fbpx

مجهولون و"حواجز طيّارة".. الخطف وقد بات مهنة في "ادلب" ولكل مخطوف تسعيرته

الخطف وقد بات عنواناً بارزاً من عناوين الحياة في الشمال السوري.. هو ذا الحال، والحال يطال:”أطباء، قضاة، تجّار ورجال أعمال”، والابتزاز المادي لذوي المختطفين هو الهدف لعصابات من مجهولة تعمل بشكل واسع في معظم مناطق الشمال السوري، وذلك على الرغم من سيطرة الفصائل العسكرية وانتشار أجهزتها الأمنية بشكل كبير في جميع إلا أن ظاهرة الخطف تزداد يوماً بعد يوم. حالات الخطف والتي تحدث بشكل متكرر، لابد وأنها  مصدر قلق للمدنيين في تلك المناطق، خصوصاً حين يطال الشخصيات العلمية من مثل الأطباء في منطقة تفتقر بالأساس للأطباء من ذوي  الخبرة وهم قلّة بعد مغادرة معظم الكادر الطبي اعقاب الثورة والحرب. وأين؟ ـ في مناطق الاشتباكات الحربية، حيث القصف الذي يخلّف جرحى ومصابين.

  • اختطاف واصل العمر.. المطلوب نصف مليومن دولار:

 في الوقائع يمكن تتبع حالات مكن بينها اختطاف التاجر  “واصل العمر” وهو قرية  “كفر بطيخ” بريف إدلب الجنوبي وكان قد خطف في 5تموز 2018، على أطراف قريته حيث قدمت سيارة من نوع فان مغلقة يستقلها مجهولون وأوقفوه وهو ذاهب إلى فرن له بين كفربطيخ وقرية داديخ، وقاموا بإنزاله من سيارته التي يقودها واقتادوه إلى جهة مجهولة، بعدها بأيام قاموا بالاتصال بأهله لطلب فدية مقابل الأفراج عنه .. فما الذي حدث؟ بادئ الأمر طلبوا مبلغاً قدره مليون دولار أمريكي (460 مليون ليرة سورية تقريباً) ، وبعدها بدأت  عائلته بالتفاوض مع الخاطفين لتقليص المبلغ، وقد نجحت عائلته في تقليص الفدية إلى 300 ألف دولار (138 مليون ليرة سورية)،   استمر خطف واصل العمر لمدة خمسين يوماً تعرض خلالها لمختلف أنواع التعذيب، وكانت ترسل مقاطع مصورة لأهله تظهر آثار التعذيب على جسده من أجل الضغط على أهله لتسريع عملية دفع الفدية، وكان العمر  يظهر في الفيديو وهو يتوسل لأهله بالدفع وإخراجه وسط ضرب مبرح يتعرض له وبعد قرابة 40 يوماً من خطفه خفض الخاطفون المبلغ إلى 110 آلاف دولار أمريكي ، مما دفع ذويه لبيع كافة ممتلكاتهم ودفع المبلغ المطلوب قبل انتهاء المهلة بيوم واحد، حيث تم دفع الفديّة مساء الاثنين، وبعدها تم رمي “واصل العمر” وسط مدينة إدلب قرب دوار سلقين يوم الثلاثاء 25 أيلول (سبتمبر) الساعة الواحدة ظهرا.

  • القاضي القانوني ’’محمد نور حميدي:

وهو من مدينة “سلقين” والذي أطلاق سراحه  في 4 أيلول 2018 بعد مضي واحد وعشرين يومًا على اختطافه من مزرعته في بلدة “إسقاط”، وذلك مقابل فدية مالية  قُدرت بسبعين ألف دولار أمريكي، ويعتبر القاضي حميدي من أبرز الحقوقيين المعارضين للنظام في شمال سوريا، وهو ينحدر من مدينة سلقين، شغل عدة مواقع في الحراك الشعبي ويدير منظمة صلاة وهي “منظمة حقوقية”، كما يعمل مدير مكتب التوثيق في الدفاع المدني السوري، ويشرف على عمليات التوثيق والإحصاء.

  • الدكتور محمود مطلق:

وهو طبيب يعمل في مدينة إدلب تم خطفه في 9 حزيران/يونيو 2018، وتم إطلاق سراحه في 15 من الشهر نفسه وذلك بعد دفع الفدية والتي بلغت 150 ألف دولار حيث تم العثور على “المطلق” مرمياً على طريق أريحا – المسطومة، وهو في حالة صحية سيئة جداً نتيجة التعذيب الذي تلقاه من قبل الخاطفين، حيث تعرّض الطبيب للضرب والتعذيب بشكل كبير جداً. كما روت زوجة الطبيب “المطلق”، الطبيبة “مرام القاضي”. “كان الطبيب محمود متوجها بسيارته مع صديق له إلى مقهى في منطقة الكورنيش في إدلب المدينة حسب ما تقول زوجته، وتتابع:”وعند وصوله إلى مفرق وادي النسيم أوقفه حاجز أمني طيار، حيث قام الطبيب بالتعريف عن نفسه ليقوم أربعة رجال مسلحين بالالتفاف حول السيارة وخطفه بمساعدة ثلاثة آخرين ملثمين، في حين توجه صديقه إلى حاجز “دوار المطلق” القريب وأبلغ عن وقوع حادثة الخطف”. وبعد اختطاف الطبيب بيوم أرسل الخاطفون صوراً ومقاطع مصورة تظهر الطبيب يتعرض للضرب والتعذيب ويتوسل لإطلاق سراحه وطلب الخاطفون فدية وقدرها 500 ألف دولار أمريكي، وتفيد زوجته: “قمت بتأمين 100 ألف دولار فقط ولم يرق ذلك للخاطفين فحاولوا قطع أصابع زوجي، وفي اليوم الخامس وبعد حوار استمر ست ساعات معهم توصلنا لاتفاق بدفع فدية قدرها 150 ألف دولار، واتفق الخاطفون مع ابنتي على تسليم المبلغ وثم وجدنا زوجي على طريق أريحا – المسطومة ويعاني من كسر بالفك والأضلاع مع أورام دموية شديدة بالفخذ”.

  • الطبيب “بدر وتي”:

تعرض لمحاولة خطف من قبل عصابة مجهولة في مدينة سلقين بتاريخ 29 نيسان /أبريل 2018، لكن عملية الخطف فشلت. في 3 أيار/مايو 2018، كما تم اختطاف الطبيب “أحمد حاج يوسف” من قبل عصابة أخرى من قرية معردبسة بتاريخ 6 حزيران/ يونيو 2018 وتم الإفراج عنه بعد عدة ساعات دون مقابل أيضاً

  • المسعف علاء العليوي:

عمل مسعفاً وناشطاً إغاثياً مع منظمة “سوريا الخيرية -‏‎Syria Charity‎”‏ منذ بداية الثورة في مدينة حلب، وبعد تهجيره من مدينة حلب وانتقاله إلى إدلب بقي في عمله لمدة ثلاثة أشهر، وبناء على طلبه انتقل إلى ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي ليفتتح هناك برعاية المنظمة مكتباً لرعاية الأيتام والعمل في المجال الإغاثي في قرية “كفر نبوة” بريف حماة الشمالي، وانتقل بعدها الى بلدة “صهيان” منذ ثلاثة أشهر. تمت عملية اختطافه على يد مجهولين في 18 أيلول سبتمبر 2018أثناء قيامه بمهمة توزيع كفالات للأيتام بريف إدلب. أنه كان يسلم الأطفال الأيتام إعاناتهم الشهرية في مكتب المنظمة بتاريخ 18 أيلول سبتمبر الماضي، وقد روى المسعف “علاء العليوي “تفاصيل اختطافه وقال: اقتحمت المكان الذي كنت أوزع فيه رواتب لزوجات الشهداء والمعتقلين في ريف إدلب الجنوبي مجموعة مسلحة مؤلفة من 10 أشخاص، وطلبوا من الحاضرين الانبطاح. وأضاف بأن أحد الأشخاص الذين كانوا ملثمين طلبوا منه بالذات النهوض واقتادوه إلى سيارة (فان) مملوكة للمنظمة، قبل أن يقيده أحدهم بالتزامن مع تلاسن وتضارب بينهما، فما كان من السائق إلا أن استدار وضربه -كما يقول- على رأسه بمسدس كان في يده فأغمي عليه وسقط على أرض السيارة. وقد استعاد وعيه بعد أن رشه أحد المسلحين بالماء، ووُضع في غرفة صغيرة مع مختطف آخر، ولكنه لم يتمكن من التحدث معه بسبب مراقبة الحراس وتشديدهم، وبعد أسبوع من اختطافه جاء إليه عدد من الملثمين، وطلبوا منه إرسال مقاطع صوت لأهله وللمنظمة التي يعمل فيها فأرسل -كما يقول- مقطعاً لمنظمة (Syria Charity) تحدث فيه حسب ما طُلب منه، كما أرسل مقطعي صوت لابن عم له ولأهله. بعد 7 أيام أُخرج المسعف المختطف خارج الغرفة التي احتُجز فيها وتم تعذيبه دون أن يعرف السبب، ليتضح فيما بعد أنها وسيلة ضغط على أهله للإسراع في إنهاء التفاوض معهم، وطلب الخاطفون في البداية -كما يقول- 200 ألف دولار وسمع بالرقم لأنهم كانوا يتحدثون مع أهله أمامه، ولم يعد يعرف أين وصل المبلغ، وعلم بعد نجاته أن المبلغ تم تخفيضه إلى 50 ألف دولار، وقال بأنه أمضى 32 يوماً من اختطافه في بلدة “معردبسة”، وكانت معاملة الخاطفين سيئة ولم تخلُ من التهديد والوعيد إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم، وكان يقدم له الطعام مع رفيقه لمرة واحدة عصر كل يوم وأحياناً قليلة مرتين، وتم نقلهما بعدها إلى “سراقب”، حيث بقي يوماً واحداً، وهناك حصل اشتباك بعد هجوم شنته “هيئة تحرير الشام” على المكان، وبدأ الرصاص ينهال عليهم وحينها استغل الفرصة مع رفيقه المخطوف وهربا دون أن ينتبه إليهما أحد والقيود في يديهما، وسلما نفسيهما لنقطة تتبع “تحرير الشام”، لينقل بعدها إلى مكان إقامته في ريف حلب الغربي.

  • التاجر عبدالله جمعة العوض(المرديخي):

ينحدر المرديخي من مدينة سراقب ويعمل في تجارة المواد الغذائية ويملك عدد من المحال التجارية الكبيرة في مدينة سراقب وقد خطف فيها بتاريخ 30/9/2018 بعد أن كان قادم من بلدة سرمدا الحدودية حيث أوقفته سيارة مدعياً أصحابها أنهم يحتاجون مساعدة وتم اقتياده بسيارته وبقاء سيارة الخاطفين في المكان الذي خطف منه وأتجه الخاطفون إلى جهة مجهولة بعدها تم التواصل مع ذويه للإفراج عنه مقابل 300ألف دولار أمريكي حيث تم تعذيبه وإرسال فيديوهات تظهر المخطوف وهو في حالة يرثى لها وقام بعد ذلك أهله بالتوصل مع الخاطفين لدفع 150ألف دولار أمريكي مقابل إطلاق وتم إطلاق سراحه في تاريخ في 28/10/2018

  • يحيى سليمان عوض:

وهو من أبناء مدينة إدلب ولديه منشرة لأحجار الرخام خطف على يد مجموعة مسلحة قامت بمداهمة منزله ولم تعثر عليه بمنزله لتقوم بملاحقته إلى مكان عمله في منشرة الحجر في منطقة (سرمين) والإمساك به وأخذه إلى جهة مجهولة وقد طلبت منه فدية قدرها (300) ألف دولار أمريكي للإفراج عنه،  وتم إعطاء عائلته فرصة محدودة بزمن وتم بث له صورة يظهر عليه آثار التعذيب بوحشية كبيرة وتم تهديد أهل بقتله في حال لم يدفعوا المبلغ في الوقت المحدد.

  • الطرق المتبعة في الخطف حسب شهادات المخطوفين:

تعمد عصابات الخطف على تنويع أساليب الخطف في كل مرة، حتى يتمكنوا من إيقاع الضحية بشكل سهل ومنطقي، في البداية كان الخطف بأن تأتي مجموعة مسلحة وتداهم منزل أو مكتب أو عيادة المخطوف ويقتادونه تحت تهديد السلاح بعد محاصرة المكان الذي يتواجد فيه بعناصر مسلحة ويتم أخذه ليلا حيث تكون الشوارع والطرقات خالية. تطور الأمر بعدها بأن تأتي مجموعة عناصر يدعون انهم تابعين لمراكز الشرطة أو انهم امنين تابعين لفصيل وعادة يقولون أنهم تابعين لهيئة تحرير الشام. وقد يكون الخطف عبر إجبار الشخص على الوقوف وهو يسير في أحد الطرق بقوة السلاح وإنزاله من سيارته وأخذه إلى جهة مجهولة كما حدث مع التاجر واصل العمر حيث كان ذاهب صباحا من قريته كفر بطيخ باتجاه فرن للخبز تعود ملكيته له حيث تم إيقافه في أحد الطرق الزراعية وخطفه. وفي بعض الحالات يتم إيقاف الشخص وطلب المساعدة منه كما حدث مع التاجر عبد الله العوض(المرديخي) حيث أوقفته سيارة شحن (كيا 400) تحمل مادة الملح وتظاهروا انهم سيارتهم عاطلة وطلبوا منه المساعد لتحريك سيارتهم وما أن نزل حتى تم خطفه وإبقاء سيارة الخاطفين في مكانها.

  • رأي المدنيين في المحرر عن حالات الخطف:

يعيش المدنيون حالة من القلق في ظل استمرار حالات الخطف التي لا يسلم منها أحد وخصوصا أصحاب الأموال حيث يرى البعض أن العيش لأصحاب رؤوس الأموال والاطباء لا يصلح في ظل استمرار حالات الخطف وتتباين آرائهم حول ألية الحد من حالات الخطف وعن الطرق الواجب اتخاذها لمنع تكرار مثل هذه الحوادث فبعض المدنيين يضع اللوم على الفصائل العسكرية ويحملها المسؤولية، وبين من يضع اللوم على التاجر أو الطبيب بانه خطف بسبب تهاونه وعدم اتخاذ إجراءات السلامة، ولدى حديثنا مع عدد من المدنيين: كانت الاجوبة على الشكل التالي: ـ عبيدة أبو علي وهو يعمل في تجارة الخضار والفواكه وعمل قبل عدة أعوام إداري في أحد محاكم ريف إدلب التابعة للفصائل العسكرية يرى أنه: “على التاجر ان يتبع إجراءات السلامة في حال السفر او التنقل وان يعمل بسرية وأن يأخذ احتياطاته وأن يغير آليته من فترة لفترة لأن هذا الامر يعيق على الخاطفين ملاحقته وسرد لنا عدد من القضايا التي كان شاهد عليها أنه في بعض الحالات يكون الخطف سببه خوف التاجر أو قلة وعي كانت سببا في خطفه كان يسلك طريق زراعي في وقت متأخر من الليل وان يقف لأي شخص على الطريق، لكن أبو علي حمل الفصائل العسكرية والمحاكم السبب فهم من يسيطرون على المنطقة وحماية المنطقة واجبهم وطالب من الفصائل ان يأمنوا الدعم الكامل للقضاة الذين يعملون في المحاكم المدنيين فإن اغلب القضاة يخافون من إصدار الأحكام ضد الخاطفين لأنهم معرضون للأمر ذاته إن لم يكون لهم حماية وبحسب قول أبو علي فقد تم إلقاء القبض على عدد من الخطافين وتم إخلاء سبيلهم بسبب خوف القاضي منهم وليس له دعم وحماية من الفصائل العسكرية”. ـ محمد أبو سعد وهو تاجر يعمل في تجارة المواد المنزلية قال: “نحنا في الشمال السوري أصبحنا لا نأمن على حياتنا من الخطف حيث أنني لا أخرج في تجارتي او سيارتي إلا في وضح النهار وأسلك الطرق المزدحمة والتي تكون فيها حركة مستمرة طوال اليوم وغالبا ما أنهي عملي قبل قدوم الليل وهذا الامر ساعدني كثير على حماية نفسي”، وحسب كلام أبو سعد فإنه “ينصح كل تاجر او طبيب يرى نفسه انه معرض للخطف ان يقوم بتأمين الحماية لنفسه عن طريق وضع مرافقة شخصية له من احد الشباب الذين يثق بهم من أقربائه او أبناء قريته حيث ان التاجر لو خسر 100 دولار أمريكي مرتبا لهذا الشاب أفضل من أي يخسر حياته وماله دفعة واحدة”. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى