ما بعد “حرّاس الأسوار”
ينهي يوسي يهوشع مقالته في “يديعوت” باالقول ” يقف أمامنا تهديد استراتيجي على دولة إسرائيل، ويجب العمل بما يتناسب مع ذلك، وفوراً، بتجنيد كل أذرع الأمن”، ما يجعل مناقشة العمليات العسكرية الثلاث التي وقعت في إسرائيل في بحر هذا الأسبوع ينحسر في “الجانب الامني” والامني فقط، دون النظر إلى ما هو أبعد من الامني، والمتصل بالمعضلة التاريخية التي وضعت بها دولة إسرائيل، ونعني التعايش مع المنطقة، أو الذهاب لخيارات على مسار السلام يضع حلولاً للقضية الفلسطينية بدءًا بحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية في حدود 67، باعتبارها الصيغة المتوافق عليها عربيًا وإسرائيليًا، مع استثناء القوى الرديكالية من هذه الصيغة كحماس والجهاد الإسلامي.
في إحالة المسألة لبعدها الامني، والامني فحسب، تصب يديعوت المسؤولية بل وكامل المسؤولية على الأجهزة الامنية، بل وعلى “الشاباك على وجه التحديد، وتقول أنه عند قراءة بيانات مكتب رئيس الوزراء نفتالي بينيت حول خطة العمل اللازمة لمعالجة موجة العمليات العسكرية الحالية، نفهم بأن الأمر لم يحسم بعد لدى أصحاب القرار إزاء خطورة الوضع في مسائل الأمن الداخلي”، وتضيف يديعوت ” العمليتان القاسيتان في بئر السبع والخضيرة، اللتان جبتا حياة ستة مواطنين، لم تؤديا بعد برئيس الوزراء بأن يتخذ القرارات اللازمة في الموضوع، ومن يعرف وسمع بينيت قبل جلوسه على كرسي رئيس الوزراء يعرف ما الذي يجب عمله لإعادة الحوكمة والسيادة وتخفيض مستوى الإرهاب”.
ثم تتابع القول “من يقود هذه المعركة لا يمكنه الاختباء بصفته “فقط” في منصب وزير دفاع أو وزير الأمن الداخلي. إنه هو، من تقع عليه المسؤولية المباشرة، هو رئيس الوزراء وليس غيره. “الشاباك” يخضع له، وهو حتى اليوم لم يضع ميزانية للحرس الوطني، ولم يضف الملاكات اللازمة للشرطة وحرس الحدود. وتحدث المفتش العام عن حاجة لـ 5 آلاف شرطي، وسيحصل على ألف في أفضل الأحوال، وسيكون عليه أن يجهز لـ “حارس الأسوار 2″، التي -برأي عموم محافل الأمن- ستكون أخطر بكثير”.
تؤكد يديعوت على القصور الاستخباري لـ “الشاباك” الذي فوت قنبلة موقوتة أخرى في الخضيرة”. وتعتبره ” قصور عميق وواسع”. وعند مراجعة هذه الأمور، يفهم المرء مدى كلفة هذا الحدث الذي ربما أدى إلى إقصاءات في “الشاباك” لو انتهى بمذبحة جماعية.
ثم تتساءل يديعوت “فما الذي تبقى؟” وتجيب:”يتبقى تعزيز القوات في الميدان وإعادة السلاح للمقاتلين الذين يخرجون إلى بيوتهم. لا حاجة لبحث طارئ من أجل هاتين الخطوتين”.
مجمل الحكاية في تصور الإعلام الإسرائيلي يتصل بالقصور الاستخباري المدوي و إهمال الأمن الداخلي الذي قد تكون نتائجه فتاكة أكثر بكثير. والسبب واضح: هذه الحكومة لا تفعل ما يفعل ولا تستخلص الدروس، منذ حملة “حارس الأسوار”.
ثم تقترح على الشاباك، أن يضع عرب إسرائيل على بؤرة الاستهداف، ومن بعده جمع ترسانة السلاح في المجتمع العربي، وإعادة الحوكمة وتهيئة الأرض لعملية متنامية من التطرف الديني والقومي في الوسط العربي” وتختم” يقف أمامنا تهديد استراتيجي على دولة إسرائيل، ويجب العمل بما يتناسب مع ذلك، وفوراً، بتجنيد كل أذرع الأمن”.
مجمل الحكاية في التصور الإسرائيلي حكاية امنية، وبلا شك لابد أن تصور كهذا هو تصور قصير النظر، فالحلول البوليسية لم تكن حلولاً لا بالامس، ولا اليوم، ولا في أي وقت قادم، فالصراع لايقتصر على راديكالي يطلق أعيرة نارية، إنها قضية ممتدة لثلاثة أرباع القرن من صراع يتعلق بمصير شعب.
كل التوقعات تفيد بأن الأيام الإسرائيلية ستكون ساخنة، والمخاوف أن تتدحرج كرة النار لتطال المنطقة كل المنطقة، وثمة من يتجهّز اليها وعلى الضفتين:
ـ الضفة الإسرائيلية، وضفة الفصائل الفلسطينية التي احتكمت إلى السلاح في “دولة غزة”.