fbpx

مضيق هرمز.. قنبلة موقوتة

تتسارع وتيرة الأحداث والتوترات في مضيق هرمز، ولا تكاد تمر ساعات اليوم إلا وتحمل في جعبتها تطوراً سياسياً هاما، يصب في بحر الأزمة التي يبدو أنها تتحول تدريجياً إلى قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة.

مضيق هرمز، وهو أحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها حركة للسفن، ويقع في منطقة الخليج العربي فاصلاً ما بين مياه الخليج العربي من جهة ومياه خليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخرى.

المضيق، هو المنفذ البحري الوحيد للعراق والكويت والبحرين وقطر. تطل عليه من الشمال إيران (محافظة بندر عباس) ومن الجنوب سلطنة عمان (محافظة مسندم) التي تشرف على حركة الملاحة البحرية فيه على اعتبار أن ممر السفن يأتي ضمن مياهها الإقليمية.

يعتبر المضيق في نظر القانون الدولي جزءاً من أعالي البحار، ولكل السفن الحق والحرية في المرور فيه ما دام لا يضر بسلامة الدول الساحلية أو يمس نظامها أو أمنها. في 30 أبريل 1982م تمّ اعتماد الاتفاقية الدولية لقانون البحار، وذلك من جهة الدول المطلة على البحار، وأهمّ ما في هذه الاتفاقية هي المادة 38 منها وهي كالآتي: “تتمتع جميع السفن العابرة للمضائق الدولية، بما فيها مضيق هرمز، بحق المرور دون أي عراقيل، سواء كانت هذه السفن أو الناقلات تجارية أو عسكرية”.

يشهد مضيق هرمز منذ أشهر حالة من التوتر غير مسبوقة، فإيران التي وقعت تحت الضغوط الأمريكية، تهدد بإغلاق مضيق هرمز، الأمر الذي سيكون له عواقب وخيمة على أسعار النفط وبالتالي على الاقتصاد العالمي.

بداية الأزمة

في 12 مايو/أيار الأخير، تعرضت أربع سفن لـ”هجوم تخريبي” بالقرب من الفجيرة، في الإمارات العربية المتحدة.

وفي 14 مايو/أيار، أعلنت المملكة العربية السعودية أن اثنتين من محطات ضخ النفط لديها قد تعرضتا لهجوم من قبل الحوثيين، الذين تعتبرهم بمثابة القوة الضاربة لإيران في اليمن.

ثم بدأت الأحداث تتصاعد، وإيران تدخل المنطقة في شبكة من التعقيد الدولي، بهدف تصدير أزماتها الداخلية، والعقوبات الخارجية المفروضة عليها إلى خارج الحدود.

ويوم الجمعة، احتجزت إيران ناقلة نفط بريطانية في المضيق، وقال الحرس الثوري الإيراني، الجمعة، أنه قام باحتجاز ناقلة نفط بريطانية في مضيق هرمز، بحسب وكالة فرانس برس، وتذرع الحرس الثوري الإيراني بأن الناقلة المحتجزة “ستينا إمبيرو” لم تلتزم بقوانين الملاحة، ما تطلب منه احتجازها.

وأعلنت إيران أن الناقلة “موقوفة” لأنها “تسببت في حوادث بحرية يجري التحقيق فيها”، وطالبت فرنسا وألمانيا، كل على حدة، إيران بالإفراج الفوري عن الناقلة البريطانية.

ويقول مالكو الناقلة التي تحمل اسم ستينا إمبيرو إنهم فقدوا الاتصال مع الناقلة التي تحمل على متنها طاقما مؤلفا من 23 شخصا، وكانت متجهة إلى المياه الإيرانية.

وطالب متحدث باسم الخارجية الألمانية، السلطات الإيرانية بالافراج عن الناقلة، في بيان له، قال فيه “نحث إيران على الإفراج عن الناقلة وطاقمها فورا”.

