ما بين “خميني” و “جابوتنسكي”
زاوية مينا
لم ندرك بما يكفي تلك التحوّلات التي وقعت على “العقيدة العسكرية الإسرائيلية”، بما يعني إحلال عقيدة عسكرية تقوم على عدم الاحتساب للتكلفة في حروبها.
هي عقيدة نتنياهو وارث جابوتنسكي واسمه الكامل زئيف فلاديمير جابوتنسكي الاوكراني المولد، هي عقيدة تعني الجغرافيا السياسية بما تعنيه، وتعني حرب اللحظة كاختبار للعقيدة، وعلى هذا فمن يتوقع أن وقف الحرب على لبنان سيكون حالّاً ما بين يوم وليلة، لابد وأنه سيخطئ في التقدير، فلا الليطاني ولا نهر الاولي سيمثلا حدّين للحدود الإسرائيلية إذا ما استمرت العمليات العسكرية التي لن تتوقف إلاّ بانقلاب في ميزان القوى، وهو يأتي ضمن احتمالين لاثالث لهما:
ـ أولهما، أن يقفز حزب الله وصولاً لأسر جنود إسرائيليين وليس بأعداد قليلة.
ـ وثانيهما أن تدخل إيران الحرب لا بصفتها لاعب سيرك بل بصفة بلد يعلن الحرب كما تقتضي شعاراتها، بل وكما يروّج فقيهها لعقيدته الدينية.
الاحتمال الأول لن يكون بالوفرة التي تتطلبها الرغبة، فالسجادة المحروقة باتت هي الوسيلة الأوضح في العمليات العسكرية، وتعني فيما تعنيه استخدام الطيران بما يجعل كل شبر سيتقدّم فيه محروقاً.
أما الاحتمال الثاني فهو بيت القصيد، فـ “المهدي المنتظر” الذي لن يأتي سوى بعد خراب العالم، لن يقيم ملالي طهران له وزناً، ومن اللافت، بل ما يستحق القراءة بأبعاده، تلك الكلمة التي قالها “الخميني ذات يوم” ونقتطعها من “خطاب” بالغ الطول والإملال قال فيها:” إن الحفاظ على النظام الإسلامي الإيراني من اوجب الواجبات وهو أهم من الحفاظ على حياة المهدي”.
هذا بالزبط والتحديد ما يجري اليوم، فـ “علي خامنئي” وارث “الخميني” لن يقايظ نظامه بـ “العقيدة المهدية”، فإذا ما تطلب الأمر المقايضة، فالرابح هو النظام، والعقيدة هي الهامش، وعلى الهامش ضحايا لا يُحسب عددهم، لابد يأتون من قرى لبنان الحدودية، بل من شيعة لبنان على وجه التحديد، ليكون هؤلاء هم وقود الموت، فيما الإيراني يتفرج، بل ويفاوض، بل يبيع ويشتري وقد يكون الرابح بيعاً وشراء، فيما لبنان يحترق قطعة وراء قطعة، وقرية ما بعد قرية، وقد تمتد الحرائق إلى بيروت دون أن يتوقف بنيامين نتنياهو وارث جابوتنسكي، دون أيّة مواجهة مع خامنئي وارث “المهدية الخمينية” التي لن يبادلها وارثها بأمن النظام وإبقائه جاثياً على أعناق الإيرانيين وصدورهم.
تلك هي اللحظة:
ـ جابوتنسكي مقابل خميني.
عقيدتان.
للاولى من يرعاها.
الثانية خطاب على منصة الكلام لا منصات الصواريخ.