مظلوم عبدي: على مصر القيام بدور يتناسب وحجمها في حل الأزمة السورية
دعا القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، «مظلوم عبدي» دولة مصر إلى القيام بدور يتناسب مع حجمها في حل الأزمة السورية، محذراً من استمرار الخطر التركي على المنطقة، وأن عودة الاستقرار مرهون بدور مصري فعال في مختلف التوافقات، مشيراً إلى أن تركيا لديها مخطط معلن، وهو تطبيق أو تنفيذ ما تسميه هي بـ«الميثاق المللي التركي»، والذي يتخذ من العرق التركي أساسا لبناء وتنفيذ هذا الميثاق، والذي بموجبه تدعي تركيا أنها خسرت ولايتيّ الموصل وحلب بعد توقيعها هدنة مودرس عام 1918م، وبالتالي تطالب بعودة هاتين الولايتين للسيادة التركية. كاشفاً أن أنقرة تضع هاتين الولايتين ضمن الولايات التي تخصص لها ميزانية سنوية في مناقشات الموازنة التركية، وبشكل رمزي تخصص لكل ولاية ليرة تركية واحدة كميزانية سنوية.
جاء تصريحات «عبدي» خلال حوار مطول أجراه المرصد المصري التابع للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، مؤكداً أن وجود قوات التحالف الدولي، وأمريكا في مناطق شمال وشرقي سوريا مرتبط بمعارك الحرب ضد الارهاب وتنظيم «داعش» بشكل أساسي.
الجهود الروسية لم تثمر
ورأى القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، أن الأزمة السورية أصبحت أزمة دولية، ولا يمكن حلها إلا بالتوافق بين جميع الجهات الدولية ذات العلاقة»، معتبراً أن «الوجود الأميركي، من أجل الوصول إلى تسوية أمر ضروري، لهذا فإن انسحاب الجيش الأمريكي حالياً سيستفيد منه (داعش) لتهديد السلم العالمي مرة أخرى».
وفي رده على سؤال حول موقفهم من دمشق، والاتصالات الجارية بينهما، قال: «نحن جزء لا يتجزأ من سوريا، ودمشق عاصمة بلادنا، نعمل على أن نهيئ الأجواء لحوار سوري-سوري يلتقي فيه جميع الفرقاء السوريين للبحث عن مخرج لهذه الحرب والوصول إلى سلام يرضي جميع السوريين».
وأضاف أن «الإدارة الذاتية الديمقراطية التي نأتمر بأوامرها لديها اتصالات مع الحكومة السورية من خلال الأصدقاء الروس، لكن حتى الآن وللأسف؛ ليست اتصالات مبشرة بعملية حوار بناء، وما تزال الحكومة السورية غير جادة في فتح حوار حقيقي يفضي إلى حل. إن الجانب الروسي يعمل بجد لفتح حوار بيننا وبين الحكومة، لكن حتى الآن الجهود الروسية لم تثمر».
حل سياسي توافقي
وعن قضية عودة اللاجئين السوريين، ومعاناتهم بالخارج، سواء المهاجرين أو النازحين، أوضح «عبدي» أنه «لا يمكن حل قضية المهجرين أو المهاجرين، أو النازحين، إلا بإزالة الأسباب التي هُجّروا أو هاجروا أو نزحوا بسببها، والتي يمكن اختصارها باعتماد الدولة الحل الأمني للتعامل مع الحراك المطلبي السوري أولًا، ولجوء المعارضة إلى العسكرة ولغة السلاح ثانيًا، ونتيجة لهذا الصدام فتحت أبواب سوريا من جهاتها الأربعة أمام جحافل الإرهابيين الجهاديين، ومن ثم التدخل التركي واحتلاله لمساحات شاسعة من سوريا».
وأكد «عبدي» أنه ولكي يعود الناس إلى قراهم ومدنهم وتعود الأمور إلى نصابها، «على الحكومة أولًا الاعتراف بوجود أزمة حقيقة في البلاد، وأن هذه الأزمة تحتاج إلى حل سياسي توافقي، وفيما بعد على المعارضة أن تتخلى عن لغة السلاح والاحتكام إلى لغة الحوار، ومن ثم يعمل السوريون على طرد الاحتلال التركي الذي يعمل على تهجير السكان الأصليين، وجلب التركمان الأويغور وغيرهم من العناصر التركمانية وإسكانهم في الشريط الحدودي الشمالي للتلاعب بالهندسة الديموغرافية في سوريا».
أحزاب الإسلام السياسي
وعن أسباب استهداف تنظيم «داعش» الإرهابي، المنطقة الكردية ومحيطها بين الفينة والأخرى، عبر القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، عن اعتقاده أن سبب ذلك يكمن في أنه «لم يكن هناك أيّ نشاط لـ(داعش) في المنطقة الكردية، ومنذ إعلان خلافته المزعومة وسيطرته على مساحات واسعة من سوريا والعراق، أراد مباغتة الكرد والهجوم عليهم لسببين أساسيين، الأول: أنه من بين كل شعوب المنطقة فإن الشعب الكردي لم يكن لديه أحزاب الإسلام السياسي، والمسلمون الكرد هم عادة من الإسلام الوسطي المعتدل الرافض للفكر الجهادي والسلفية الجهادية، فأراد (داعش) أن ينتقم من هذا الشعب الشجاع الذي يجيد القتال جيدً ويشكل خطراً حقيقياً على الإسلام الجهادي والسلفي. أما السبب الثاني، الذي لا يقل أهمية عن الأول، فهو أن مناطق انتشار الكرد وإداراتهم سواء في جنوب كردستان (العراق) أو روج آفا (شمال سوريا) تشكل سداً يفصل بين دولة (داعش) المزعومة وبين حليفتها تركيا، وهم بشن الهجوم على مناطق الكرد إنما يرغبون بالوصول إلى الحدود التركية ليكون على تماس مباشر مع حليفهم».
الدعم التركي المشبوه
اتهم «عبدي» خلال إجاباته على أسئلة «المرصد المصري» بوجود مؤشرات تؤكد العلاقة بين النظام التركي والتنظيمات الإرهابية في سوريا، موضحاً أن «جميع المؤشرات والمعطيات التي بين يدينا وما عايشناه في هذه الحرب، تؤكد أن تركيا كانت تدعم وتساند (داعش)، وقدمت له كل إمكاناتها. فالمعابر الحدودية المشتركة بين تركيا والتنظيم كانت تعمل بشكل طبيعي، وكأنها معابر حدود رسمية بين دولتين، وجرحى (داعش) كانوا يتلقون العلاج في المشافي الحكومية التركية. كما اعتاد إرهابيو التنظيم على استخدام المطارات التركية ذهاباً وإياباً، وكان لدى داعش المضافات (المقرات) في معظم المدن التركية، ووظيفة هذه المضافات هي استقبال الإرهابيين الأجانب والتنسيق لعبورهم إلى سوريا، وكذلك تجنيد الإرهابيين المحليين، بالمختصر هذه المضافات كانت بمثابة سفارات رسمية لـ(داعش) لدى تركيا وبشكل علني جهاراً نهاراً»، مؤكداً أن أيّة «دولة تدعم تنظيم الإخوان المسلمين؛ أو تتماهي مع مخططات التنظيم العالمي هي حتماً تدعم الإرهاب»، في إشارة على شكل العلاقة التي تجمع قطر مع تركيا.
فتنة عرقية بين الكرد والعرب
واعتبر القائد العام أن تركيا بتلاعبها بالهندسة الديمغرافية لسوريا ترغب في تحقيق هدفين أساسيين، الأول: إحداث تغيير بالموازين السكانية، أيّ إحداث واقع (تركماني) في شمال سوريا؛ تستخدمه تركيا كذريعة لضم شمال سوريا إليها في إطار مشروعها المعروف بالميثاق (الملي)، والثاني: تسويق إسكان الغرباء في شمال سوريا بأنهم عوائل المهجرين أو المهاجرين والنازحين من مناطق الغوطة أو حماة أو حمص؛ لخلق ردة فعل سلبية بين المكون الكردي، وبالتالي إحداث شرخ سكاني، والعمل على فتنة عرقية بين الكرد والعرب في سوريا».
وفي ختام حواره مع «المرصد المصري» تحدث «مظلوم عبدي» عن التحركات التركية فيما يتعلق بسوريا وليبيا وشرق المتوسط، وأنها بالأساس أنشطة مزعزعة لاستقرار دوائر الأمن القومي المصري، مؤكداً أن لمصر «دور كبير بما لها من وزن ومكانة في المنطقة والعالم، يمكننا القول إن السلام والاستقرار في المنطقة مرهون بالدور المصري، وتوجد نسبة كبيرة من السوريين بمختلف مشاربهم وانتماءاتهم يعتقدون أن مصر قادرة على ممارسة دورها الفاعل والمأمول منها في سوريا»، مشيراً إلى أنه على يقين بأن «الحضارة المصرية الضاربة بجذورها في عمق التاريخ لا يمكن أن تتقبل الانقياد للمشروع التركي الغريب عن ثقافة أهلها وناسها، ونأمل منها أن تقوم بدور يتناسب مع حجمها في حل الأزمة السورية، ومن جانب نرحب مرة أخرى بمثل هذا الدور».