وحذر المتحدث الألماني في بيانه، من أن أي تصعيد آخر في المنطقة سيكون خطيرا للغاية، وسيقوض كل الجهود القائمة لإيجاد سبيل للخروج من الازمة الحالية، حسب تعبيره.

في حين، أعربت المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل”، أمس الجمعة، عن قلقها بشأن الوضع في الخليج العربي، حيث قالت في تصريح لها “بالطبع أشعر بقلق، لا تستطيع أن تنظر إلى تلك المنطقة من دون أن تشعر بقلق، في هذه اللحظة. وأضافت، “ينبغي اغتنام كل فرص التواصل الدبلوماسي، لتفادي أي تصعيد”

تطورات عسكرية

ذكر الجيش الأمريكي، الجمعة، إن طائرات استطلاع غير مسلحة تحلق في المجال الجوي الدولي لمراقبة الوضع في مضيق هرمز، وذلك عقب احتجاز ايران لناقلتي نفط بريطانية، أمس الجمعة، في الخليج العربي.

وقال المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية ” اللفتنانت كولونيل إيرل براون” “لدينا طائرات دورية تعمل في المجال الجوي الدولي تراقب الوضع في مضيق هرمز، مضيفا أن هذه الطائرات على اتصال بالسفن الأمريكية في المنطقة.

وأكد براون أن “قيادة القوات البحرية الأمريكية على اتصال مع السفن الأمريكية بالمنطقة لضمان سلامتها”.

وتصاعد التوتر في الخليج العربي، أمس الجمعة، بسبب قيام الحرس الثوري الإيراني، باحتجاز ناقلة نفط بريطانية أثناء عبورها مضيق هرمز، واحتجاز ناقلة ثانية تملكها شركة بريطانية، لبعض الوقت قبل أن يفرج عنها، في حين أبقى الناقلة الأولى رهن الاحتجاز.

جاء ذلك عقب قرار لسلطات جبل طارق البريطانية بتمديد احتجاز ناقلة النفط الايرانية غريس1 لشهر إضافي، والتي كانت قد احتجزتها قبل اسبوعين لاتهامها بخرق العقوبات الأوربية المفروضة على سوريا وقيامها بنقل نفط اليها.

الخليج مستعد لكافة الخيارات

من جانبها، أعلنت المملكة العربية السعودية موافقتها على استقبال قوات امريكية في بيان نقلته وكالة “واس” عن مصدر مسؤول بوزارة الدفاع السعودية قوله بإنه “انطلاقاً من التعاون المشترك بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة ورغبتهما في تعزيز كل ما من شأنه المحافظة على أمن المنطقة واستقرارها، فقد صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود القائد الأعلى لكافة القوات العسكرية على استقبال المملكة لقوات أميركية.

من جهته حذر وزير الخارجية البريطاني “جيريمي هانت”، السبت، إيران من عواقب وخيمة إذا لم تفرج عن الناقلة اللتي تم اختطافهما خلال عبورها مضيق هرمز داخل المياه الدولية، مؤكدا لنظيره الأمريكي “مايك بومبيو”، أن طهران ستتكبد خسائر فادحة إذا تم تقييد حرية الملاحة الدولية.

ما النهاية؟

لا تبدو معالم الحل في مضيق هرمز واضحة حتى الساعة، فإيران التي ترفض الانصياع للقرارات الدولية، وتختلق أزمات في المياه الحاملة لأبعاد عالمية واقتصادية كبيرة لتعقيد المشهد، وفي ذات الوقت يشاهد الجميع على الطرف الآخر تحركات غربية وأمريكا، لا تحتوي قراراً حاسماً بالمواجهة، ولا قرارا لمسامحة إيران، ليبقى المشهد ضبابي حتى الساعة، بإنتظار أولى رصاص التحركات العسكرية أو لقاءات سياسية قد ينتج عنها حلول توافقية.

مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى