ما بين الحسم والنصر.. لعبة المصطلحات
زاوية مينا
ربما لم تواجه إسرائيل كابوساً يساوي كابوس المختطفين على يد حماس، وربما أيضاً لم يحدث أن حدثاً تسبب بالدمار الذي أنتجه ذاك الاختطاف، تدميراً وضحايا، ومن بعدهما (التدمير والضحايا)، حصل تحرير لمختطفات ثلاث في لحظة بعد موجات الخرائب التي خلفت في السنتين الأخيرتين.
يديعوت أحرونوت تستعين بمقولة للروائي الإسرائيلي “عاموس عوز” وكان قال ذات مرة إن “اللغة تسبق الأحداث”.
ما بعد هذا الاقتباس، تذهب يديعوت أبعد فعندما وجه وزير الدفاع الإسرائيلي قبل بضعة أيام من المرحلة النهائية في المفاوضات تعليماته لتسليمه خطة “الحسم المطلق” لحماس بدلاً من التوجه إلى “النصر المطلق” عليها، فإنه مس بقلب الجدال القديم بين الحسم والنصر دون أن يدرك ذلك، والاستخلاص هنا ليديعوت التي ستتابع:
قلب المعضلة هنا هو مسألة الفصل بين هدف الخطوة العسكرية في الحرب، والفعل السياسي الذي يفترض أن يثبت إنجازاتها. ستبقى صعوبة في تعريف المفهومين في قاموس الاصطلاحات العسكرية. “نزع قدرات وإرادة الخصم بمواصلة القتال”، كان مثالاً واحداً عن الأطياف لتعريف الحسم.
نحن هنا، أمام لعبة المصطلحات، وهي اللعبة التي بقدر ما هي ضرورية لحماس، هي ضرورية لإسرائيل، وكذلك لـ “حزب الله”، الحزب الذي طالما استخدم مصطلح “النصر الإلهي”، وهكذا بتنا بحاجة لوعي المصطلحات، ذلك أنه لقوة اللغة العسكرية أمثلة واضحة أكثر، مثل اصطلاح “السعي إلى الاشتباك” الذي أدخل إلى الاستخدام بدلاً من “الانقضاض”.
الانقضاض كان خلاصة معركة الحركة للجيش الإسرائيلي حتى حرب لبنان الثانية. اليوم، في القتال الذي يدمج المعلومات الاستخبارية في الشبكة والذخيرة الموجهة، هو أكثر قفزة محمية لاشتباك جسدي.
في معظم الحالات، هو فعل مكمل للعملية وليس أساس الخطوة. وردت اللغة العسكرية على هذا التغيير في واقع القتال، حتى وان كان صعباً جداً الإشارة كيف حصل هذا – للغة بيوت تربية خفية. مهما يكن من أمر، فـ “السعي إلى الاشتباك” يبدو كتعبير أدق. لكن “الحسم المطلق” بدلاً من “النصر المطلق” إلى أي تغيير يرد هذا؟
وبالفعل، هذا يرد على الواقع الإسرائيلي بعد سنة وربع من الحرب. الفرق بين الإنجاز العسكري والنصر السياسي بات واضحاً اليوم لعيان الجميع، والحاجة للتمييز بين الحسم والنصر بات واضحاً أكثر من أي وقت مضى.
الحسم اصطلاح عسكري، أما النصر فهو المجموع السياسي الذي يفترض أن يجلبه. مهمة الجيش أن يؤدي إلى حسم عسكري وليس إلى نصر سياسي. هذا دور السياسيين.
في هذه الحرب، ليست هذه كلمات مترادفة. الجيش حسم حزب الله، لكن حزب الله لا يزال موجوداً. الجيش الإسرائيلي حسم حماس عسكرياً، لكنها أيضاً لا تزال موجودة.الاهتزاز التكتوني في الشرق الأوسط خلق وضعاً جديداً، لكن من المواد القديمة ذاتها.
وعندما يبدل المستوى السياسي النصر بالحسم فإنه يكشف، دون أن يعرف، عدم قدرته على جلب الإطار السياسي اللازم للنصر.
خلاصة ما تقوله يديعوت: ماحدث ليس نصراً.