محاربة تجار المخدرات أم تعويم النظام؟ ذلك هو السؤال
مرصد مينا
تاريخ المدى الحيوي للجنوب السوري كان على الدوام مع الأردن، ذلك ما تجاوز “سايكس / بيكو”، وتاريخ الكبتاغون السوري امتد من “قُم” في طهران إلى معامل ومستودعات الأسد، ومن بعده قفز إلى الأردن عبر شبكات بعضها في الجنوب السوري وهي محمية ومصانة من قبل النظام السوري، وبمواجهة ناس الجنوب، كل ناس الجنوب، حتى تحوّلت إلى ميليشيات مرعية من النظام، بل من رأس النظام وأخيه ماهر الأسد، وهذا أمر لم يكن ليتطلب إلى براهين، أما مواجهة الأردن لقوافل “الكبتاغون” وسواه، فبالضرورة كان يجب أن تبدأ من مواجهة المصدر وأذرعه، ولم يكن عبر قصف قرى في محافظة السويداء بمثل تلك المواجهة، فضحايا القصف الذي طال هذه القرى استهدف فقرائها وعائلاتها ومدنييها من الأطفال والنساء، وهنا برز سؤال كان مؤجلاً:
ـ ما الذي يعنيه ذاك القصف؟
إذا كان يطال مهربي المخدرات، أو مصنعيها فليس مكانهم في قرى مثل صلخد وعرمان وملح، وإذا كان كسراً لسيادة النظام، فليس للنظام مكان في هذه المناطق بعد أن دخل الناس في معركة مع النظام وأذرعه من شبكات المخدرات التي أوغلت في دماء الناس ما قبل إيغال الجيش الأردني بدمهم.
إذن ما الهدف؟
وسيكون سؤال ما الهدف متزامناً مع العصيان المدني الشامل الذي أعلنته محافظة السويداء بمواجهة النظام، وليس القصف سوى رسالة أردنية للناس العاصين على نظام الأسد وسوى:
ـ عودوا إلى حظيرته.
تلك هي القراءة الأكثر تداولاً من بين مجموع رسائل يقرأها الناس مع التأكيد أنهم ومنذ زمن بعيد مضى، وهم يخوضون معارك مع تجار المخدرات ومروجيها من بدو وفلاحين سابقين، ما يعني أن إدارة المملكة لابد تُنسق مع بشار الأسد لكسر إرادة الناس، وهذا هو الهدف الفعلي لهذه الغارات الحربية، وليس اجتثاث تجار المخدرات والدليل بالغ الوضوح ومن لديه دليل ما ينفي ما تقدم، فليتقدم باسم واحد من تجار المخدرات قتلته الغارات الحربية الأردنية وبالتأكيد لن يمتلك أي اسم، فتجار المخدرات ومروجيها ليسوا من بين السكّان، وإذا كان الأمر غير ذلك، فللسكّان ما يكفي من الرغبة والإرادة للتعاون مع القوات الأردنية لا جتثاثهم، هذا لو تطلبت الإدارة الأردنية التعاون، حتى أن ثمة من سكّان هذه المناطق من طرح اقتراحاً يقوم على الافتراض التالي:
ـ من المعروف أن للجيش الأردني قوات كوماندوس محترفة، وقوات كهذه قادرة على انزال جوي في مناطق الجنوب السوري، والسكّان جاهزون لمد يد العون إلى هذه القوات في القبض على تجار المخدرات، وهي عمليات كان يمكن أن تواجه نجاحاً دون التضحية بالمدنيين وإحداث ما يشبه المجزرة بين صفوفهم.. هذا إذا كانت إحداثيات ومواقع تجار المخدرات محددة كأهداف حربية، غير أن الأمر هو غير ذلك، فالأردن الذي اشتغل على إعادة تأهيل النظام وفشل بما يكفي، يلتف اليوم ليعيد الناس إلى النظام لاجئين وطالبين حمايته.
تلك أهداف القصف الجوي على قرى الجنوب، هذا ما يدركه أهالي الجنوب، ويضيفون في مخاطبتهم لإدارة المملكة وقواها الأمنية:
ـ إذا كان ثمن القصف العودة إلى النظام.. اقصفوا.
لم يعد ثمة “ممكن” واحد للعودة اليه.
غير أن اللعبة مكشوفة.