلاد باتت ممكنة، هذا إذا تذكرنا حقائق لعبة الأمم والعاب الإقليم، فالاحتراب الأهلي يتغذّى، وفتائل الاشتعال مشغول عليها، فلا الإيراني تخلّى عن اللعبة، ولا التركي خارج الملعب، أما الإسرائيلي فلابد أنه ينتظر على حافة النهر بانتظار مرور الجثث، لتكون سوريا، سوريات، فالتشقيف ممكن، ولكل لاعب “شقفته” إذا غابت الحوكمة، وطمرت العدالة، وغابت الشراكة، واستفرد فصيل بالحكم مع تهميش من تبقّى من قوى وأحزاب ومجتمع اهلي، واجهوا سطوة الأمس بلحمهم الحي، ورفعوا رايات الحرية بمواجهة غيلان العنف، وحلموا بسوريا التي تجمع.

احتفل السوريون بما يكفي للترحيب بالقادم، ودفن آثام الماضي.
ثمة من لم يلتقط الرسالة السورية.
ثمة من لم يقابل الناس في المساحات المشتركة.
ثمة سوري خرج من صحوة القبر.
وثمة دفّان لم يدفنه السوريون بعد.

خرجنا من القبر، ولكننا لم ندفن دفّاننا وأبيه وقد زرعا في سوريا الجريمة والفساد والقوادة، وكل ما يحط من شأن البشر، والمساحة مازالت مفتوحة لـ:
ـ ألعاب الإقليم ولعبة الأمم، وليس بريئاً ما حدث باليومين الماضيين وبما ستحمله الأيام المقبلة والتي قد تقود إلى احترابات أهلية لابد وتعثر على من ينفخ النار بها، فإذا ما اتسعت لن تبقى البلد، وثمة من ينتظر على ضفة النهر.. ينتظر الجثث.

إذا ماحدثت فـ “شقفة لإسرائيل” و “شقفة لتركيا”، أما عن الإيراني وكان لعنة اللعنات فستفتح الطريق إليه من جديد بـ “لطمياته” وبـ “حرسه الثوري”، وبـ “خامنئي”، حارس الفضيلة الذي لم يتغطّى سوى بالرذيلة هو وطاقمه.

إذا لم تحتكم سوريا لقرار سوري، وحكومة سورية، وهواجس سورية، ومخاوف سورية، فلن تكون سوريا.. رُسمت بالقلم والممحاة، وستتمزق بالخناجر والسواطير، وستحل اللعنة بنا كلنا.. ما من ناج بيننا.

الأولوية اليوم لمؤتمر وطني يجمع “من لم تتلوث أيديه بالدم، ولا ذمته بالفساد، ولم يُطعن بشرفه يوماً”.. مؤتمر وطني يتجاوز (الفصيل القائد)، إلى (خيارات الأمة).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى